الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

«كله سلف ودين» حكايات مأساوية من دفتر عقوق الوالدين.. عاطل يضرب والده.. وعامل يذبح والدته.. وخبير نفسي: العنف والتفرقة بين الأبناء أهم أسباب الظاهرة

عقوق الوالدين
عقوق الوالدين
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما».. كلمات قرآنية أوصت الأبناء برعاية الآباء، وحذرت من إزعاجهما حتى وإن كان بالكلام، وكم من عشرات الأحاديث النبوية الشريفة، ومئات الوصايا والحكم التى تدعو لرعاية الآباء والاهتمام بهم عند الكبر، غير أن ما يحدث الآن فى وقائع كثيرة ترصدها سجلات المحاكم ودفاتر أقسام الشرطة، وتسترها أيضا جدران البيوت التى تأبى أن تكشف ما يتعرض له بعض الآباء والأمهات على أيدى أبنائهم. 



«قلب ولدى عليّا حجر».. عاطل يضرب والده وعامل يذبح والدته 
بعد أن ربياه وتكفلا به وهو صغير يكون جزاء الوالدين الضرب والسباب والطرد من المنزل وأحيانا القتل، وقد يحدث هذا إرضاءً للزوجة أو لشعور الابن بالكره تجاه والديه لما تعرض له فى صغره من تفرقة بينه وبين أشقائه، أو تعرضه لأعمال عنف وضرب على يد والديه، ولكن هذا لا يرفع الإجرام عن العاق، لأن العقوق جريمة أخلاقية منزوعة الرحمة، تربى الكره وتنشئ جيلا يكرر ما يفعله والداه، فمثلما فعل مع والديه، يفعل أبناؤه معه.. «البوابة نيوز» ترصد جزءا من الظاهرة فى هذا التقرير.

عاطل يتعدى على والده فى العمرانية 
فى قسم العمرانية، حرر مسن محضرا ضد نجله لتعديه بالضرب عليه لأخذ المعاش عنوة. 
وتلقى ضباط مباحث قسم شرطة العمرانية، بلاغا من مسن يتهم فيه نجله بالتعدى عليه بالضرب المبرح لرفضه إعطاء المال له، على الفور انتقل رجال المباحث لمكان الواقعة، وبعمل التحريات تبين قيام نجل المبلغ بالتعدى عليه بالضرب لأخذ المال منه عنوة، وتمكنت القوات من ضبط المتهم، وتحرر المحضر اللازم بالواقعة وتولت النيابة التحقيق.

شخصان يلقيان والدهما فى الشارع 

بينما شهدت منطقة المنيب حادثة مأساوية فى منتصف الليل عندما أقدم شخصان يستقلان «توك توك» على إلقاء والدهما المسن بالشارع بسبب مرضه.
البداية كانت أثناء مرور أحد الأهالى وشاهدوا رجلا مسنا ملقى بالشارع يستغيث، حاول الأهالى إنقاذه، حيث وجدوه فى حالة إعياء شديدة، وبسؤاله قال إنه كان يعمل بأحد النوادى الرياضية، وأبناؤه قاموا بإلقائه فى الشارع بسبب مرضه وعدم رغبتهم فى الإنفاق عليه وتحمل مسئوليته، وأضاف أن أولاده كانوا يعاملونه دائما معاملة سيئة وكانوا يلقونه فى غرفة تحت السلم للعيش بمفرده دون رعايته أو قضاء طلباته أو تقديم الطعام له وهذا ما جعل حالته الصحية تزداد سوءًا، فقام الأهالى بنقله للمستشفى ودار رعاية للمسنين.

مهندس يترك أمه أمام مقهى بالغردقة

وفى الغردقة ترك مهندس والدته العجوز أمام أحد المقاهى لعدم قدرته الإنفاق عليها.
وعثر أهالى الغردقة على سيدة مسنة جالسه أمام أحد المقاهى ليومين متتاليين تنتظر نجلها الذى تركها حتى يعود إليها مرة أخري، وبسؤال السيدة قالت، إنها من الشرقية ونجلها طلب منها أن تجلس أمام المطعم وسيعود لأخذها مرة أخرى، ولكن لم يعد حتى الآن، وأضافت أن نجلها يعمل مهندسا وهو مشغول دائما فى عمله، وأنها لم تصدق أن نجلها ألقاها فى الشارع ولم يعد لها لأخذها لمنزلها مرة أخري.



عامل ذبح والدته

وفى الإسكندرية أقدم عامل على قتل والدته المسنة ذبحا بسبب طهوها طعاما لا يحبذه، وإلقاء الملح على جثتها حتى يخفى جريمته. 
كان قد تلقى ضباط مباحث قسم شرطة الرمل ثان، بلاغا بالعثور على جثه سيدة مسنة مقتولة داخل شقتها، على الفور انتقل رجال المباحث لمكان الواقعة، وبالانتقال والفحص تبين أن المتهم نجل المجنى عليها وارتكب جريمته لعدم رضاه عن الطعام الذى قدمته له والدته، وأن المتهم مدمن مخدرات ويعانى من مرض نفسى، وتمكنت القوات من ضبط المتهم، وبمواجهته اعترف بارتكاب الواقعة، وتحرر محضر للعرض على النيابة.
عامل يشعل النار فى الشارع والدته

أقدم عامل على إشعال النيران فى منزل والدته بعدما رفضت إعطاءه المال ليلعب به «القمار» مع أصدقائه فى أبو النمرس.
تلقت غرفة الحماية المدنية بلاغا من غرفة النجدة بنشوب حريق فى شقة سكنية، على الفور تم الدفع بسيارات الإطفاء، وتمكنوا من محاصرة النيران، والسيطرة على الحريق دون وقوع إصابات، وبعمل التحريات تبين أن نجل صاحبة المنزل أشعل النيران فى المنزل بسبب رفضها إعطاءه المال للعب «القمار» مع أصدقائه، تمكنت القوات من القبض على المتهم، وبمواجهته اعترف بالواقعة، وتحرر المحضر اللازم بالواقعة، وتولت النيابة التحقيقات.

