الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

حواديت عيال كبرت "36".. حكاية العمدة وعم سيد وورك الفرخة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كثيرة هي صور الوجع، متنوعة بالقدر الذي يضحكك من شدة الألم، حكايات عدة لبشر جاءوا إلى الحياة ومضوا دون حتى أن يحققوا أقل أمل لهم.. هذا الأمل ليس سيارة ولا فيلا في الساحل الشمالي ولا شقة في العاصمة الإدارية، أتتذكرون فرحة "طواف" بالحذاء بعدما عاش طيلة حياته حافيًا"، من شدة فرحته لم ينتعله وضعه تحت إبطه حتى مات، كذلك عم سيد ذلك الفلاح الفقير الذي أكل "مِش بدُوده" حتى تيبست معدته؛ كانت قطعة لحم أو ورك فرخة بالنسبة له حلمًا بعيد المنال، هذه ليست مبالغة، والدليل أن هناك بشرًا الآن يأكلون من القمامة، عم سيد نخر دود المش معدته حتى بات غير قادر على ابتلاع "ريقه"، نقلوه إلى مستشفى البندر، ألقوه على سرير هناك، الحالة متأخرة لم يعد لها علاجًا، الأوردة والعروق هربت من إبر المحاليل، الرجل يذهب بروحه إلى مكان لا يعرفه أحد ثم يعود، وفجأة ذهب ولم يعد، ليس له أهل ولا أحد يتسلم الجثمان، اتصلت إدارة المستشفى بالعمدة أخبروه بضرورة حضوره ليتسلم جثمان الرجل، غضب وقال "يرموه في البحر"، على مضض ذهب خشية أن يخسر شعبيته بين الحرافيش، حينما وصل إلى المستشفى أخبره الطبيب أن عم سيد مات وهو يمسك "جيب الصديري" وتيبست يده عليه، والحل كسر اليد؛ حتى يتم تغسيله وتكفينه، راح ذهن العمدة أن السيد يقبض على تحويشة عمره، فرفض بشدة اقتراح الطبيب واستخدم معارفه وأخبرهم أن الرجل "غلبان" ويجب تكريمه وأنه سيأخذه ويغسله ويخرج من بيته ليعرف أهل القرية أن العمدة أب للجميع، أشار للخفراء فحملوه ووضعوه في سيارة العمدة المرسيدس، تظاهر العمدة بالبكاء وحينما ركب السيارة قال: ابسط يا بن المحظوظة مركبتش طول عمرك غير الحمار، علشان تعرف إنت عزيز عليّ أد إيه، أصر العمدة على وضع عمنا سيد في غرفته وأخبر الجميع أنه سيغسله بنفسه، دمعت عيون الناس من شهامة العمدة وإنسانيته، حمل سيد ووضعه على المغسلة وتحسس يده وجيب الصديري وهو يقول: يا حبيبي يا سيد تصدق أنا زعلت عليك، أنا هخرج لك من تحويشتك دي صدقة، قص العمدة جيب الصديري وبقوة خلصه من يد صاحبنا السيد، وكانت المفاجأة "وِرك فرخة" كان حلم الرجل، وحينما وزّعوه عليه في المستشفى كان لديه أمل أن يتعافى ويأكله فوضعه في "جيب الصديري"، صرخ العمدة على الخفراء: تعالوا شيلوا الزفت ده ادفنوه؛ يا حضرة العمدة من غير تغسيل ولا كفن؟ قالهم شيلوا بقولكم.. خرجوا به على أهل القرية وأخبروا الناس أن العمدة أمر بدفنه من غير غسل ولا كفن، فصرخ أحد العوام إذًا لقد رأى العمدة علامة وعم سيد طلع ولي.. ردد الناس الكلمة.. عم سيد ولي.. عم سيد ولي.. خرج العمدة وفي يده "ورك الفرخة" فصاح الناس مدد، الأمارة ظهرت. وبدلًا من دفن عمنا السيد في مقابر الصدقة جعلوا له مقامًا، وبات يوم وفاته تجمعًا لأكبر مأدبة طعام يقيمها العمدة ومن ورثه.