رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

المتطرفون في أفريقيا.. تجار دين وقتلة وأغنياء حرب.. "حركة شباب المجاهدين".. السيطرة على السلطة أول أهدافها.. عدم الاعتراف بـ"الوطن والمواطن" أهم أفكارها.. والجهاد المسلح ماضٍ إلى يوم القيامة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تنوعت مناهج التغيير لدى الحركات الإسلاموية فى قارة أفريقيا، بحسب الظروف الخاصة بكل بلد أفريقي، فكلما برزت الاضطرابات السياسية، والمشكلات الاجتماعية لدى بلد ما، تبنت الحركات الإسلامية الموجودة بها مناهج العنف فى التعامل مع السلطة.



حركة شباب المجاهدين بالصومال.. الإرهاب فى اللا دولة
«حركة شباب المجاهدين» هى حركة ذات توجه إسلاموى سلفي، هدفها- حسب زعم مروجيها- إقامة دولة على أسس الشريعة، تستهدف التغيير من أعلى؛ إذ تجعل من السيطرة على السلطة أول أهدافها، ارتبطت بتنظيم القاعدة من خلال وساطة بعض مسئولى خلايا التنظيم الدولى فى شرق أفريقيا، تأُسست فى أوائل ٢٠٠٤ باعتبارها الذراع العسكرية لاتحاد المحاكم الإسلامية، لكنها انشقت عن المحاكم بعد انضمامها إلى ما يعرف بـ«تحالف المعارضة الصومالية».


ترى الحركة أن الصومال ساحة مواجهة للنفوذ والدور الإقليمى لإثيوبيا والولايات المتحدة من منطقة القرن الأفريقي، وأن الصومال المقبل يجب أن يحكم وفق أسس تعتمد الرؤية الإسلامية، ومن ثم فهى تؤمن أنه لا نهاية للمقاومة إلا بتأسيس سلطة إسلامية واضحة المعالم والمفاهيم والمرجعيات وضرورة إعادة توحيد ما انقسم عن الصومال، مثل جمهورية أرض الصومال.
وتنطلق الحركة من أسس فرعية تتضمن رفض التعامل مع مؤسسات الدولة على اعتبار أن ذلك سيؤدى إلى اعتراف وتقوية مؤسسات الكفرية، واعتبار الحكومات والنظم السياسية القائمة أنظمة كفر تخالف الإسلام وتعادى الشريعة.
كما تتضمن عدم الاعتراف بمفاهيم الوطن والمواطن باعتبارها قيما ترسخ الأفكار والمبادئ العلمانية، والاعتماد على مقولة فقهية قديمة تقسم العالم إلى قسمين: دار السلم ودار الحرب.


