الأربعاء 22 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

فتنة نعم.. طائفية لا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

قبيل قيام ثورة 25 يناير بفترة زمنية قصيرة، وبمناسبة الاحتفال بانتهاء فترة خدمته، تحدث الجنرال عاموس يادلين، المدير السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية الصهيوني - متباهيًا - أمام الكاميرات: (... لقد تطور عملنا في مصر حسب الخطط المرسومة منذ عام 1979، فقد أحدثنا اختراقات سياسية وأمنية واقتصادية في أكثر من موقع ونجحنا في تصعيد التوتر والاحتقان الطائفي والاجتماعي لتوليد بيئة متصارعة ومتوترة دائمًا ومنقسمة إلى أكثر من شطر لتعميق حالة الاهتراء داخل البنية والمجتمع والدولة المصرية ولكي يعجز أي نظام يأتي بعد حسني مبارك عن معالجة مظاهر الانقسام والتخلف والوهن المتفشي في هذا البلد....)
وكان هذا الحديث متواكبًا مع أحداث جريمة تفجير كنيسة القديسين فى الإسكندرية التى حدثت قبل اندلاع ثورة يناير بشهر واحد.
** تذكرت هذا الحديث لعاموس يادلين، وأنا أتابع الجريمة الجديدة التى اندلعت منذ أيام شرارتها الأولى فى قرية الخصوص بمحافظة القليوبية.. والتى بدت فى صورتها الأولى مجرد حادثة تافهة وصغيرة قام بها أطفال.. والتى راح ضحيتها خمسة مواطنين مصريين ما بين قتيل وجريح فيهم من يدين بالإسلام ومن يدين بالمسيحية، لكن جميعهم يحملون جنسية بلد واحد هي مصر.. ثم تتتابع الأحداث وتمتد الشرارة إلى القاهرة، حيث الكاتدرائية المرقسية فى العباسية أثناء تشييع جثامين ضحايا القرية.. ويسقط قتلى وجرحى جدد.
حادثة تبدو تافهة في تفاصيلها بدأها أطفال، وإذا بها تنتهى بدماء مراقة لمصريين، تمتزج دماؤهم بتراب شوارع مصرية، تربى فيها هؤلاء المصريون وشبوا، بل ومنهم من شاركوا فى ثورة مصرية على نظام سابق رأوا فيه النظام الأكبر في استبداده وطغيانه وفساده.. ورحل النظام وجاء نظام جديد اعتقده البعض من الشعب المصري الطيب نظامًا مختلفًا، بل رأوا فيه نظامًا يخاف الله ويخشاه طالما هو يرفع كلمات الله ويتحدث باسم الدين!! - وليتهم ما اعتقدوا -
** حادثة قرية الخصوص ليست بالحادثة بل إنها جريمة.. وليست بالتافهة لكنها جريمة كبرى، وهى ليست كما قال عنها المتحدث باسم رئاسة الجمهورية (إنها لا تعد أكثر من محاولات بائسة من أعداء النظام لإشعال الفتنة).. ووصفتها المصادر الرسمية: (إنها الفتنة النائمة لعن الله من أيقظها )..
ولو أنها.. كما قال المتحدث الرسمي للنظام ( ليست سوى محاولات بائسة من أعداء النظام ).. فإن أسئلتنا هي: وأين هو هذا النظام بكل مؤسساته مما حدث؟
إن الاشتباكات التى حدثت فى محيط الكاتدرائية لم تكن بين مسيحيين ومسلمين.. بل كانت من مجهولين يطلقون الرصاص الحى على مسيحيين مصريين.. وكل من تواجد في المكان يعرف هذا.. فهل هذا كان خافيًا عن الجهات الأمنية للنظام؟ وعن أفراد شرطة النظام المتواجدين مصطفين في مسرح الحدث؟! لماذا وكيف وقفت الجهات الأمنية للنظام موقف المتفرج والرصاص الحى يصوب من مجهولين، ويتساقط الضحايا بين موتى وجرحى؟
من كان هؤلاء الذين يحملون السلاح القاتل يصوبونه فى وضح النهار وأمام أعين أمن النظام الواقف موقف المتفرج السلبي؟! أين كانت قيادات شرطة النظام وأين وزيرداخلية النظام؟ وكيف يتركون الأحداث تتصاعد هكذا دون أي تدخل وأي حماية للمواطنين العُزل الذين يحملون جثامين أبنائهم وذويهم؟!..
وأين رئيس الدولة نفسه وهو المسئول الأول عن حماية المواطنين؟!.. أين اختفى طيلة فترة الأحداث ولمصلحة من هذا الاختفاء؟!.. وما هذه التصريحات المتأخرة الضعيفة الباهتة التى صدرت عنه بعد صمته (إن الاعتداء على أي مسيحي فى مصر هو اعتداء عليه شخصيًا) !! هل هذا هو كل ما استطاع أن يقوله بعد الصمت؟! .. كيف تصمت يا رئيس مصر، وانت ترى الوطن يتمزق ويموت المصري برصاص أطلقه عليه مصري مجهول لنا معروف لمن استخدمه وأرسله لتشتعل النيران على أرض مصر؟! ثم تنطق بما نطقت به وكأن ما حدث كان مجرد مشاجرة بسيطة؟!..
