الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

هدية إسرائيل للجيش العربي السوري..!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم يكن وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف، يعلم أن تصريحاته التى أطلقها فى الـ20 من أبريل الماضى، بشأن عدم شعور بلاده بوجود أى التزام أخلاقى يمنعها من تزويد الجيش السورى بمنظومة الدفاع الصاروخية الـ«إس 300» ستترجم إلى قرار عملى بعد خمسة أشهر فقط.
تصريحات لافروف أعقبت العدوان الثلاثى الأمريكى البريطانى الفرنسى على سوريا، بعد اتهام الأخيرة باستخدام الأسلحة الكيميائية المحرمة دوليا فى مدينة «دوما»، وعلى ما يبدو؛ فإن تدعيم قدرات الجيش العربى السورى بالمنظومة الصاروخية المتطورة، كان هدفا روسيا للحد من الهجمات الإسرائيلية على مواقع الجيش السوري، والتى بلغت نحو 200 طلعة جوية قامت بها الطائرات الإسرائيلية منذ عام 2017.
لكن روسيا كانت تجد حرجا كبيرا فى الإقدام على هذه الخطوة بسبب التزام الجانب الأمريكى بعدم استهداف النقاط المحرمة لتواجد قوات ومراكز روسية بها، وكانت تعد خطوطا حمراء لا يمكن تجاوزها تفاديا لوقوع مواجهة عسكرية مباشرة بين الجانبين.
ذات المستوى العالى من التنسيق كان يتم بين القادة العسكريين الإسرائيليين والروس قبل قيام الطائرات الإسرائيلية بشن هجمات عدوانية ضد المواقع السورية بوقت كاف.
هذه المرة راوغت إسرائيل وقامت بالإبلاغ عن قيام طائراتها بهجمات على مواقع سورية قبل وقوعها بدقيقة واحدة، وبحسب التقارير العسكرية الروسية تسببت المناورة الإسرائيلية فى أن تستهدف صواريخ الدفاع السورية طائرة الاستطلاع الروسية بطريق الخطأ؛ حيث أبلغ الجانب الإسرائيلى العسكريين الروس بشن هجمات بعد بضعة دقائق، إلا أنه لم يمهلهم الوقت الكافى لتفادى وقوع خسائر فى القوات الروسية، وفوجئ القادة الروس بوقوع الهجمة بعد دقيقة واحدة.
ربما أرادت إسرائيل توريط القوات السورية فى الحادث لخلق أزمة ولو مؤقتة بين الحليفين الروسى والسوري، وقد عبر بيان وزارة الدفاع الروسية عن هذا المعنى، عندما أشار إلى أن تصرفات الطيارين الإسرائيليين كانت من «أفعال الهواة» وربما من الأفعال الجنائية.
لكن موسكو لم تشأ تصعيد الأزمة باتهام إسرائيل بتعمد إسقاط الطائرة بشكل مباشر، واكتفت باعتباره خطأ غير مقصود؛ لأنها أدركت أن هذه اللحظة ربما لا تتكرر مرة أخرى، وسارعت إلى اتخاذ قرار تزويد الجيش العربى السورى بمنظومة الدفاع الصاروخية الـ«إس 300»، وكذلك التشويش على أى طائرات تحاول تنفيذ أى هجمات على سوريا خاصة من البحر المتوسط.
الرئيس الروسى فلاديمير يجيد اقتناص الفرص التى تمكنه من اتخاذ خطوات على الأرض من شأنها الحد من الضربات العسكرية التى تسعى إلى تقويض قدرات الجيش السورى فى مواجهة الجماعات الإرهابية المسلحة المدعومة إسرائيليا وأمريكيا.

فمن المعروف أن ما تسمى بقوات التحالف الدولى بزعامة الولايات المتحدة دأبت على استهداف مواقع الجيش السورى منذ عام 2011، ولم توجه ضربات عسكرية ذات شأن لتنظيم داعش الإرهابى، الذى تمكن من التوسع فى احتلال الأراضى السورية تحت رعاية ذلك التحالف على مدار 4 سنوات حتى سبتمبر 2015 عندما تدخلت روسيا التى دعمت الجيش العربى السورى فى القضاء على التنظيم وغيره من التنظيمات الإرهابية كـ«النصرة وأحرار الشام وجيش الإسلام والجيش السورى الحر»، لينجح فى تحرير أغلب الأراضى السورية.
وكشفت صحيفة «فورين بوليسى» الأمريكية قبل أسابيع، وعلى لسان 24 من أعضاء الجماعات الإرهابية المسلحة فضيحة دعم إسرائيل 12 فصيلا إسلاميا بالسلاح والمؤن، علاوة على المال طوال السنوات الماضية، ما يعنى أن إزاحة التواجد الإيرانى من المشهد السورى ليس الهدف الوحيد للهجمات العدوانية التى كانت تنفذها كل من قوات التحالف الدولى وإسرائيل.
فدعم التنظيمات الإرهابية لإبقاء سوريا مشتعلة هدف رئيسى لكل تلك الأطراف، وها هى تمهد للدفاع عنها فى معركة «إدلب» بإطلاق تحذيرات استباقية من استخدام الأسلحة الكيميائية، وهى الذريعة التى فشلت الولايات المتحدة فى إثباتها بكل المرات السابقة.
ومع ذلك يبقى السؤال: هل سيسهم القرار الروسى بتزويد الجيش العربى السورى بالمنظومة الصاروخية المتطورة فى منع الهجمات الإسرائيلية أو على الأقل الحد منها؟! هل ستجعل هذه المنظومة المتطورة ورادارات التشويش الروسية الولايات المتحدة وحلفاءها، يفكرون مليا قبل الإقدام على عمل عسكرى عدائى ضد الجيش السورى حال اقترابه من حسم معركة إدلب عسكريا؟! ما طبيعة الاتفاقات السياسية والعسكرية بين روسيا وكل من أمريكا وإسرائيل فى المستقبل مع امتلاك سوريا المنظومة الجديدة؟!
المحللون السياسيون والعسكريون الإسرائيليون اعتبروا سقوط الطائرة الروسية ورطة وقعت فيها تل أبيب مع موسكو، وبحسب موقع المصدر الإسرائيلى، أجمع المحللون الإسرائيليون على تغير المعادلة حتى قبل الإعلان الروسى عن تزويد سوريا بمنظومة الـ«إس 300»، وتوقعوا أن تفقد إسرائيل ما كانت تتمتع به فى السابق من حرية التحرك فى الأجواء السورية، وأنها ستضطر لإبلاغ روسيا بكل عملياتها العسكرية قبل شنها بوقت كبير، بل إنهم توقعوا القرار الروسى بشأن مد الجيش السورى بأسلحة متطورة.
إسرائيل ومن حيث لا تدرى أهدت الجيش العربى السورى منظومة الـ«إس 300»، لينقلب السحر على الساحر فى لحظة دراماتيكية لم تكن متوقعة.
بقى علينا فى الإعلام المصرى الكف عن استخدام مصطلحات مثل المعارضة المسلحة المعتدلة، وقوات الأسد، فتلك اللغة تضلل الرأى العام؛ لأن المسلحين إرهابيون وليسوا ثوارا، ومن يحاربهم هو الجيش العربى السورى وليس ميليشيات النظام.