الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

سؤال مشروع.. أي حقوق وأي إنسان؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تاريخ حافل من المناورات السياسية صاغت تقارير وقرارات منظمات دولية تتبع الأمم المتحدة أو الاتحاد الأوروبي، ما يُشير إلى- بل يؤكد- عدم استقلالية هذه المنظمات خلافا لبنود ميثاق الأمم المتحدة.. لعل أقربها إلى الذاكرة المعاصرة مذبحة قانا التي ارتكبتها إسرائيل عام 1996 حين قصفت طائراتها بدم بارد مقر الأمم المتحدة فى جنوب لبنان وراح ضحية القصف ما يزيد عن مائة طفل، إصرار الأمين العام آنذاك بطرس غالى على نشر التقرير خلافا لإرادة أمريكا وإسرائيل لما يتضمنه من إدانة صريحة وخرق لكل القوانين الدولية ضد إسرائيل كان السبب المباشر وراء إصرار أمريكا على عدم التجديد لغالى لفترة ولاية ثانية كما جرت العادة لكل من سبقوه فى تولى هذا المنصب. كل قرارات شن الحرب على العراق بذريعة امتلاكه أسلحة دمار شامل مرت نتيجة ضغوط وأكاذيب سافرة مارستها أمريكا داخل قاعات المنظمة.. مجرد نماذج لقائمة طويلة من الصراعات السياسية نتيجة هيمنة مصالح الدول الكبرى وسيطرتها على مسار قرارات منظمات المجتمع الدولي.

لا أحد يُنكِر على مفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة التعقيب على ما يتصل بمهامها.. لكن، أى «حقوق» وأى «إنسان»، وفى ظل أى حقائق وأجواء دارت فيها الأحداث التى تتطرق إليها تقاريرها. كما أعطت المفوض السامى لحقوق الإنسان ميشيل باشليه لنفسها الحق فى إعلان موقف منظمتها العدائى بانتقاد أحكام القضاء المصرى فى قضية فض اعتصام رابعة المسلح أو التباكى على جماعات إرهابية ما زالت يدها ملطخة بدماء الأبرياء.. فى المقابل، الرأى العام، ليس فقط على نطاق مائة مليون مصرى بل فى المنطقة العربية التى تُدين بالاستقرار الذى مازالت بعض بلادها تنعم به إلى استقرار مصر واستعادة قوتها، من حقه معرفة بناء على أى دلائل ومصادر لمعلومات يُفترض التأكد من دقتها وفق شهادات من موقع الحدث يتم بعدها صياغة تقرير المنظمة المعنية، خصوصا مع سيل الشهادات الصادرة عن قيادات جماعة الإخوان مؤكدة وجود مختلف أنواع التسليح داخل اعتصام رابعة.

توافقت كل الآراء التى فندَت أسباب ضعف مواقف الأمم المتحدة وازدواجيتها، على أن أى طرف دولى يلجأ إلى لجنة حقوق الإنسان أملا فى الدفاع عن حقوقه سيجد نفسه أمام «سوق» تُعرض فيه المواقف بأسعارها المختلفة.. التصويت بنعم أو لا كل له ثمنه.. بل حتى الامتناع عن التصويت أصبح له ثمن!. الأدهى سيطرة عقلية «الروبوت» أو الإنسان الآلى المبرمج سلفا على طبيعة القرارات، ولتذهب إشكاليات «ثانوية» كالاِستقصاء والتدقيق إلى الجحيم!. منطقيا، كيف يوضع فى سياق مترابط يعكس وحدة وثبات مواقف هذه المنظمات تجاه آفة الإرهاب حين يتزامن إقرار لجان البرلمان الأوروبى قوانين أكثر صرامة لمكافحة مصادر تمويل الإرهاب التى تستخدم فى عمليات تهدد يوميا دول الاتحاد، مع إدانة مشبوهة لأحكام قضائية تقتص من ميليشيات مسلحة استحلت دماء آلاف الأبرياء.. والأخطر مخططها– ما أطلقوا عليه اعتصام رابعة- إعلان دولة موازية للدولة الرسمية بمعرفة هذه المنظمات.

مواقف منظمات الأمم المتحدة والمفوضية الأوروبية، فى ظل «لعبة» المتاجرة، تجاوزت حتى حدودها فى عدم المساس بسيادة القضاء والتدخل فى الشئون الداخلية للدول الأخرى.. إذ يقتضى صدور أى موقف سياسى معلن عنها أكثر من إطلاق أحكام إنشائية مطلقة. الرأى العام يهمه الاطلاع على وثائق ودلائل بنت المفوضية على أساسها المطالبة بإعادة النظر فى أحكام إعدام أصدرها القضاء ضد قتلة تم توثيق جرائمهم الدموية بمئات التسجيلات المصورة

وصف السيدة باشليه المحاكمة بأنها غير عادلة أهان صلاحيات منصبها الأممى حين ارتكبت مجموعة أخطاء قانونية.. إذ يحتوى تعليقها على التشكيك فى عدالة القضاء المصري، بالإضافة إلى خلط بين شقى السياسة والقانون عدم اقتران مزاعمها بمستند قانونى واحد يضع ما ذكرته باشليه فى مرتبة المهاترات السياسية خصوصا أنها بُنيت على أكاذيب من منظمات خارجية تتبع التنظيم الدولى للإخوان، دون أن تستقى أى معلومة من مصادر داخل مصر. المفوضية ومندوبتها السامية لا تملكان أى سبل قانونية لدعم المزاعم التى يُصدِعون بها رأس مصر كل فترة، ما يؤكد هدف وضع مصر تحت الضغط الدولى دون أن تخجل هذه المنظمات من ممارسة الازدواجية وتسييس نصوص القانون لصالح الأطراف التى تدفع أعلى سعر ثمنا لمواقفها.

بعض الأقلام، للأسف، مازالت- فى مغالطة واضحة- تتبنى الربط بين متناقضين.. أهمية تفعيل مراجعات فكرية ودينية مع قطاع من الشباب المُغرر بهم، وهو ملف منفصل تماما عن أحكام قضاء ضد أعضاء تنظيم وضعوا مخططا مكتمل الأركان لتقسيم مصر وإغراقها فى حرب أهلية.. المثير للدهشة معرفة أصحاب هذه الأقلام جيدا دور الاتحاد الأوروبي وغيره من المنظمات فى هذا المخطط الذى كان يتم الإعداد له أثناء اعتصام رابعة المسلح.