السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

بعد 30 عامًا على التأسيس.. «التشرذم» يلقى بـ«القاعدة» في مزبلة التاريخ .. وظهور «داعش» أربك التنظيم وفشله المتكرر سبب تلاشيه .. والتأسيس كان على تصورات خاطئة وأهداف خبيثة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ثلاثون عامًا على تأسيس تنظيم «القاعدة» الإرهابى (قاعدة الجهاد)، فى عام ١٩٨٨، وما زالت استراتيجيته غير مستقرة على مسار أو توجه معين، فى التعامل مع ما يطلق عليه «العدو القريب» أو «العدو البعيد»، وهو ما أشار إليه كتاب «الزرقاوى الجيل الثانى للقاعدة»، للمؤلف فؤاد حسين، والصادر فى عام ٢٠٠٥، حين ناقش هذا الموضوع حول استراتيجية التنظيم فى مراحل إعلان دولة الخلافة، واستراتيجيته فى تغيير وضع العالم الإسلامى، والتى وضع لها مؤسسو التنظيم فترة زمنية تبدأ عام ٢٠٠٠، وتنتهى فى ٢٠٢٠.


وعند سبر أغوار تلك الاستراتيجية التى اعتمدت فى بداياتها على استهداف العدو البعيد، وهو مصالح الدول الغربية والولايات المتحدة والقيام بعمليات داخل أراضيها، نجد أنها تنقسم إلى مراحل مرتبطة بجدول زمنى محدد، مقسمة لسبع مراحل متتالية، مدتها عشرون عامًا، إلا أنه فعليًّا وعلى أرض الواقع فشل تنظيم القاعدة فى إثبات استمراريته، بل أخذ شأنه يضعف وينحدر صوب التلاشى التام.
ووفق التتابع الذى كان مخططا له فى استراتيجية التنظيم تأتى المراحل السبع كالتالى 
مرحلة الإفاقة، ثم مرحلة فتح العيون، مرحلة النهوض، مرحلة الوقوف على القدمين، مرحلة استعادة العافية وامتلاك القوة القادرة على التغيير، ثم مرحلة إعلان الدولة، وتأتى مرحلة المواجهة الشاملة وأخيرًا مرحلة الانتصار النهائى، على حسب وصف الكتاب، وكل مرحلة محدد لها مدة زمنية معينة.
ظهور «داعش» المربك


أربك ظهور تنظيم «داعش» حسابات «القاعدة»، وأدى إلى تنامى الصراع على تلك الغاية الاستراتيجية، والتى جاءت بإعلان «داعش» قيام ما يسمى بالخلافة الإسلامية على حسبما جاء فى بيان للتنظيم، يوم ٣٠ يونيو ٢٠١٤، وأعلن فيه أبومحمد العدنانى، المتحدث الرسمى باسم التنظيم فى ذلك الوقت، بشكل رسمى قيام الخلافة، وتم تنصيب «أبوبكر البغدادي» خليفة.
وجاء فى نص البيان: «صار واجبًا على جميع المسلمين مبايعة الخليفة وتبطل جميع الإمارات والولايات والتنظيمات التى يتمدد إليها سلطانه ويصلها جنده».
ووجه «داعش» فى آخر البيان تهديدًا صريحًا لتلك التنظيمات، قائلًا: «كل من أراد شق الصف فافلقوا رأسه بالرصاص»، ومن هنا اعتبر الكثير من المحللين أن التنظيم أصبح مستقلًا عن «القاعدة»، رغم الادعاء بأن مؤسس الفكرة هو أحمد فضيل نزال الخلايلة وكنيته «أبومصعب الزرقاوي»، أحد قادة القاعدة، الذى غادر أفغانستان، متوجهًا إلى العراق خلال الغزو الأمريكى للعراق، ويعرف أنه أحد الملهمين لفكرة الخلافة وقتال العدو القريب عن قتال العدو البعيد.