ومن أفكارها أن الجهاد المسلح ماضٍ إلى يوم القيامة وسيتواصل ولن يقف عند حد، والسعى إلى تحرير جميع الأراضى الصومالية حتى الأقاليم التى تحتلها إثيوبيا وكينيا، منذ ما قبل الاستقلال بالجهاد المسلح.
وبناء على تلك الأفكار قام تنظيم الشباب بإعدام مئات من المسيحيين الصوماليين منذ عام ٢٠٠٥، وكذلك قامت الميليشيا التابعة لهم بإعدام أشخاص اشتبه فى تعاونهم مع الاستخبارات الإثيوبية، كما قامت الميليشيا بهدم أضرحة تابعة لمسلمين صوفيين فى المناطق التى تسيطر عليها إضافة إلى إغلاق مساجدهم ومجامعتهم؛ بدعوى أن ممارسات الصوفيين تتعارض مع مفهوم هذه الجماعة للشريعة الإسلامية. كما تقوم الجماعة من خلال ما تسميه «محكمة إسلامية» بالحكم على نساء ورجال بالجلد من قبيل «الزنا». فيما يتهمهم الرئيس الصومالى شيخ شريف شيخ أحمد بتشويه الإٍسلام ومضايقة النساء.
ولا يقتصر تهديد حركة الشاب على الصومال، والمساعى الدولية لإعادة بناء الدولة الصومالية عن طريق استهداف المسئولين الحكوميين، وزرع عبوات ناسفة لها، وشنِّ هجمات على المرافق الحكومية، وإنما تشكِّل خطرًا متزايدًا على دول شرق أفريقيا وخصوصًا كينيا المجاورة للصومال، وتحاول الحركة بشكل أساسى استهداف قطاع السياحة فى كينيا واستنزاف اقتصادها، باعتبار أن أغلب العمليات المسلحة التى شهدتها كينيا كانت تستهدف السياح الأجانب والمناطق السياحية.
بوكوحرام: الإرهاب يرتع تأُسست جماعة بوكوحرام بمسجد «ابن تيمية» فى ولاية يوبى بشمال شرقى نيجيريا عام ٢٠٠٢ على يد الداعية الشاب «محمد يوسف» الذى أعدِم لاحقًا فى ٣٠ يوليو ٢٠٠٩ من قبل السلطات النيجيرية.
وارتبطت البداية الدعوية لمحمد يوسف، مع «جماعة الإخوان» فى نيجيريا بقيادة إبراهيم زنكي، التى اتخذت لنفسها مسمى «التجديد الإسلامي»، لكن يوسف اقترب فى عام ١٩٩٤ من جماعة «إزالة البدعة وإقامة السنة» التى أسسها «أبوبكر جومي» كبير القضاة فى شمال نيجيريا خلال سبعينيات القرن العشرين.
وانطلقت الرؤية الفكرية لمؤسس «بوكوحرام» فى سياق أفكار الجهاد العالمية، و«عالمية المواجهة»؛ حيث اتفق محمد يوسف مع أسامة بن لادن على أن تطبيق الشريعة المعلن ناقص بنيجيريا.
وبحسب «مانفيستو» أو بيان الجماعة الذى وضعه يوسف بعنوان «هذه عقيدتنا ومنهاج دعوتنا» تكون الرؤية الفكرية لبوكوحرام على الأسس التالية: الحاكمية: بمعنى تكفير الحكم الوضعى والديمقراطية واعتبارها أديانًا مخالفة للإسلام وخروجًا منه، واعتقاد الفرقة الناجية وأنهم الطائفة المنصورة المبشّر بها فى نبوءات آخر الزمان، وتحريم التعليم الغربى من المدارس إلى الجامعة، وضرورة إقامة «الدولة الإسلامية» والبيعة للإمام، والولاء والبراء ومعاداة المخالفين، سواء من المستغربين أو من الاتجاهات المذهبية الأخرى كالصوفية والتشيّع.
وبالنظر إلى تلك المبادئ نلاحظ - بشكل واضح - مدى التحول من الرؤى الإصلاحية التى تميز الشخصية الإسلامية إلى المسار «الثورى المسلح»، الذى عبرت عنه تلك الحركة فى غرب أفريقيا.
فى هذا كانت أولى العمليات المسلحة عام ٢٠٠٣، والتى قام بها التنظيم بعد انتشار الجماعة فى ولايات شمال شرق نيجيريا الخمس (غومبى وأدماوا وبرنو ويوبى وباوشي)، وكذلك فى ولايات الشمال والشمال الغربى وهى (كانو وجيغاوا وكاتسينا وسوكوتو وكبي) كما تمددت تهديدات بوكوحرام إلى دول الجوار بعد ذلك، وشنت عمليات فى النيجر وتشاد والكاميرون.
فى ٨ مارس ٢٠١٥ بايعت «بوكوحرام» تنظيم داعش فى بيان صوتى بُث عبر حساب الحركة على تويتر، على لسان زعيمها «أبوبكر شيكاو»، الذى أعلن بيعته والتزامه بالسمع والطاعة فى العسر واليسر. وهو ما أعطاها زخمًا أكبر فى إقليم غرب أفريقيا. وقد عبر عن ذلك الرئيس النيجيرى محمد بخارى أمام البرلمان الأوروبى فى ٣ فبراير ٢٠١٥ باعتبارها «بوكوحرام» قنبلة موقوتة فى أفريقيا. ففى فبراير من العام الحالى شن التنظيم هجومًا على مدرسة بولاية دابشى شمالى نيجيريا؛ ما أسفر عن فقدان ١١٠ تلميذات.
بالرجوع إلى أصول الجماعة الفكرية نجد فيها كثيرًا من مظاهر الغلو أو التطرف الديني، كالتكفير واعتزال المجتمع، واستخدام القوة فى تحقيق الأهداف، ومحاولة القفز مما هو كائن إلى ما ينبغى أن يكون دون المرور بمرحلة الممكن.


