الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

سياسة خلق الأعداء.. استراتيجية واشنطن في مكافحة الإرهاب

الإرهاب
الإرهاب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مع مرور ١٧ عامًا على أحداث ١١ سبتمبر، تبرز أهمية تقييم مآلات الاستراتيجية الأمريكية لمكافحة الإرهاب، خاصة أن هذه الاستراتيجية أبرزت فشلًا كبيرًا؛ حيث وُضِعت للقضاء على خطر الإرهاب، ولكن بعد ١٧ عامًا نجد أن هذا الخطر ازدادت فاعليته وتنوعت أنماطه وأدواته؛ إذ زادت فاعلية التنظيمات الإرهابية القديمة وبرزت تنظيمات جديدة أشد خطورة لتبادل الأدوار، فعلى الرغم من الدعم الذى تلقته طالبان من الجانب الأمريكى لمواجهة الاتحاد السوفييتي، انقلبت عليها هذه السياسة، وتشكل تنظيم القاعدة الذى لم تستطع واشنطن وحلفاؤها القضاء عليه منذ ٢٠٠١. سنرصد فيما يلى تقييمًا شاملًا للاستراتيجية الأمريكية لمكافحة الإرهاب، وكيف أدى فشلها إلى بروز تنظيمات عنفوية باتت عابرة للحدود، وظهور المظلوميات التى نتج عنها نموذج الذئاب المنفردة التى مارست عنفًا وإرهابًا فى قلب أروبا خلال الأعوام الماضية.
أسس الاستراتيجية الأمريكية
يرى المحللون والمتابعون أن استراتيجية الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب بعد ٢٠٠١ عدوانية؛ حيث قامت على نموذج الحروب الاستباقية ضد الأهداف التى تراها تدعم الإرهاب أو تموله، وهو ما بدا فى قرار الحرب على العراق فى ٢٠٠٣. ومثَّل الانسحاب غير المخطط له من العراق فرصة لنشاط تنظيمات ما بعد القاعدة مثل تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام «داعش». أدى ذلك إلى اتهام واشنطن بنجاحها فى التدمير وفتح جبهات للحروب، وفشلها فى تحديد نهاياتها، ورسم سيناريوهات الانسحاب؛ إذ يقوم انسحابها على العشوائية وترك الجبهات مفتوحة، وهو ما حدث فعليًا فى حالات العراق، وأفغانستان إلى حدٍ ما. واعتمدت الاستراتيجية الأمريكية لمكافحة الإرهاب على عدة مبادئ، نذكر منها:
سياسة دعم تغيير الأنظمة السياسية
اعتبرت الولايات المتحدة أن دعمها للأنظمة الاستبدادية غير الناجحة اقتصاديًا أدى إلى ظهور المتطرفين باعتبار أن الفقر والتهميش من أبرز ما يتغذى عليه الفكر المتطرف. لذا اتجهت إدارة «بوش» الابن إلى تنفيذ أجندة إصلاح سياسى فى الدول الحليفة لها، ونتج عن ذلك دفعها للإصلاحات السياسية فى الدول العربية مثل الضغط على مصر لإجراء أول انتخابات رئاسية تعددية بعد التعديلات الدستورية فى مايو/أيار ٢٠٠٥، وتم الضغط كذلك على دول لإصدار قوانين ودساتير جديدة تعزز من مسألة الحقوق السياسية والاجتماعية مثل الضغوطات التى تم ممارستها على سوريا، وقطر، والبحرين، والسعودية. 
نتج عن هذه السياسة نشأة الحركات الاجتماعية والشبابية التى قادت التغيير فى المنطقة بعد ٢٠١١، وتلازم مع ذلك توفير المؤسسات الأمريكية لبرامج تدريبية لمساعدة الشباب من الدول العربية للتغيير بالطرق السلمية. ظهرت نتائج هذه السياسات فى ٢٠١١ فيما سُمى وقتها بـ «الربيع العربي» الذى انقلب حاله إلى تدهور اقتصادى وتصاعد لموجات العنف والإرهاب ونشأة التنظيمات الإرهابية المحلية فى ظل الحروب الأهلية التى نشبت فى المنطقة كما الحال فى سوريا وليبيا واليمن.
توحيد الجهود الدولية
عملت الإدارة الأمريكية على استخدام أدوات الضغط السياسية والاقتصادية على الدول للدخول فى ركبها لمكافحة الإرهاب والتطرف. وفى هذا السياق، استطاعت الدبلوماسية الأمريكية تمرير القرار رقم (١٣٧٣) فى مجلس الأمن الدولي، وأنشأ هذا القرار لأول مرة لجنة أممية لمكافحة، وفى عام ٢٠٠٦ وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على الإطار الاستراتيجى المشترك لمكافحة الإرهاب، وتقوم هذه الاستراتيجية على ٤ دعائم أساسية هي؛ معالجة الاوضاع التى تحفز على الإرهاب مثل الفقر والحرمان الاقتصادي، ودعم الدول وتمكينها من مجابهة العمليات الإرهابية، وضمان احترام حقوق الإنسان والتمكين السياسى للجميع باعتبارهم أهم مقومات مجابهة الإرهاب.
استخدمت إدارتا «بوش الابن»، و«باراك أوباما» هذه الاستراتيجية؛ حيث قام بوش بتشكيل قوة دولية مكونة من ٤٠ دولة لإسقاط نظام الرئيس العراقى «صدام حسين». وتبنت واشنطن السياسة نفسها فى حربها على القاعدة فى أفغانستان، وكذلك الحرب على تنظيم الدولة فى العراق. وتحاول واشنطن أن تستفيد من هذه الاستراتيجية فى توفير الدعم الدولى لسياساتها.
واشنطن وسياسة خلق الأعداء!
برعت السياسة الأمريكية فيما يمكن وصفه مجازًا «تحضير الجن دون القدرة على صرفه»؛ إذ تشير نتائج الحرب الأمريكية على الإرهاب إلى فشل الاستراتيجية الأمريكية فى التعاطى مع التنظيمات العسكرية؛ إذ نتج عن الدعم الأمريكى لحالة العنف الشعبى ضد الاتحاد السوفييتى إلى نمو تنظيم القاعدة وتصاعد أنشطته ضد المصالح الأمريكية، وكذلك تأسيس حركة طالبان التى تحولت بعد ذلك إلى حركة مقاومة ضد الولايات المتحدة، ومن والاها فى الداخل الأفغاني، فلم تكن واشنطن على دراية بأن ما ستقوم به من سياسات لدعم المجاهدين الأفغان قد ينقلب عليها؛ حيث أمدتهم بالسلاح، ووفرت لهم البرامج التدريبية لتعطيل النفوذ السوفييتى فى منطقة بحر قزوين.