** صمت رئيس مصر تجاه حدث بهذا الجلل، مريب ومؤسف وحديثه كما صمته.. وهو ذات الصمت الذي يمارسه منذ توليه الحكم تجاه سيل السموم التى تبثها القنوات الفضائية التى تسمى كذبًا بالدينية، وأحاديث شيوخ الإفك والضلال الذين لا ينطقون إلا بكل ما هو كريه وقبيح وكاذب من أحاديث تدفع دفعًا إلى القسمة والتفرقة وزرع الكراهية بين أبناء الوطن الواحد، أحاديث وأقوال ينسبونها للإسلام وهو منهم ومنها برئ!..
فأين أنت يا رئيس الدولة من هذه العقول ذات الأفكار الشيطانية التى تستهدف تمزيق مصر بل وخراب مصر، والتي تتوافق تمامًا وما يريده أعداء مصر من الصهاينة.. ولماذا تغمض عينيك عن ناشري الكره ومحدثي الفتنة، فى نفس الوقت الذى تفتحها بكل اتساعها مع الصحفيين من خارج دائرتك الإخوانية وتطاردهم بالبلاغات والقضايا لإرهابهم وإخراس ألسنتهم؟..
هل تعلم يا رئيس مصر، تأثير هذه القنوات وما يبثه فيها شيوخ الإفك من كراهية وأحقاد، على عدد من هاجروا فى الآونة الأخيرة من مسيحيي مصر إلى الخارج؟ وهى الهجرة التى أصبحت تأخذ شكل النزوح والفرار الجماعي..
وهل أنت سعيد بهذا سعادة جماعتك الإخوانية التى تغدق الأموال على هذه القنوات الشيطانية التى زرعت الرعب فى قلوب أبناء مصر ودفعتهم إلى مغادرتها واللجوء إلى الغربة فرضًا وقهرًا وليس حبًا ولا اختيارًا؟!.. وهل تعرف أنه ونتيجة لهذا قد ظهرت أصوات يطالب أصحابها بتدويل قضية مسيحيي مصر والتقدم بشكوى أمام محكمة العدل الدولية لعرض ما يحدث لمسيحيي مصر من جرائم سموها بجرائم ضد الإنسانية.. وما موقفك لو أن هذا حدث بالفعل؟..
( بالطبع كلنا أبناء مصر من مسلمين ومسيحيين، ضد هذا ولن نسمح بحدوثه ولانقبل بأى حديث عن تدويل للقضية.. لكننا أيضًا نرفض ونستنكر ونقف بكل قوتنا وقوانا ضد المحاولات والأقوال والأفعال الشيطانية لإكراه أبناء مصر على الهجرة من مصر).
وهل يا ترى وصل إلى علمك يا رئيس مصر ما قاله عاموس يادلين، رئيس جهاز الاستخبارات الصهيوني، ذات يوم متباهيًا ( ... لقد نجحنا في تصعيد التوتر والاحتقان الطائفي والاجتماعي لتوليد بيئة متصارعة ومتوترة دائمًا ومنقسمة إلى أكثر من شطر لتعميق حالة الاهتراء داخل البنية والمجتمع والدولة المصرية .... )؟..
** و .. أليس فى هذا الموقف السلبي منك تجاه ما حدث فى قرية الخصوص، وتجاه ما تفعله الفضائيات الظلامية التى تغدق عليها جماعتك (جماعة الإخوان) الأموال الطائلة.. أليس فى هذا ما يزيد من سعي للصهاينة في مواصلة نجاحهم فى خلق بيئة مصرية متصارعة ومتوترة ومنقسمة لتعميق حالة الاهتراء داخل بنية المجتمع المصري والدولة المصرية - حسب توصيف عاموس يادلين - ؟!
إنها أسئلة قمت بتوجيهها إلى الرئيس محمد مرسي، بصفته رئيس مصر ( اخترناه أم لم نختره ) والمسئول الأول فيها..
أسئلة.. لا أدرى هل ستأتي الأيام بإجاباتها.. وإذا أتت فعلى أي شكل..
وأخيرًا أختم بقولي: ليست فقط الفتنة التي يجب أن تُلعن..
بل.. لعن الله من يُخطط ويُدبر لإيجاد الفتنة وزعم أنها طائفية.. لعن الله من يحاول شق وحدة الصف المصري وتحويله إلى طوائف.. لعن الله من يحاول تمزيق ترابط وتماسك شعب مصر الواحد..
لعن الله من يعطي للصهاينة أعداء مصر المزيد من النجاح فى خطتهم لتقسيم مصر إلى أكثر من شطر..
لعن الله كل مسئول صاحب قرار فى مصر يساهم فى تمزيق مصر، وخلق أي توتر أو احتقان بين شعب مصر الواحد بأي قدر كانت المساهمة، وبأي شكل كانت المساهمة.. حتى وإن كانت بمجرد الصمت واتخاذ موقف المتفرج..
لعن الله المسئول الذي لا يعرف ماذا تعني أمانة مسئولية الحفاظ على وطن، وعلى أمن وأمان مواطنيه!!..