الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

في محطة حبك .. أعلنت التوبة نص لـ"دنيا سمحي"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
صفير القطار يؤرقنى دائمًا، يخفق قلبى يأسًا، حينما يتخلل مسامعى، محطات الوقوف كثيرة، لكنه بعد توقفه ما يلبث أن يستأنف السير من جديد دونما رادع، فقط يسير، لا تعترض طريقه، إنه كالقدر حينما يُقبل لا تعترضه، هو لن يتوقف ولا يسعك احتضانه، لأن نهايتك ستبادر إليك حينها دون تردد، الحياة قطار كبير، ومحطاتها متاهات وألغاز، قطار العمر، قطار الزمن، قطار الحب، أو حتى قطار الأجل، مسيرون فيها لا مخيرون إلا لمامًا، ستفقد وسُتفقد وحتما ستفتقد، يُسرد شريطك من بدايته أمام أعينك، كل شيء يبدو هجينا، غير أصلى، الحقيقة الثابتة هى التغيير، كل شيء قابل للتغيير، بل للتبدل والانزواء فى إطار وقالب آخر، والذى قد يكون مدفوعًا أو اختياريًا.
انتظرت الليل طويلًا، كأننى أضيق ذرعًا بالضوء، أو لربما أشتاق لتلك الرائحة التى تخالط الهواء ونسماته الليلية الممتلئة بأشجان وتنهيدات مكتومة كأنها سجينة قلب تتضرع ليلًا، لعلها تُمنح السلام، ولو لدقائق معدودات، فتفرغ ثقلا طال أمده وزاد حمله.
لشد ما تؤلمك فرط مشاعرك، ولشد ما يدميك من تحب، ترتشف الشوق للحظات بيد أنك تتجرع الأسى لزمن، لا أحد يفى بالوعد، فقط أفواه تثرثر عهود تُقطع، وقسم يُحنث، كذبة عابرة، وروح مُدبرة، أنفس مريضة، وقلوب دامية، أعين أعياها السهد، وضباب لا يُرتجى منه خيرًا.
أكتب إليك اليوم، واليوم فقط، انقطع الطريق أمامى، وانسددت مداخلك فى وجهى، سارت فى قلبى نائبة منك، وأنت لا تدرى أن قلبًا ما يطوف مجتهدا فى ساحتك الطاردة لمحبيها، أكتب إليك، ولربما لا يغريك شغفك لتقرأ، لكننى سأكتب، وفى قلبى أنات تحزن منه وعليه، تحزن منه لاندفاعه، وتحزن عليه لضعفه، لقد أهديتنى فواحة العطر فى ساعتنا الأولى، ورميتنى بجمرةِ العقاب فى ساعتنا الأخيرة.
أدون بسطورى حضورك المدبر، وأوثق بحروفى أدمع قلب لا تصل إلى العين التى تأبى خروجها، أكتب إليك من آخر محطة فى قطار حبى لك، حيث النداء الأخير، وصافرة الانطلاق، شباك التذاكر مزدحم بقاصدى السبيل المجهول، إنذار بذهاب بلا عودة، وربما عودة حينما لا يكون للأمر برمته جدوى.
حيث يعصف هواء قطارنا بأوراقى فتتناثر كأنما حُكم على القصة أن تتوارى بين طيات الزمن، انتهت قصتنا منذ بضعة أشهر، وعاودت أكتب لمن لا يقرأ، لم تخطر على بالى منذ وقت، أشاهد اسمك فى هاتفى وأتجاوزه، أشعر بوحشة وأنا أمرر إصبعى فوقه، أجاهد نفسى لأسأل «كيف حالك».
إننا لا ننسى من أحببناهم، وليس للزمن دخل فى نسيانهم، هو مجرد إعادة ترتيب للمشاعر، يضعنا فى المراتب الأخيرة فنبتعد تباعًا عن مضمار حياتهم، حتى نخرج من السباق بعد أن كنا نحتل المراتب الأولى.
نحن دائما نخطئ فى الاختيار، كأن نهتم بمن لا يكترث، وننظر لمن يغض طرفه، نتأمل من يأتى على عَجل، نكتب لمن لا يقرأ، ونعبر لمن لا يشعر، هكذا نحن دائمًا، ومن بين آلاف البشر، لا نحب إلا من لا يبالي!