الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

القمص إثناسيوس حنين يكتب: ما هي البركة؟

القمص إثناسيوس حنين
القمص إثناسيوس حنين
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
اليهود والمسيحيون المتهودون حاولوا حصر البركة فى الأشخاص أى «إبراهيم»، وفى الأشياء أى «المذبح» وقاومهم المسيح وتلاميذه كما سنرى فى معانى البركة كتابيًا وتاريخيًا ولاهوتيًا وآبائيًا. 
البركة (الأفلوجيا) باليونانية (وبى أزموا) بالقبطية، هى كلمة لها تاريخ قدم الأيام، وحسب معجم (ليدل سكوت) فى اللغة اليونانية الكلاسيكية (ص 548) نجد أن (الأيفلوجيا) هى الحديث الطيب واللغة الجميلة وذلك حسب ما وردت فى جمهورية أفلاطون، وتعنى أيضا المدح وتقال عن من هو مستحق المدح وله صيت حسن والفعل منها (أفلوجيو) يعنى سعيد الطالع والحظ. وإذا جئنا إلى العهد الجديد فليس أمامنا سوى (قاموس العهد الجديد اليونانى – الإنجليزى، وكتابات المسيحيين الأوائل ص.323) ونجد أن (الأيفلوجيا) هى المدح وتظهر بمعنى (البركة) التى يستمطرها إنسان على إنسان آخر وعكسها (اللعنة) كما وردت فى سفر التكوين 27:12 حيث كلم إسحاق عيسوا ابنه أن يحضر له أطعمة ليأكل ويباركه أمام الرب. هنا المعنى وضعى أكل وتقدمة وبركة الأب للابن. ويشرح الموقف بولس فى العبرانيين بشكل لاهوتى أكثر ويربط البركة بالتوبة والدموع وأنها وراثة أبا عن جد (عبرانيين 12:17) يعنى البركة فى العهد القديم هى شخصية ولا ترش رشا كما يرش الملح فى الموالد! أى تتطلب وعيا والتزاما وعدم توافرهما يعنى اللعنة.. من بركة الجسد، انتقلت لتصير بركة روحية إلهية من الله مباشرة (عبرانين 6:7) ومن المسيح (مبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح الذى باركنا بكل بركة روحية فى السماوات فى المسيح) أفسس 1:3. وهى بركة تأتى من الناس للناس ونحن نرثها من إبراهيم. (غلاطية 3:14) ومن ثم انتقلت لتصير مباركة وتكريس وتقديس للكأس حسب بولس (كأس البركة التى نباركها أليست هى شركة دم المسيح (1 كورنثوس 10:15) هنا تحول كبير لمعنى البركة بعد أن حاول اليهود والمسيحيين المتهودين حصرها حصريا فى الأشخاص والأشياء أى المذبح والذبائح (راجع رسالة العبرانيين) حولها بولس إلى المسيح. كلمة بركة ومفرداتها تحتل ثلاث صفحات كاملة فى فهرس الكتاب المقدس وهو بالعربى وإللى عمله بروتستانتى الرب يباركه فعلا وهو الدكتور جورج بوست، وصدر من منشورات «المشعل» ببيروت عام 1981 صفحة 75 -85.
ولكى تكتمل دائرة البحث، علينا بالمعجم الأسطى فى اللاهوت الآبائى والتاريخى وهو (معجم لامبى ص 596 – 571 ) «وتعنى المدح الموجه لله» حسب الذهبى الفم وأن الإنسان يجب أن يسبح الله على بركاته. ومدح الشهداء فى أعيادهم (أيفلوجيا) وهى بركة يغدقها الله وهى بركة الله على الإنسان لكى يسلك فى الحق والعدل وحسب إبيفانيوس البركة تأتى على الإنسان بالمسيح الذى هو عريس البركة للنفس. وفى الأفخارستيا وتأتى من المسيح (وأخرجهم (أى تلاميذه) خارجا إلى بيت عنا ورفع يديه وباركهم) لوقا 24: 50 ومن ثم صارت للكهنة وحدهم «كل درجات الكهنوت» حسب باسليوس أن يضعوا أيديهم ويباركوا فى الليتورجيا وإذا تواجد أسقف فيتقدم ليس فى جوهر البركة بل فى الكرامة الأسقفية. وفى الأديرة يبارك الأب الروحى ومن ثم صارت لقمة البركة (الأنديديروا) تعطى للمؤمنين بعد الليتوررجييا. وطقس توزيع الطعام للفقراء كبركة وترسل البركة إلى المرضى ويرى باسيليوس فى (قوانين الرهبنة) أن الحصول على بركة الأب الروحى فى الدير ضرورة لكل عمل صالح ومبارك مهما بدا تافها. 
نخلص إلى أن البركة هى ممارسة وعى الانتماء إلى جسد المسيح الذى تأتى منه كل أفلوجيا وهى إنسانية وواقعية ولاهوتية وأفخارستية، كما تستلزم وعيا وتغييرا وتوبة نصوح وانتماء وثقافة لاهوتية وروحية وتاريخية وإللى يطلب البركة لازم يكون مستعد يقلبها والذى يعطيها لا بد أن يكون كفأ انه يعطيها وليست شعوذة وتجارة سحرية وعشوائية وغيبية.