تغيير من منظور اجتماعى
تأثرت الحركات الإسلامية فى جنوب أفريقيا بطبيعة الحضور الإسلامى فى هذا البلد؛ حيث يصل عدد المسلمين إلى ٤ ملايين من أصل ٥٠ مليون نسمة بجنوب أفريقيا. وبجانب الخبرة السلبية للتاريخ العنصرى فى جنوب أفريقيا فضلًا عن بعدها النسبى عن قضايا الشرق الأوسط والعالم الإسلامي، نجد أن الحركات الإسلامية فى جنوب أفريقيا أكثر ميلًا إلى التغيير من أسفل بمعنى تطوير المجتمع أولًا. ويمكن الإشارة إلى حالتين من تلك الحركات فيما يلي:
«الإسلام التقدمى»
أسست على يد فريد إسحاق، الذى ينتمى إلى جذور آسيوية؛ حيث ينتمى إلى المالايو، لم تتأثر الحركة كثيرًا بالمجال الدولى الإسلامي، وإنما انحازت بشكل كبير لتوجهات «المؤتمر الوطنى الأفريقي» النضالية، وتنطلق الحركة فى رؤيتها للتغيير فى المجتمع من الأبعاد الاجتماعية، مثل تحرير النساء؛ حيث يطالب بضرورة دمج التعاليم الدينية بالواقع الاجتماعي. فالتغيير الذى طرأ على طبيعة الأسرة، وزيادة القدرة على القراءة والكتابة، والاستقلال الاقتصادى المتنامي، كلها أمور تتطلب إعادة التفكير فى القضايا الأخرى الخاصة بالحداثة.
«الشباب المسلم»
نشأت هذه الحركة عام ١٩٧٠، على أيدى مجموعة من رجال الأعمال والمهنيين المسلمين، يشرف عليها «مركز الدعوة الإسلامية» التابع للشيخ أحمد ديدات، وهو ما يعنى أن حركة الشباب المسلم منذ نشأتها تحظى بدعم منظمات ومؤسسات العمل الإسلامى فى جنوب أفريقيا. وتؤكد الهوية الواحدة لمسلمى جنوب أفريقيا، كما أنها حددت من جانب آخر وجهة الحركة وشعبيتها المتزايدة، إذ كان عدد الحضور فى هذه المؤتمرات يتجاوز الخمسة آلاف شخص، وقد اعتمدت الحركة على ٥ مبادئ حاكمة هي: مبدأ وحدة الأمّة، وذلك لمواجهة الانحيازات العنصرية والولاءات الإثنية التى ظهرت بين مسلمى جنوب أفريقيا، والتفاهم والتعليم؛ حيث يتم السعى لجعل تعاليم الإسلام سهلة وفى متناول الجميع، وإعادة الاعتبار للمسجد فى الإسلام باعتباره مؤسسة شاملة، وليس مجرد مكان لأداء الصلاة، وإعادة اكتشاف شخصية النبى محمد من خلال آيات القرآن الكريم الدالة عليه، وأهمية مشاركة المرأة ودورها فى الجماعة.