الثلاثاء 07 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

محافظات

"عواجيز لكن تلاميذ".. مسنة بالفيوم تتحدى الفقر والجهل بمحو أميتها

مسنة بالفيوم تتحدى
مسنة بالفيوم تتحدى الفقر والجهل بمحو أميتها
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بين جدران من طين، وحقول الزراعة والإيدي المتشققة آلاف الحكايات من لحم ودم.. كفاح وصبر وتحد، هنا فى قرية الحجر بمركز إطسا بمحافظة الفيوم، ولدت حمدية رستم «ذات الـ 63 عاما» وولدت معها حكاياتها ورحلة عناد مع ظروف الحياة.
خرجت «حمدية» من منزل والدها في عمر صغير جدا لتبدأ رحلة كفاح أسري مع زوجها التي تزوجته في سن الثانية عشرة من عمرها لتشاركه العمل بالزراعة وعناء المعيشة، كانت تقوم بدور الأم مع أخواتها، وظلت تعمل رغم زواجها لتحصل على مصاريف أخوتها، تقول حمدية: «أنا كنت بشتغل وأنا متجوزة علشان أصرف على أخواتى، وكنت رافضة أصرف عليهم من تعب وشقى جوزى، لأنه كان بيشتغل علشان ولادنا وإللي كان بيجيبه على قد إللي رايح لعدم وجود دخل ثابت إلا شغل الزراعة والعمل باليومية "أجوري"، وبعد ما أديت رسالتى مع أخواتى بدأت أهتم بولادى».
مشقة العمل وضيق الحال ربما تكون محتملة إذا صاحبها كلمة طيبة، إلا أن حمدية واجهت عكس ذلك ليكون دافعا معنويا لها ونقطة تحول فى حياتها، تقول «المسنة»: «عملت من قبل بالمعهد الدينى بالقرية كعاملة نظافة، وكان هناك مشرفة بتعاملنا بطريقة مش كويسة، إلا أنني عايزة أشكرها دلوقتى، لإنها إدتنى حافز إنى أتعلم، وأخدت شهادة محو الأمية وكرمها محافظ الفيوم، وبحاول أشجع سيدات القرية وجيرني أنهم يتعلموا، وكمان بحاول أساعد الناس من خلال أسماء أشياء بيستخدموها، وده كان من خلال مبادرات محو الأمية التثقيف في المحافظة وكنت بعلم جيرانى وإحنا قاعدين فى الشارع بدل ما نقعد نضيع وقت على الفاضي في أي نميمة أو نخلق المشكلات من وراء الأحدايث التي لا تفيد».
تحد آخر تفرضه الحياة على «حمدية» بمحنة أثنين من أبنائها في عمر الزهور اللذان يعانين من الإعاقة: « أثنين من أبنائي ربنا اختبرهم بإعاقه فقد البصر والسمع، لكنى ما استسلمتش لفيت بيهم كتير وحاولت أعالجهم بالمستشفيات الحكومية ولكن دون جدوى لم يستجيبوا للعلاج، وأصيبوا بهذا المرض في الكبر فهم في سن 24 عاما والأخر 26 عاما، فهم قعداء بالمنزل يحتاجون من يخدمهم ويعيلهم، فعندما يناديهم أحدا لا يسمعون بالأضافة إلة ضعف بصرهم تماما، ويرقض الكثير أن يستأجرهم للعمل نظرا لظروفهم المرضيه والصحية.
