تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
وُلد القمص جرجس رزق الله سنة ١٩٢٢م، من عائلة تقية، وكانت أمه خادمة معروفة، وواعظة مشهورة فى اجتماعات السيدات، وفى خدمة المحتاجين، أُصيب مولودها «عبدالمسيح» بحمى شوكية فى سن ١٣ سنة، وكان نادرًا ما ينجو منها أحد، لكن بإيمانها وصلواتها البارة شفاه الله وعافاه.
نذرته أمه للتكريس والخدمة، لذلك بعد أن أكمل تعليمه وحصل على الشهادة التوجيهية (البكالوريا) تقدم للدراسة الإكليريكية، وشهد مراحل التطور الكبير فى التعليم الكنسى بأنواعه الثلاثة: اللاهوتى والشعبى والتكوينى، معاصرًا لبداية تاريخ مدارس الأحد، ونقلات إصلاح الكنيسة الذى اعتمد على التعليم؛ وعلى تفعيل دور طلاب وخريجى الإكليريكية، فى إنجاح الأعمال الروحية والرعوية والتربوية، من أجل تثبيت أساس فصول مدارس الأحد القبطية الأرثوذكسية.
تخرج الشماس عبدالمسيح رزق الله فى الإكليريكية ١٩٤٣، وخدم فى خدمة الوعظ بفروع عزبة النخل والمرج وجزيرة بدران بالقاهرة الكبري، وعُين مدرسًا بمدرسة مهمشة القبطية لتربية الطفولة هناك، ثم جاء للخدمة فى مدينة الإسكندرية ١٩٤٧؛ ليعمل على امتداد تأسيس فروع جديدة للوعظ والتعليم بمدارس الأحد دون مسعى وراء المجد الذاتى أو الافتخار بغير الرب.
اُنتدب ليكون مدرسًا بمدارس الطفولة بالإسكندرية، فساهم فى تأسيس المدارس القبطية؛ بمدرستى راغب باشا وفريد جرجس بمنطقة غيط العنب وكرموز، وخدم أيضًا فى مدرسة الجمعية الخيرية المسيحية بسيدى جابر، وتناوب الوعظ مع كبار الوعاظ، ودون فى أنجيله الخاص؛ أنه قرأه فى ٥ سنوات ٢٠ مرة.
سيم أرشيدياكون ليقود أول خورس شمامسة فى كنيسة العذراء بمحرم بك، وبقى كذلك حتى يوم رسامته كاهنًا، مهتمًا بالعمل الوعظى لخدمة منطقة غرب إسكندرية، والتى بدأها بنشاط الكارز وغيرة المفسر، فجال يصنع خيرًا كمعلمه فى مناطق اللبان ومينا البصل والقبارى والورديان والدخيلة والمكس، لذا كان هو الغرس الأول لباكورة بذار كنائس هذه المنطقة وصولًا بأبوتلات. واضعًا أمامه رسالة مدارس الأحد، وفق خطة عملها: - التعليم الصحيح - تثقيف العقول - تربية القلوب - تدريب الإرادة - إدراك الفضيلة والقداسة - تجميع وتوحيد المواهب المتعددة من أجل الهدف.
ظل الأرشيدياكون عبدالمسيح واعظًا وخادمًا أمينًاٍ لأهداف مدارس الأحد ولرسالتها فى: ١- التوجيه الروحى والنفسى والتربوى.
٢- الإصلاح الكنسى المستنير والمجدى.
٣- صلاح الرعاية الساهرة.
٤- معالجة المشاكل الفكرية والتعليمية.
اختارته العناية الإلهية، ذلك الاختيار الذى لا يحدد الموهوب، بل الموهوب هو الذى يحدد الاختيار. فقد دعاه الله إلى خدمة سر الكهنوت المقدس؛ فقبل وامتلئ من النعمة.
سيم كاهنًا فى ١٩٥٢/١١/١٦م باسم القس جرجس رزق الله على مذبح كنيسة مارجرجس بمنطقة المكس، واشتهرت كنيسته بصيرورتها منارة وفنارة للنور على شاطئ البحر، وكونها موضعًا للخلوات، فكم قضينا فيها أيامًا روحية مثمرة، وكم صلينا معه قداسات.
قام أبينا جرجس بتدريس مادة العهد القديم بالكلية الإكليريكية، كونه من المفسرين والشارحين المقتدرين، كذلك كان مؤسسًا لمجلس كهنة الإسكندرية، ومرافقًا لصديق عمره وتوأم خدمته القمص بطرس رياض راعى كنيسة الملاك ميخائيل (غربال)، كذلك كان يحظى بمحبة قداسة البابا كيرلس السادس والبابا شنودة الثالث «نيح الله نفوسهم الطاهرة».
وما هو جدير بالذكر أنه كان مؤسسًا لكنيسة العذراء بمنطقة الدخيلة، وباجتهاده أيضًا تم شراء سبعة أفدنة لمصايف وبيوت الخلوة بمنطقة أبوتلات، التى بدأت من «بيت أم النور»، وامتدت إلى مساحات هذا مقدارها. إذ كان هو دينامو العمل والمحرك الأول فى العمران الكنسى الممتد فيها.
كان «أبونا» من ضمن المعترفين الذين سجنهم الرئيس السادات فى هوجة قرارات سبتمبر ١٩٨١م، وأخيرًا أكمل سعيه وخدمته، وذهب إلى موطنه الأبدي، بعد أن خدم جيله عائدًا إلى الديار الأبدية.
رقد بسلام يوم الأحد ١٩٨٩/٢/٥م عن عمر ٦٧ عامًا قضى منها ٣٧ عامًا فى الكهنوت، ودفن فى كنيسته التى أحبها وبناها، والتى صارت الآن مقرًا لقطاع كنائس غرب الإسكندرية.