قال الدكتور حسن حمودة أستاذ الأدب العربي بجامعة القاهرة: إن جلال أمين واحدا من المثقفين المصريين القلائل الذين حافظوا على الإيمان بدور المثقف الموسوعي، الذي يجب أن يكون متعدد الاهتمامات، مشغولا بقضايا وطنه، قادرا على أن يجاوز حدود تخصصه ليشارك في الحياة العامة، وأن يتخطى الاكتفاء بالمساحة الضيقة المحصورة داخل أسوار الجامعة.
وأضاف حمودة في تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز": أن الدكتور جلال أمين اهتم بمجال تخصصه، الاقتصاد، ولكنه استطاع أن يربط هذا المجال بقضايا حيوية تخص مجتمعه، وتنطلق من زمنه، وتلتقط المتغيرات الكثيرة التي تطرأ على جماعته وعلى وطنه وعلى العالم كله، فله كتابات وفيرة حول المجتمع المصري وما طرأ عليه خلال بعض الفترات، ومنها كتابه الشهير "ماذا حدث للمصريين"، ولكنه كتب أيضا عن دوائر أوسع تخص المجتمع الإنساني الأكبر، والتحولات الكبرى التي مرّ بها، ومن ذلك اهتمامه بقضايا "العولمة"، وبإعادة النظر في تصنيف دول العالم بين متخلفة ومتقدمة، إلخ. وفي كتاباته المتنوعة، ومنها سيرته "ماذا علمتني الحياة"،
وأوضح "حمودة" أن جلال أمين ظل صاحب أسلوب في الكتابة عذب وممتلئ بأسباب الحياة، بعيد عن الخضوع لأية "كليشيهات" جاهزة وتعبيرات ومصطلحات أكاديمية تبعده عن القارئ العادي، على الرغم من عمق الأفكار التي يتناولها، وتعقيد الظواهر التي يحللها.. وقد التقيته مرات كثيرة في تحكيم إحدى الجوائز الأدبية، ورأيت فيه صورة حية من كتاباته: البساطة، والعمق، والحس الإنساني، والروح التي لا تخلو من نزعة للفكاهة أحيانا، بالإضافة طبعا للجدية والاحترام.. رحل جلال أمين ولكنه ترك بين أيدينا ما يجعله باقيا معنا لزمن طويل قادم.
