السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"عاشوراء".. يوم النجاة لموسى والشهادة للحسين.. "الرفاعية" تفرض صيام 7 أيام.. و"المغاربة" يشعلون النيران في "يوم زمزم"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يظل يوم "عاشوراء"، اليوم العاشر من رأس السنتين الهجرية والعبرية، من المناسبات الدينية التي اجتمعت فيها الديانتان الإسلامية واليهودية، حيث نجاة كليم الله موسى وقومه من فرعون في ذلك اليوم، وهو يوم استشهد فيه سبط النبي محمد الإمام الحسين بن علي في موقعة كربلاء عام 61 ه، وبالرغم من اتفاق المسلمين واليهود على صيامه، إلا أن للسنة النبوية في فضل ذلك اليوم ما يجعله مكفرًا لذنوب عامٍ مضى.


عاشوراء اليهود
تجتمع الأمة اليهودية ومن بعدها المسيحية علي صيام اليوم العاشر من شهر تشري، رأس السنة العبرية، وذلك لنجاة كليم الرحمن موسي وقومه من فرعون وجنوده، بعد أعوام من الاضطهاد والسبي والتعذيب وقتل الأطفال وغيرها من الأمور التي استحقت عقاب الله له، وأمر كليم الرحمن أن يفر بقومه من هذا البطش متجهًا إلي فلسطين عبر صحراء سيناء، وسجل القرآن الكريم قصة الخروج حيث يقول تعالي: "وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ قَالَ يَا مُوسَىٰ إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ. فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ. 
وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَىٰ رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ"، وقوله أيضًا:" وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ". 
وجاء في سفر الخروج "وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى وَهَارُونَ فِي أَرْضِ مِصْرَ قَائِلًا: هذَا الشَّهْرُ يَكُونُ لَكُمْ رَأْسَ الشُّهُورِ هُوَ لَكُمْ أَوَّلُ شُهُورِ السَّنَةِ، كَلِّمَا كُلَّ جَمَاعَةِ إِسْرَائِيلَ قَائِلَيْنِ: فِي الْعَاشِرِ مِنْ هذَا الشَّهْرِ يَأْخُذُونَ لَهُمْ كُلُّ وَاحِدٍ شَاةً بِحَسَبِ بُيُوتِ الآبَاءِ، شَاةً لِلْبَيْتِ".
ويعرف اليهود هذا اليوم بمسميات وصيامهم فيه اليهود يبدأ قبل غروب الشمس بربع الساعة، ويستمرّ حتى غروب شمس اليوم التالي بربع الساعة أيضًا.


عاشوراء الجاهلية
كان العرب في جاهليتهم يعظمون يوم عاشوراء وكانوا يصومونه، ووافقهم النبي على ذلك حتى أمر بصيام رمضان، حيث روي عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قولها: "يوم عاشوراء يوما تصومه قريش في الجاهلية، وكان النبي محمد يصومه. فلمّا قدِم المدينة صامَه، وأمرَ الناس بصيامِه فلمّا فُرِض رمضانُ قال "مَنْ شَاءَ صامَه ومَنْ شَاءَ تَرَكَه"، وكانت قريش تكسو الكعبة في هذا اليوم، حيث روى الأزرقي عن ابن جريج قال: «كانت الكعبة فيما مضى إنما تكسى يوم عاشوراء، إذا ذهب آخر الحجاج حتى كان بنو هاشم، فكانوا يعلقون عليها القمص يوم التروية من الديباج، لأن يرى الناس ذلك عليها بهاء وجمالًا، فإذا كان يوم عاشوراء علقوا عليها الإزار».


النبي يسنُ صيامه
ويذهب أهل السنة على أن صيام عاشوراء هو سنة عن النبي، حيث روى عن عبد الله بن عباس قوله إنه حينما قدم النبي المدينة- ويوافق دخول النبي المدينة 8 من ربيع الأول قبل بدء العمل بالتقويم الهجري، العاشر من تشري سنة 4383 بالتقويم العبري-، فرأى اليهود يصومون يوم عاشوراء، فقال: "ما هذا" ؟ قالوا: "هذا يوم صالح، هذا يوم نجا الله بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى"، قال: "فأنا أحق بموسى منكم، فصامه وأمر بصيامه"، وقوله أيضًا: "ولئن عشت إلى قابل لأصومن التاسع والعاشر"، وهو يوم تكفر فيه ذنوب سنة مضت.


