السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

كتاب "الخوف" في الصحافة الفرنسية.. أهلا بكم عند "مجانين" البيت الأبيض!

كتاب «الخوف» فى الصحافة
كتاب «الخوف» فى الصحافة الفرنسية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

جيمس  ماتيس وزير الدفاع: أتعامل مع الرئيس مثل طفل فى سن 11 عاماً!

مستشارو ترامب يتعمدون إخفاء وثائق مهمة من مكتبه بينها وثيقة كانت كفيلة بإحداث زلزال في العلاقات مع كوريا الجنوبية

"لونوفال أوبسرفاتور": مشاهد سيريالية فى المكتب البيضاوى تؤكد أننا أمام مهرجان!

   فى انتظار صدور كتاب الصحفى الأمريكى، مفجر قضية «ووترجيت» الشهيرة، بوب وود وارد، والذى صدر بعنوان «الخوف: ترامب فى البيت الأبيض».. اهتزت الصحافة الفرنسية اليوم الأربعاء، بمضمون الصفحات التى نشرت حصريا على صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، نظرا للحقائق التى نقلها الصحفى وودوارد وتطرح أكثر من علامة استفهام حول طبيعة التسيير الذى تقوده الإدارة الحالية فى البيت الأبيض خاصة فيما يتعلق بالسياسة الخارجية لأول قوة عالمية.
وفى حالة استنفار قصوى، سلطت معظم العناوين الفرنسية فى بداية مقالاتها الضوء على التصريحات النارية والمريبة التى لم تعد سرا جديدا بالنسبة لشخص دونالد ترامب المعروف أنه سليط اللسان، لكن فى كتاب الخوف تكشف عن نوايا دفينة وحتى خطيرة فيما يخص بعض الشخصيات السياسية رفيعة المستوى، سواء كانت أمريكية مثل جون كيلى رئيس موظفى البيت الأبيض (الذى وصف بالمعتوه والشخصية غير المتزنة)، أو التخطيط لقتل الرئيس السورى بشار الأسد!
ويبدو أن اللهجة السائدة فى البيت الأبيض تعكس من ناحية ما رؤية المقيمين فيها وتصورهم للسياسة التى تبدو فى نظرهم أشبه بلعبة أطفال، وهو ما ركزت عليه التقارير فى محاولة لفهم ما يجرى فى كواليس المكتب البيضاوى، حيث تحدثت «لونوفال أوبسرفاتور» عما اعتبرته بـ«مشاهد سيريالية» وكتب الصحفى فيليب بوليه جيركورت «يا له من مهرجان! كنا نعلم أن وودوارد الذى كشف فضيحة «واترجيت» مع شريكه كارل برنشتين فى «واشنطن بوست» سيصدر بيرتا الضخمة!».
وبمجرد قراءة التفاصيل الأولى للكتاب الذى يضم ٤٤٨ صفحة، تتجلى حسب الكاتب ملامح «الملك المجنون» الذى يحاول مستشاروه «العقلاء» احتواءه تفاديا لحدوث الأسوأ وذلك من خلال العديد من المشاهد السيريالية المتسلسلة: مثلا يقوم مستشارو ترامب بإخفاء الوثائق الحساسة جدا من على مكتبه، مثلما يفعل غارى كون المستشار الاقتصادى للرئيس، الذى أخفى من على مكتب القيادة العالمية وثائق عديدة مثل تلك التى تنص بسحب صفقة تجارية مع كوريا الجنوبية كان التوقيع عليها كفيلا بإحداث زلزال فى علاقات التعاون العسكرى بين البلدبن أو الوثيقة الخاصة بالانسحاب من اتفاقية «الألينا»، حيث اتصل به أحد المستشارين على جناح السرعة يعلمه بوجود الوثيقة، وكان رد «كون» فى غاية العجب: «يمكننى منع ذلك، الأمر يقتضى فقط أن أقوم بإخفاء الوثيقة من على مكتبه (الرئيس)».
ليست فقط الوثائق وحدها التى تهدد مستشارى البيت الأبيض، كذلك يتناول الكتاب معاناة محامى الرئيس ترامب فى محاولات إبعاده عن الإدلاء بشهادات أو تصريحات أمام العدالة خصوصا مع خصمه اللدود روبرت مولر، الذى يحقق فى قضية التدخل الروسى فى حملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية ٢٠١٦، «كونهم متأكدين من ميول ترامب المرضى للكذب سيؤدى إلى خسارته، بل وذهبوا لتنظيم حوار مزيف ليقنعوا ترامب أنه سيقع فى الفخ»، حيث قال له المحامى جون دوود «لا تدلى بأى شهادة وإلا ستجد نفسك بالبدلة البرتقالية!».
