الخميس 09 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

كلنا مرضى نفسيون

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الدراسات تقول إن 17% من المصريين مرضى نفسيون، ولا شك أن الدراسة حتى لو بالغت فى تقدير النسبة، إلا أنها عكست ما نراه ونسمعه من انتحار وقتل وسلوكيات عنيفة نراها يوميا، يقول «سيجموند فرويد» إن كل الناس مرضى نفسيون، نعم جميعنا مرضى نفسيون ولكن.. ليس الجميع ينتحرون أو يقتلون، فمن منا لم يصب يوما ما بالضيق أو الاكتئاب أواليأس؟، ولكننا لا نقدم على الانتحار أو قتل الأبناء، إذا هناك خلل ما، يجب الانتباه له لكثرة انتشار تلك الجرائم، وبمعرفتنا لوجود أمراض نفسية خطيرة تؤدى لتلك الجرائم فلابد من التوعية لعلاجها قبل أن يتحول المريض إلى مجرم، ويصبح خطرًا على نفسه وعلى المجتمع. 
إن أكثر الجرائم تكون بسبب تعاطى المخدرات، والأمراض النفسية الناجمة عنها، التى سأوضحها كما علمتها من الأطباء النفسيين، فبعد إجراء العديد من الأبحاث، تم التوصل إلى أن 80% من المجرمين مدمنون، وأكثر المرضى يرفضون اللجوء إلى أطباء الأمراض النفسية حتى لا يفتضح أمرهم، فيتفاقم المرض لديهم، والمدمن يستهين بسلوك الجريمة ولا يقدّر حجم الكارثة التى يقوم بفعلها، لأن عقله مغيّب بسبب المخدرات، ويعتقد أنه يهرب من مشاكله بتغييب عقله، حتى لا يفكر فى المشكلة، ولكن فى حقيقة الأمر هو يتسبب لنفسه بمشاكل أكبر وأخطر دون أن يدري، هناك بعض الأمراض النفسية التى تعتبر خطيرة فى حال عدم التعامل معها وعلاجها، وهى تنقسم إلى قسمين، أمراض نفسية مثل القلق، والوسواس القهرى وغيرها، والأمراض العقلية مثل الفصام والاضطراب الذهنى، والاضطراب الوجدانى ثنائى القطب، وهذه التقسيمة مبنية على تقدير الطب النفسى الشرعي، لأنه إذا ارتكب إنسان جريمة، وهو يعانى مرضًا عقليًا لا يعاقب قانونًا لأنه لا يفهم طبيعة الجريمة التى أقدم على ارتكابها، لانفصاله عن الواقع، أما المريض النفسي، فهو يعى حالته النفسية ولديه استبصار بها، لذلك يحاسب قانونيا ولكن يؤخذ بالاعتبار مرضه وتخفف عنه العقوبة، والاضطرابات النفسية التى تؤدى إلى ارتكاب الجرائم كما أوضحها الأطباء النفسيون، هي:
الفصام البارانوي، ويقدم المريض المصاب بهذا المرض على القتل، الذى يكون متعمدا لأنه يكون لديه تخيل أن الشخص الآخر سيقتله، ومريض الصرع، يقتل وهو ليس فى وعيه ولا يشعر بشىء، ومريض الهوس، فمن الممكن أن يضرب شخصًا أو يدفعه من مكان مرتفع، ويكون غير متعمد القيام بذلك إطلاقًا، ومريض الوسواس القهرى، ومشكلته هى عبارة عن فكرة تتكرر دون توقف، فتجده يخنق شخصًا معه فى المصعد، على سبيل المثال دون سبب، غير تكرار فكرة ملحة تضعه تحت ضغط، والاكتئاب السوداوى، عندما يكون فى أقصى حالاته قد يقتل المريض الأشخاص الذين يحبهم قبل أن يقتل نفسه، لأنه يشعر أن الدنيا لا تستحق وجودهم فيها لأنها سيئة جدًا، فيفعل ذلك بدافع الحب وهذا هو الأكثر خطورة، واضطراب الانتحار الممتد، وهو الشخص الذى يعانى من الخوف من المستقبل، والذى يجعله يقوم بقتل أبنائه لحمايتهم من سوء المصير (وفقًا لرأيه)، وبعد ذلك يقوم بقتل نفسه، وهذا المرض نسبته قليلة جدًا، وأيضًا القتل من أجل الحصول على المال، حتى يتمكن المدمن من شراء المخدرات.
وهذه هى الأسباب التى تؤدى للقتل، أما حالات الانتحار فليس كل منتحر مريضا نفسيا بالضرورة، فمن الممكن أن يكون الانتحار وليد لحظة يأس، نتيجة لمشكلة لم يستطع المنتحر مواجهة عواقبها أو يعتقد أنه لا حل لها، فيتخلص من حياته ليتخلص من المشكلة. 
إذا كيف نحمى المجتمع من تلك الأمراض المهلكة، التى تهدد حياة المريض والمجتمع من حوله؟ 
أولًا التوعية، فهى رسالة تنبيه لكل إنسان يعانى أو يعرف شخصًا يعانى تلك الأعراض ومفادها عندما تعلم بمرضك أو مرض قريب أو صديق لك يجب عليك ألا تتأخر فى طلب العلاج، وخاصة المدمنين، لأن المخدرات سبب كل الكوارث النفسية والعقلية.
وهذا يتم عن طريق التوعية المستمرة فى وسائل الإعلام والمراحل الدراسية المختلفة، وخطباء المساجد وعظة الكنائس، ومتابعة الأهل للأبناء، وإذا طرأ تغير فى سلوك الشخص إن كان زوجًا أو ابنا، فيجب الانتباه، والحصول على العلاج السريع قبل أن تصل الحالة إلى الإجرام.