الشيعة والتباكي علي الحسين
يذهب الشيعة في مخالفة أهل السنة بتعظيم هذا اليوم بالصيام، فيجعلون منه يومًا للتباكي والتلاطم والتعازي على استشهاد سبط النبي محمد، ونجل الإمام على، وإمامهم الثالث من الأئمة المعصومين الإمام الحسين، الذي استشهد في موقعة كربلاء من العام 61 للهجرة، ويذهبون إلى لبس السواد حدادًا على الحسين لمدة أربعين يومًا تالية علي عاشوراء، ويقومون بزيارة ضريحه وإضاءة الشموع وقراءة قصة الاستشهاد والتباكي واللطم تعبيرًا عن حزنهم، والاستماع إلى قصائد عن المأساة والمواعظ عن كيفية استشهاد الحسين وأهل بيته، ويتخذون استشهاد الحسين رمزًا للنضال ضد الظلم والطغيان والاضطهاد، ويوزعون الماء للتذكير بعطشه في صحراء كربلاء وإشعال النار للدلالة على حرارة الصحراء، فيما يقوم البعض بتمثيل الواقعة وما جرى بها من أحداث أدت إلى مقتل الحسين بن علي فيتم حمل السيوف والدروع، كما يقومون بتمثيل حادثة مقتل الحسين جماهيريا فيما يعرف بموكب الحسين، فيما يقوم البعض بالتطبير أي إسالة الدم مواساةً للحسين، وضرب أجسادهم بالسلاسل


الرفاعية وخلوة السبع المحرم
تفرض الطريقة الرفاعية علي أتباعها، صيام سبع أيام من شهر الله المحرم، من كل عام، وذلك لقول شيخهم الرفاعي:"إنَّ خلوة السبعة سبب الفيض للسالك، والمريد الصادق في كل سنة من جهة السلسلة الرفاعية... ومن لم يستطع أن يقوم بالخلوة على وجه الكمال، فلا أقل من أن يقوم بسائر شروطها، ويستعيض عن البعد عن الناس بحفظ لسانه وقلبه".
وتبدأ الأيام السبع من اليوم التالي من عاشوراء، يوم أن قتل الحسين، وهي حتمًا لازمًا باتفاق على كل من أخذ الطريقة الرفاعية، والتمس لأهلها من المريدين والإخوان، وشروطها صيام السبعة أيام المذكورة، وأن يكون الصائم على وضوء دائم، ولا ينام في تلك الأيام السبعة مع عياله بفراش قطعًا، ولا يأكل من ذي روح، وأن يحفظ لسانه من التكلم بكلام الدنيا، وأن يربط قلبه في اللَّه بسائر أوقاته وخلواته مع استحضار همة المرشد.
ويتذاكر الرفاعية طوال خلوتهم بترديد "يا وهاب" مائة مرة بعد كل صلاة، ثم مائة أخري "اللَّهم، صلِّ على سيدنا محمد النبي الأمي الطاهر الذكي، وعلى آله وصحبه وسلم"، مع الفاتحة عند البدء والختام لسيدنا رسول اللَّه عليه الصلاة والسلام، ولصاحب الطريق، والسلسلة الرفاعية المباركة، ولشيخه ولأخوانه المسلمين أجمعين.


يوم زمزم عند المغاربة
ويحتفل المغرب العربي بـ"عاشوراء"، وفق عاداتهم الخاصة فهو عندهم يعرف بـ"يوم زمزم"، حيث يعمدون إلى رش الماء على بعضهم البعض وعلى مقتنياتهم تبركًا، ويحرص التجار على بيع بضائعهم، ويعقبونه بيوم يعرف عندهم بـ"ليلة الشعالة" يجتمعون فيها حول النار يرددون الأهازيج التي تحكي مقتل الحسن والحسين، دون أن يشير إليهما بالاسم، بل يسميهما في كل المقاطع باسم "عاشور"، تتخللها نياحة وأهازيج أخرى، ويحرصون على إخراج الزكاة والصدقات على الفقراء.