أما عن السياسة الخارجية، فحدث ولا حرج ولم يعد الأمر مفاجئًا بالنسبة للرأى العام، فخلف التغريدات التى يطلقها كل خمس دقائق، يمكن اليوم تصور الأجواء فى المكتب الرئاسى لدونالد ترامب وهو يطلق قراراته الغريبة أو يتحدث بلهجة نارية فى انتقاد خصومه، ففى الوقت الذى طلب الرئيس الأمريكى من جوزيف دانفورد رئيس قيادة الأركان التخطيط لضربة عسكرية تستهدف كوريا الشمالية، يتساءل بإلحاح من جهة أخرى عن جدوى إبرام صفقة فى غاية السرية لبرنامج إنذار لإطلاق الصواريخ مع كوريا الجنوبية ويرد عليه جيمس ماتيس وزير الدفاع «لنتفادى حربا عالمية ثالثة !» هذا الأخير صرح فى شهاداته أنه يتعامل مع الرئيس ترامب مثل «طفل يبلغ من العمر ١٠ أو ١١ سنة»! كيف لا وهو الذى طلب منه ترامب على الهاتف بالتخطيط «لتصفية بشار الأسد» قبل أن يعدل عن رأيه أمام المستشارين.
أما بالنسبة لمراسلة «لوبوان» فى واشنطن هيلين فيسيار، فهى تحدد فى شخصية بوب وودوارد الذى يتسنى له بسهولة الوصول لأكثر المصادر الحساسة من أعضاء الإدارة الذين أدلوا بشهاداتهم دون الإفصاح عن هوياتهم، ليخلص إلى بورتريه عن رئيس اجتمعت فيه ملامح الزعيم العاطفى بشدة، مزاجى ولا يمكن توقع ردود أفعاله، ما أجبر بعض المستشارين للمراوغة فى تجنب بعض القرارات مهما كلفهم الأمر وبأى وسيلة متاحة فى حركة غير مسبوقة لـ«انقلاب إداري» لم يحدث فى تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية.
ناهيك عن مسلسل الأكاذيب وتصفية الحسابات مع موظفيه ومستشاريه السابقين الذين نعتهم بأقبح الأوصاف عبر تغريداته، اهتمت صحيفة «ليكسبريس» بـما اعتبرته «حالة الإحباط العصبى» السائدة فى البيت الأبيض. وعنونت «ليبراسيون» من جهتها «نحن عند المجانين: كتاب جديد يقصف ترامب ورئاسته الفوضوية» حيث تكتب مراسلة الصحيفة فى واشنطن شارلوت أوبرتي: «مرحبا بكم داخل البيت الأبيض فى طبعة ترامب، مكان حيث تنعدم الكفاءة، وتسود الشتيمة حسب الصحفى الأمريكى الشهير بوب وودوارد، الذى يدخلنا من خلال كتابه نحو العالم الكارثى الذى نعرف عنه بعض الملامح دون أن نتوقع مدى سوداوية المشهد ولنقل كذلك المسخرة السائدة». 
وعن أصداء صدور هذه الصفحات، تؤكد الصحفية فاليرى سامسون أن البيت الأبيض «على حافة الانهيار العصبى» ليس فقط بسبب ما جاء فى الكتاب بل كذلك بسبب الضغوط التى باتت تشد بخناق المسئولين هناك، فيما اكتفى الرئيس الأمريكى بالتعليق على الموضوع فى حوار مع صحيفة «دايلى كاير» قائلا: إن الأمر لا يتعدى مجرد «كتاب سيئ آخر» وأن الأحداث التى رواها الموظفون السابقون فى فريقه مجرد «أكاذيب ملفقة اخترعها المؤلف» ووجه ترامب اتهامًا للمولف، بحسب «لوفيجارو»، أنه «يعانى من مشاكل فى المصداقية». كذلك نقلت «لوموند» تصريحات المتحدثة الرسمية باسم دونالد ترامب تؤكد أن ماورد فى الكتاب «مجرد قصص مزيفة، اختلقها موظفون غاضبون، ليظهروا الرئيس فى أسوأ حالاته».
وعلى غرار ذلك ذكرت «لوموند» أن بوب وودوارد اتصل بالرئيس دونالد ترامب الذى أكد له فى مكالمة هاتفية علمه بأنه سيكون «كتابا سلبيا» وذلك رغم طمأنة المؤلف له. وكتب مراسل واشنطن الفرنسى جيل باريس «سينزعج ترامب الذى اعتاد على التباهى بنجاحاته فى مجال النشر، من رؤية هذا الكتاب الناقد الذى سيصبح أحسن المبيعات على الموقع التجارى العملاق «أمازون»، وذلك فى اليوم الذى تجاوزت فيه مجموعة جاف بيزوس، التى تملك واشنطن بوست، لأول مرة سقف ١٠٠٠ مليار دولار من مبيعاتها».
حقائق مثيرة لا يسع نشرها فى مقال واحد للكتاب الذى سيصدر فى فرنسا لدى دار النشر «لوساي»، لا يمكن حسب الصحفى فيليب بوليه جيركورت، تجاهلها ولا حتى نفيها مثلما كان الأمر بالنسبة لكتاب «فاير أند فورى» لميشال وولف حيث يقول الصحفى: «لكن وودوارد ليس وولف والزمن تغير كثيرا، يتعلق الأمر هنا هذه المرة، بأشهر صحفى أمريكى، معروف بمؤلفاته لمئات الحوارات، حتى وإن كان بعضها مجهول الهوية، من المستحيل أن تنفض كل هذه المعلومات بكفة يد».
وفى سياق يشهد اقتراب الانتخابات الأمريكية وتراجع شعبية دونالد ترامب وبالخصوص الحديث عن احتمالية خلعه، لا يسع إلا الاستنتاج أن الرئيس الحالى محاصر وأن «الخوف» فعلا بدأ يسود البيت الأبيض.