الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

"الحمدين" تحت أمر "نتنياهو"

أمير قطر ونتنياهو
أمير قطر ونتنياهو
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كشفت صحيفة «لوموند» الفرنسية، عن أن قناة الجزيرة القطرية رضخت لإسرائيل، وتخلت عن بث فيلم تسجيلى يتطرق إلى جماعات الضغط السياسى فى الولايات المتحدة الأمريكية.
وأوقفت «الجزيرة» قرارها بث فيلم «The lobby-USA»، خوفًا من إغضاب واشنطن، فى إجراء ينسف تمامًا ما تدعيه القناة من أنها تتحلى بالمهنية وتمارس عملها بحرية.
ونشرت صحيفة «لوموند» تقريرًا موسعًا كتبه الصحفى بينجامين بارت، جاء فيه أن الفيلم التسجيلى أثار حوله البلبلة، على خلفية الوضع المعقد والجيوستراتيجى فى الشرق الأوسط. 
ويتضمن الفيلم أربعة أجزاء، ومدة كل منها ٥٠ دقيقة، وكان الفيلم الذى يكشف أسرارًا مهمة، مع نهاية ٢٠١٧ وبداية ٢٠١٨، مصدر هوس بالنسبة للأوساط الموالية لإسرائيل، وتلك الموالية للفلسطينيين كذلك فى الولايات المتحدة الأمريكية.
وحذرت المجموعة الأولى بشدة من بث الفيلم فيما تحمست المجموعة الثانية لخروجه إلى النور، كونه يسلط الضوء على عدد لا يحصى من جماعات الضغط التى تدافع من وراء البحار عن مصالح حكومة بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، الرافض لإنشاء دولة فلسطين.
ووفقًا للتقرير، فإن الفيلم يسرد مشاهدات مراسل صحفى تسلل داخل صفوف هذه الجماعات وصور بـ«كاميرا خفية»، الأساليب السرية التى تعتمدها هذه المنظمات الثرية، فى بناء دعم سياسى شبه إجماعى داخل الكونجرس، بهدف التصدى لخصومهم فى معركة كسب دعم الرأى العام.
وعرض فيلم تسجيلى سابق، تطرق لقضية مسار اللوبى الموالى لإسرائيل فى المملكة المتحدة، وتم بثه فى بداية ٢٠١٧، ويظهر فيه دبلوماسى إسرائيلى يتآمر مع مسئول رفيع المستوى، لـ«الإطاحة» بوزير معروف بمواقفه المساندة للفلسطينيين، وكشف الفيلم تورطه فى التدخل فى الحياة السياسية البريطانية، وهو اتهام لم تنفه تل أبيب.
واضطرت السفارة الإسرائيلية فى لندن وقتها، إلى نشر بيان اعتذار رسمي، وطرد موظفها المغمور من البلاد، وقامت آنذاك سلطة ضبط المجال السمعى البصرى البريطانية Ofcom، بنسف اتهامات «المعاداة للسامية» الموجهة للقناة.
وتابع: «وبعد مرور مدة طويلة على قرار وقف بث الفيلم، قرر صاحب التحقيق بدوره، الصحفى الأمريكى كلايتون سويشر، وهو مسئول خلية التحريات فى قناة الجزيرة، إلى تأكيد ما تداولته الصحافة الإسرائيلية، منذ أيام حول قرار التضحية بالفيلم باسم المصلحة العليا لدولة قطر.
وأشادت كبرى المنظمات اليهودية الأمريكية وإدارة الرئيس دونالد ترامب بقرار الدوحة تجميد بث الجزء الأول للفيلم، ويأتى هذا القرار فى وقت تشهد فيه منطقة الخليج اضطرابًا إثر الخلافات بين السعودية والإمارات من جهة وقطر من جهة أخرى.
وتدرك «الإمارة الصغيرة» أنها لا تمثل ثقلًا أمام السعودية، ومن ثم تتشبث بدعم واشنطن وتميل إلى مغازلة إيران وقوى الإسلام السياسى بالمنطقة.
ويدق قرار وقف الفيلم مسمارًا فى نعش مزاعم «الجزيرة» أنها قناة مستقلة ولها سياسة إعلامية حرة رغم أن الدوحة تمولها بنسبة ١٠٠٪.
