السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

طهران تلوِّح باستهداف "الملاحة البحرية" لتهديد جيرانها في محاولة للردع

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بين الحين والآخر تلوح إيران بعصا التهديد لخصومها؛ حيث اعتاد نظام الملالى التهديد باستهداف الملاحة البحرية فى مضيق هرمز حال تعرضها لأى هجوم عسكري.
التهديد الإيرانى يكشف مدى إدراك نظام الملالى لأهمية خطوط الملاحة البحرية فى إطار سياسة التمدد التى تنتهجها على حساب جيرانها من الفواعل الإقليميين، منذ قيام الثورة الإيرانية فى ١٩٧٩، وبصفة عامة، تسعى إيران لترسيخ وجود قوى فى خطوط الملاحة الرئيسية فى المنطقة، ليس فقط لأن هذا الوجود سيسهم فى تأمين تجارتها الخارجية، ولكن أيضًا لأن الوجود الإيرانى فى خطوط الملاحة البحرية يُمكنها من التلويح بتهديداتها البحرية من وقت لآخر، علاوة على تسهيل التهريب الإيرانى للسلاح نحو الميليشيات الموالية لها فى المنطقة، خاصة اليمن. 
فى السياق ذاته، تعى إيران أن وجودها القوى فى خريطة الملاحة البحرية الدوليَّة يضمن لها شريان الحياة، وعليه فقد انتهجت إيران خطة متعددة الأبعاد، احتل فيها الخليج العربى المكانة الأولى، ليس فقط لأنه يطل على حدود إيران الغربية، ولكن أيضًا لأن دول الخليج كافة تصدر النفط من خلاله، ما يعنى أن سيطرتها على هذا الممر الملاحى العام والمهم يضمن لها الضغط على القوى الدولية المعتمدة بشكل رئيسى على استقدام النفط من هذه الدول، ويفسر هذا الأمر التهديدات الإيرانية المستمرة بإغلاق مضيق هرمز لدى تعرضها لأى تهديد عسكرى من قبل دول الخليج أو غيرها من الدول الغربية. 
كلما اشتد التوتر بين كل من إيران والقوى الغربية؛ فإن الأولى تلجأ إلى إجراء مناورات عسكرية فى منطقة الخليج العربى ومنطقة مضيق هرمز، لتبرهن على مدى جاهزيتها وقدرتها العسكرية على منع دول الخليج من تصدير النفط إلى الدول الغربية حال اندلاع حرب تكون طهران طرفًا فيها. 
فعلى سبيل المثال، لا الحصر، أجرى الأسطول الإيرانى فى بداية شهر أغسطس ٢٠١٨، مناورة عسكرية فى منطقة الخليج ردًا على اعتزام الولايات المتحدة فرض عقوبات جديدة على إيران.
على صعيد حرب الموانئ الدولية، تحاول إيران استغلال الصراع الدائر بين كل من الصين والولايات المتحدة من أجل كسر العزلة الدولية المفروضة عليها. وفى سبيل تحقيق ذلك، قامت إيران بإجراء توسعات فى ميناء «تشابهار» المطل على خليج عمان بتكلفة ٣ مليارات دولار، ليكون جزءًا من طريق الحرير الذى تحاول الصين من خلاله تأمين صادراتها إلى دول العالم المختلفة. 
وتأمل إيران أن يكون هذا الميناء منافسًا لموانئ جوادر الباكستانى ودبى الإماراتى وصحارى العماني. وقد أسهمت الهند بمبلغ ٢٣٥ مليون دولار فى تطوير ميناء «تشابهار» الإيرانى من أجل الحد من الدور الذى يلعبه ميناء جوادر الباكستاني- يقع فى جنوب غرب باكستان- المدعوم من الصين، ما يبرهن المحاولة الإيرانية لخلق تفاعلات دوليَّة جديدة بهدف تجاوز العقوبات الأمريكية المفروضة عليها. 
ورغم ما تعانيه الذراع الإيرانية المتمثلة فى «ميليشيات الحوثي»، من فشل فى بسط السيطرة التامة على المضيق الاستراتيجى، لكن إيران لا تيأس وتحاول بكل السبل إحكام سيطرتها على المضيق من خلال ميليشيا الحوثى الشيعية، بهدف خلق علاقة ترابطية بين كل من مضيق هرمز وباب المندب. وحال تَحقق ذلك المستحيل؛ فإن إيران سوف تتمكن من استهداف السفن المارة من المضيقين.
وقد أثبتت ميليشيا الحوثى الشيعية الموالية لإيران قدرتها على تمثيل إزعاج لا يرتقى إلى التهديد القوى للملاحة الدولية فى مضيق باب المندب، حينما قامت باستهداف ناقلتى نفط سعوديتين فى يوليو من العام الحالي، الأمر الذى دفع السعودية لإيقاف تصدير النفط من خلال مضيق باب المندب، قبل أن تعلن استكمال التصدير لاحقا فى أغسطس من العام الحالي. 
وبالنظر إلى الدور الإيرانى المشبوه فى منطقة القرن الإفريقي، يمكن القول إن إيران حضرت صراحة وبنفسها فى المشهد لا عن طريق أذرع أو وسطاء كما فعلت بالحوثيين واستغلتهم، ومن أجل السيطرة على باب المندب تقاربت طهران مع إريتريا، مستغلة العقوبات الدولية المفروضة على الأخيرة كوسيلة لذلك التقارب البرجماتى البحت، ولخلق أرضية مشتركة تجسدت فى توقيع اتفاقية تعاون عسكرى فى ٢٠٠٩، أرسلت إيران بمقتضاها شحنات سلاح إلى أسمرة عاصمة إريتريا، وفى وقت من الأوقات كانت إريتريا محطة رئيسية لتهريب السلاح الإيرانى إلى ميليشيات الحوثيين فى اليمن.