وتستذكر "المسنة" عندما كان الصبيان صغيران قالت: "نظرا لصعوبة ظروف المعيشة بمنزلنا الصغير، قمت بأخراجهم من التعليم وهم بالمرحلة الأعدادية ليعملوا بالزراعه ويساعدوا أبيهم حتى نأكل ونعيش، فهم 7 أشقاء من بينهم ثلاثة فتيات ووالدهم فلاح بسيط يعمل باليومية بالعمل بالزراعة لدى الجيرة من أهل قريتنا، وبسبب إنى اتعلمت وتم تثقيفي من بعض العادات والتقاليد القديمة والأسعافات الأولية بدأت أهتم بهم وأراعهم وأزرع في أبنتي التي لم تتزوج بعد بأنها لديها الحق في أن تختار شريك حياتها ولا يجوز أن تتزوج في سن قبل الثامة عشر ومن هنا هناك قصة أخرى مع أبنتي المخطوبة بسبب تعليمي ومحو أميتي ».
«الزراعة» مهارة جديدة اكتسبتها حمدية بسبب تحديات الحياة التى تقابلها: «أفنيت عمري في تربية أولادي والزراعة مع زوجي، لأنه تعبان وكان في رقبتي 4 من الصبيان، و3 من الفتيات يكبرون يوما بعد يوم ونحن أسرة فقيرة تريد العيش والستر، ومن عاداتنا وتقاليدنا في القرية تزويج بناتنا في مرحلة سن الأعدادية " المراهقة" فلم يكن بناتي دخلن المدرسة فقمت بتزويج أثنين منهم على مراحل حتى نستعد لتجهيزها عن طريق عمل والدها وأخوتها الأربعه ليلا نهارا ليجلبوا القليل من المال ليكفي أحتياجتهما للزواج، وقام العديد من أهل الخير بمساعدتنا حتى تزوجا أثنين منهما».
"فسخ الخطوبة" بسبب برنامج تثقيف الأسرة الشامل عن طريق مبادرة محو الأمية "تعلمت أنا وأبنتي التي لم يكتمل عمرها الـ16 عاما وكنا زملاء داخل حجرة صغيرة تجمع سيدات قريتنا الصغيرة، والتي أنهكها الفقر والحرمان من التعليم وموروث للعادات والتقاليد جاهله، منها الزواج المبكر الذي قضى على احلام وطموحات الفتيات وسيدات القرى، وأصبحت نسبة الطلاق والجهل كبيرة، ولم نكن نعلم ما هو السبب، بل ندركه أنه في الفقر فقط، فسخت أبنتي خطبتها بعد أن سمعت من معلمة الفصل بأن ليس عليها أن تتزوج قبل الثامنة عشر وحق عليها المعرفة، وما هي أساسيات الزواج والأنجاب وغيرها، فبعثت لخطيبها بأنه لابد أن ينتظرها حتى بعد السن المصرح به قانونا، إلا أنه باء بالرفض فقامت بأعطائه كل ما أهداها في الخطوبة من ذهب وملابس وغيرها، وتمردت الصغيره على أختيارها وفضلت أن تحلم وتطمح بحق الرأي ونحدد مستقبلها".
بعد ثورة يناير هناك الكثير من جمعيات تنمية مجتمعية تسعى إلى تقديم الخدمات إلى أهالى القرية سعت «حمدية» إلى التواصل معهم والعمل معهم لخدمة جيرانها: «أى حد بيحتاج يسأل عن حاجة بيجى لى والناس بقت شايفانى حاجة مهمة فى الشارع، حتى تعلمت كيف اطالب بحقوقي، وأعرف ماهي الأوراق المطلوبة في المصالح الحكومية».
رحلة طويلة عاشتها "حمدية" بين خدمة الأهل والجيران من قريتها البسيطة ولكن بقى وسط ذلك حلم التعليم والحصول على شهادة، حتى كرمني المحافظ ضمن السيدات اللواتي نجحن وتفوقن على ظروفهن وتعلمن، ونموذج يحتذى به وأيضا مساعدة أولادها وزوجها المريض ووالديها فاقدي البصر والسمع: «من زمان نفسى الأقي فرصة أتعلم أو اتنور وحد يرشدني للصح، عشان اقدر أساعد أولادي يتوظفوا وعلى الأقل أعملهم مدخل رزق يقدروا يعيشوا عليه.