خبير نفسى: العنف والتفرقة بين الأبناء أهم أسباب الظاهرة

يقول الدكتور وليد هندى الخبير النفسي، «قلبى على ولدى انفطر وقلب ولدى عليا حجر»، من كتب هذه المقولة لم يخطر بباله لحظه أنه سوف يأتى اليوم الذى نجد فيه أبناء بلا قلب، ومشاعر متحجرة وعنفا وجحودا تجاه الآباء الذين يكونون شركاء فى تنشئتهم الاجتماعية منذ الصغر.
أو الذى يفرق بين أبنائه ويميز واحدا عن الآخر فيفرغ صبر الابن المظلوم تجاه من يمارس عليه الظلم، العنف فى الأكبر بكل طاقته أو الأب الذى يهجر أبنائه بدون نفقة فيساعد فى قسوة قلوبهم تجاهه، وغير ذلك من أنماط وأساليب التنشئة غير السليمة، والتى تجعل الأبناء يعيدون إنتاج السلوك بكل عنف تجاه آبائهم، بالإضافة إلى التكنولوجيا الحديثة المستخدمة ومكوث جميع الأسرة لساعات طويلة على مواقع التواصل الاجتماعى منعزلين بدون تواصل على المستوى الإنسانى.
وأضاف أن هناك آباء عملوا على عقوق آبائهم فجعلوا من أنفسهم قدوة سيئة لأبنائهم واقتدوا من ذلك السلوك لعقوق آبائهم، يضاف إلى ذلك هناك بعض آخر جعل من العنف تجاه الآباء أمرًا مستساغا وهو انتشار ظاهرة المخدرات، فهناك من ٢٠ مليون ونصف المليون مواطن متعامل مع المخدرات فى مصر ما بين « تعاطى، وإدمان، ومستخدم»، ويترتب عليه سخط من سلوك الإنسانية وضبابية الرؤية وعدم الإدراك وانعدام السيطرة على الحواس واضطراب ردود الأفعال والوازع الدينى والجهل بالآثار الدينية المترتبة على العنف تجاه الآباء والجهل بأشكال بر الوالدين كوجود النفقة والزيارة المستمرة والاستضافة وتفقدهم وسؤالهم عنهم وإنزال الآباء منازلهم وإعلاء شأنهم ومشاركتهم وجدانيا ومصاحبتهم فى رحلة العلاج والمرض.
وأوضح أن بعض الأبناء الذى يضعون آباءهم فى دور المسنين لا يعلمون مدى التأثير النفسى والمعنوى والأذى الذى يلحق بآبائهم نتيجة العزلة الاجتماعية عنهم ووضعهم داخل الأسوار، ويجعلون أدوارهم فى المجتمع قد تنتهي، ولذلك فإن معظم الخدمة مدفوعة الأجر داخل دور المسنين هى مجرد موظف يعمل كنوع من متطلبات المهنة فقط، وبالتالى يفتقد الآباء الحس الإنسانى ومشاعر البر والتقوى فى التعامل معهم، بالإضافة إلى مشاعر النكران التى تمزق أشلاء قلب المسن فى اللحظة التى يقرر فيها أبناؤه وضعه فى أحد دور المسنين، موضحا أن التعامل مع المسن لا يحتاج إلى مجموعة من المواطنين، بل يحتاج إلى أبناء يفطر قلوبهم تجاه آبائهم وكل حب ومودة.

قانونى: لا توجد نصوص قانونية لمواجهة تلك الجريمة 
"زغلول": لا يوجد اعتبار خاص للجرائم الأخلاقية.. وتسامح الوالدين ينتهى بانقضاء الدعوى
قالت الدكتورة فاطمة زغلول المحامية بالنقض، إنه على الرغم من مكانة الآباء فى المجتمع، إلا أن القانون لم يمنحهم ميزة خاصة من تعديات الأبناء، فجرائم الأبناء مع أبائهم تعامل كتعامل باقى الجرائم دون زيادات، سواء ضرب أو قتل أو سب، فهى نفس العقوبة التى تسرى على أى مجرم آخر.
وأضافت، أنه لا يوجد اعتبار خاص لتلك النوعية من الجرائم التى تحوى بعدًا أخلاقيًا إلى جانب الشق الجنائي، وأكدت أن القاضى يحكم من واقع القضية والظروف المحيطة بها، فإذا كانت الجريمة عن عمد وقسوة من المتهم عاقبته المحكمة بأقصى عقوبة، وأن تسامح الأب والأم يمكن الحكم بانقضاء الدعوى.
وأكدت، على ضرورة التأهيل النفسى ودور الأسرة والتوعية الدينية من خلال تفعيل دور العبادة، الأمر الذى يقع على عاتق رجال الدين فى الحث على دور الأسرة والواجبات تجاه الآباء، وكذلك التثقيف الاجتماعى والتوعية الإعلامية وشرح الطرق الصحيحة فى تربية النشء والتقرب منهم وعدم استعمال العنف تجاههم حتى لا يتولد بداخلهم الكره الاجتماعى والأسرى.