الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

جان بياجيه.. رائد البنيوية

جان بياجيه
جان بياجيه
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تمر اليوم 16 سبتمبر، ذكرى وفاة عالم النفس السويسري جان بياجيه الذي ولد في نيوشاتيل السويسرية في 9 أغسطس 1896. وقد اهتم بياجيه بعلم الأحياء وكان على قدر من الذكاء والعبقرية أهله ليكون محل تقدير وإعجاب.
بدأ تجربة تأليف المقالات العلمية مبكرًا فقد كتب في الحادية عشرة من عمره، مقالا عن عصفور الدوري وأرسله إلى إحدى المجلات في نيوشاتيل". وأقبل على دراسة البيولوجيا والفلسفة والتحق بجامعة نيوشاتيل سنة 1914، وفيها حصل سنة 1918 على شهادة الدكتوراه في العلوم الطبيعية ببحث قدمه حول الرخويات.
تعتبر البنيوية في الأساس منهج بحثي مستخدم في عدة تخصصات علمية تقوم على دراسة العلاقات المتبادلة بين العناصر الأساسية المكونة لبنى يمكن أن تكون: عقلية مجردة، لغوية، اجتماعية، ثقافية. 
بالتالي فإن البنيوية تصف مجموعة نظريات مطبقة في علوم ومجالات مختلفة مثل الإنسانيات والعلوم الاجتماعية والاقتصاد لكن ما يجمع هذه النظريات هو تأكيدها على أن العلاقات البنيوية بين المصطلحات تختلف حسب اللغة/الثقافة وأن هذه العلاقات البنيوية بين المكونات والاصطلاحات يمكن كشفها ودراستها. 
بالتالي تصبح البنيوية مقاربة أو طريقة (منهج) ضمن التخصصات الأكاديمية بشكل عام يستكشف العلاقات الداخلية للعناصر الأساسية في اللغة، أو الأدب، أو الحقول المختلفة للثقافة بشكل خاص مما يجعلها على صلة وثيقة بالنقد الأدبي وعلم الإنسان الذي يعنى بدراسة الثقافات المختلفة. 
تتضمن دراسات البنيوية محاولات مستمرة لتركيب "شبكات بنيوية" أو بنى اجتماعية أو لغوية أو عقلية. 
من خلال هذه الشبكات البنيوية يتم إنتاج ما يسمى "المعنى" meaning من خلال شخص معين أو نظام معين أو ثقافة معينة. وهذا ما ناقشه بياجيه في كتابه "البنيوية" حيث يرى أن البنية (نظام تحويلات له قوانينه من حيث إنه مجموع، وله قوانين تؤمن ضبطه الذاتي”. فالبنية هي علاقات العناصر الداخلية في إطارها، ودخولها في نظام هو الذي يحفظ لها استقرارها، ويضمن لها حركتها وتفاعلاتها داخل النظام ذاته، ويتيح لها أن تتوازن وتتعالق مع بنى أخرى تحكمها أنظمة خاصة بها. ويمكننا أن نكتشف طبيعة هذه البنية بنتيجة التحليل الدقيق لموقع العناصر التي تتشكل منها البنية، ولطبيعة العلاقات التي تقيمها حركة هذه العناصر. وبقدر النشاط الفعال الذي تمارسه هذه العناصر بدخولها في علاقات بعضها مع بعض، بقدر ما تمتلئ البنية غنى وحيوية. وهذا ما أشار إليه "بياجيه" عندما قال: "تبدو البنية مجموعة تحويلات، تحتوي على قوانين كمجموعة (تقابل خصائص العناصر) تبقى أو تغتني بلعبة التحويلات نفسها، دون أن تتعدى حدودها أو تستعين بعناصر خارجية".‏
إن العناصر المشكلة للبنية محكومة دائمًا بقوانين صارمة ترسخ نظام هذه العناصر، وتضفي على هذا النظام خصائص كلية. والبنية لا يمكن التعرف إليها إلا من خلال العلاقات التي تحكم عناصرها ذاتها، وليس من خلال هذه العناصر منفصلة. وهذا ما يؤكد ضبط البنية استنادًا إلى حركتها الذاتية وإلى تحولاتها. فالتحولات لا توجد أبدًا إلا عناصر تنتمي للبنية ذاتها، وتخضع لقوانينها وتحافظ عليها، ولا تعود إلى ما هو خارج حدودها. وبهذا المعنى نجد أن البنية تنغلق على ذاتها. وهذا ما دفع "لالاند" لكي يقدم في معجمه تعريفًا للبنية يؤدي إلى الفهم المشار إليه، إذ يقول: "إن البنية هي كل مكون من ظواهر متماسكة يتوقف كل منها على ما عداه، ولا يمكن أن يكون ما هو إلا بفضل علاقته بما عداه". وهذا التعريف يصح على جميع البنيات مهما كان نوعها.‏