وأقدم «كلايتون سويشر»، فى مبادرة يتحدى فيها المسئولين عنه، على الذهاب فى إجازة تفرغ، ومنذ بضعة أسابيع، وكما كان متوقعا، بدأت بعض مشاهد هذا الفيلم الغامض تتسرب عبر الإنترنت وفى الإعلام. 
قام موقعان أمريكيان يدعمان القضية الفلسطينية «The Electronic Intifada وGrazy Zone»، بنشر بعض المشاهد، كما تمكنت صحيفة «Le Monde Diplomatique» بعدها من الحصول على نسخة للفيلم- نهائية تقريبًا- للأجزاء الأربعة، ونشرت عرضا مطولا حول محتوى الفيلم، نقلته بدورها المجلة الطلائعية الأمريكية The Nation.
وتكشف الشهادات التى جمعها صحفى الجزيرة، والمدعو «طوني»، والعملية الاستقصائية التى أجراها زملاؤه فى الفريق، أمرا أساسيا وهو عملية المضايقة الإلكترونية المنهجية، التى وضعتها الولايات المتحدة الأمريكية، ضد أنصار حملة BDS (Boycott-Désinvestissement-Sanction)، وهى الحركة التى تنادى بمعاقبة الدولة العبرية ما دامت تواصل احتلالها للأراضى الفلسطينية، وهو ما يعتبر تكتيكًا سلميًا، يستلهم حركة النضال ضد نظام التمييز العنصرى «الأبرتهايد» فى جنوب إفريقيا.
وانسحبت مطربة البوب الأمريكية «لانا دال راي»، مؤخرا من مهرجان منظم فى شمال إسرائيل اعتراضًا على سياسات دولة الاحتلال.
شكل من أشكال «الجاسوسية»:
ويظهر الفيلم التسجيلى كيف تلجأ شركات مريبة ومتطورة جدًا من رصد أنصار «بى دى إس» على شبكة الإنترنت، والذى أصبح شعارهم رائجًا بقوة داخل الحرم الجامعى الأمريكي، وجمع معلومات حول حياتهم الخاصة أو المهنية بغرض تشويه سمعتهم، ليدرج بعدها اسم كل طالب أو أستاذ جامعى يعبر عن تعاطفه مع هذه الحركة، ضمن قائمة سوداء تحمل اسم «إذا كنت عنصريا، على العالم أن يعرف ذلك».
ويؤكد مدير اللجنة الطارئة من أجل إسرائيل نوا بولاك، والذى يظهر فى إحدى مشاهد الفيلم يقود مظاهرة مفتعلة ومزيفة ضد جماعة مساندة للفلسطينيين، أنه من أجل إثارة الشبهات حول أية رسالة، يجب تشويه سمعة صاحب الرسالة، ويقول: حين يتحدث الجميع عن «بى دى أس»، يجب أن يعتقد الكل أنها جماعة تدعو للكراهية، والعنف ضد المدنيين.
وحسب مجلة The Natio، فإن هذا الهجوم الإلكترونى الذى تدعمه وزارة الشئون الخارجية الإسرائيلية، هو شكل من أشكال التجسس على المواطنين الأمريكيين، أى أنها أعمال غير شرعية، وهى مجازفة لم تغفل عنها «فاكنين جيل»، المديرة العامة فى الوزارة التى حذرت فى ندوة مغلقة فى واشنطن بقولها: «نحن حكومة تعمل داخل أراض أجنبية، علينا توخى المزيد من الحذر».
هل ستقنع هذه المشاهد المسربة والتى تهدد صورة الجزيرة، السلطات القطرية بالعدول عن قرارها؟ 
يبدو أنه الهدف المنشود، حيث قال صحفى القناة فى الدوحة، فى اتصال معه، أن الفيلم التسجيلى لم يوضع تمامًا فى طى النسيان، وزعم أنه من المحتمل أن يبث التحقيق فى الوقت المناسب.
واتصلت «لوموند» بإدارة القناة التى لم ترغب من جهتها فى الإدلاء بأى تصريح.