وفى هذا السياق قال الباحث والمحلل السياسى بالشأن الإيرانى وشئون الحركات الإسلاموية، ‏يحيى بوزيدى الجزائرى، إنه بشكل أو بآخر كان من مصلحة تنظيم «القاعدة» سقوط تنظيم «داعش» الذى أضحى منافسًا قويًا له.
وأضاف «بوزيدي» فى تصريح لـ«المرجع» أن تنظيم «داعش» قام بنقل تراتبية الأعداء من البعيد إلى الأقرب، بعدما نقلها «الزرقاوي» سابقًا إلى القريب، وجاء ذلك التنظيم مكملًا لما فعله الزرقاوى، متابعًا أنه لا شك أن «القاعدة» ستحاول إعادة التموضع بين الحواضن بالعودة للمطالبة بمقاتلة العدو البعيد والتحالف ضده، بإعتبار ذلك محل إجماع هذه التنظيمات، كما أنه مدخل مهم لاستقطاب وتجنيد عناصر جديدة بعد الضعف الشديد الذى أصاب التنظيم منذ سنوات.


وتعقيبًا على ذلك يتحدث هشام العلى، الباحث بالمركز الأوروبى للاستخبارات ومكافحة الإرهاب، بالقول إننا حين ننظر إلى تنظيم «القاعدة» وغيره من التنظيمات المتطرفة، يجب أن نعلم جيدًا أن «القاعدة» و«داعش»، وتنظيمات أخرى ستكون فى الطريق، هى عبارة عن مظهر واحد من مظاهر الفكر السلفى المتطرف المسلح لكن فى عدة وجوه، وتحمل نفس الهدف.
وأوضح أنه بالنسبة للقاعدة التى خسرت المعركة فى أفغانستان، ثم فى العراق، أصبحت تأخذ وضعًا دفاعيًا هشًا، ما جعلها تفقد عنصر المبادأة وفق المفاهيم العسكرية، حيث لم يتبقَ من قوتها غير بعض العناصر ضمن قبائل أفغانستان واليمن، وبعض القيادات التى تقول بعض المصادر إنها لجأت إلى إيران.


استراتيجية القتال
وتعقيبًا على تغيير استراتيجية التنظيم، من قتال العدو البعيد إلى قتال العدو القريب، يقول هشام النجار الباحث المتخصص فى شئون الحركات الإسلاموية، إن «القاعدة» قام بتغيير استراتيجيته لعدة أسباب، أهمها أولًا ضعف قدراته وإمكانياته وعدم مقدرته على مواصلة استهداف المصالح الغربية والأمريكية والوصول لعمق تلك الدول، خاصة بعد الحادى عشر من سبتمبر ٢٠٠١، باستثناء تفجيرات لندن فى ٢٠٠٥، وهجمة صحيفة شارلى إبدو بباريس ٢٠١٥.
وأضاف لـ«المرجع» أن قيام الولايات المتحدة بعدة مواجهات استباقية مع التنظيم أدت إلى إضعاف قدراته البشرية والتسليحية وحرمته من أهم وأبرع قيادييه، كما أفقدته ملاذاته ومحاضنه التى شملت حكومات وإمارات فى السابق، كما كان الوضع فى أفغانستان.
وتابع الباحث أن هناك أحداثًا ومستجدات مهمة بالمنطقة العربية والشرق الأوسط، عمد قادة القاعدة لاستغلالها ضمن باقى الأطراف فى الساحة وفى مقدمة تلك الأحداث غزو العراق فى عام ٢٠٠٣، ثم ما أطلق عليه أحداث الربيع العربى، والتى كانت نقطة مفصلية أسهمت فى تعزيز خيار «القاعدة» الاستراتيجى الجديد، وهو التركيز على تغيير الأنظمة العربية واستغلال غضب الشعوب العربية وسخطهم على الأوضاع ورغبتهم فى التغيير ليفرض نموذجه ومشروعه، مستندًا إلى الترويج لنفسه كموازن ميدانى وعسكرى للأجهزة الأمنية والجيوش العربية.


ظهور حمزة بن لادن
ومنذ فترة ليست بالبعيدة تداول اسم «حمزة بن لادن» نجل زعيم تنظيم القاعدة السابق «أسامة بن لادن»، وتردد أن حمزة سيكون وريثًا «للحركة السلفية الجهادية» عقب الهزائم المتتالية لتنظيم «داعش»، ورغم احتمالات ذلك، تبقى علامات استفهام، أهمها ردة فعل أيمن الظواهرى زعيم التنظيم الحالى، ويعقب على ذلك الباحث ‏يحيى بوزيدى الجزائرى، قائلًا: إن الراجح فى هذا الوقت هو «الحل توافقي» خاصة مع تجربة الانقسام التى ضربت التنظيم وانعكاساتها السلبية، ناهيك عن السن الكبير للظواهرى وصعوبة إدارة التنظيم من قبل الاثنين.