الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

أوجست كونت.. مؤسس علم الاجتماع

أوجست كونت
أوجست كونت
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كانت الأجواء في فرنسا عقب الثورة الفرنسية مهيأة تماما لميلاد وبلورة أفكار أوجست كونت عالم الاجتماع والفيلسوف الاجتماعي الفرنسي تلميذ سان سيمون، والذي ولد في مون بوليه بفرنسا في 19 يناير 1798، وتوفي في مثل هذا اليوم 5 سبتمبر 1857، بباريس ولم يتلق "كونت" تعليما جامعيا مع أنه عاش في أسرة ميسورة متدينة شديدة التعلق بالمسيحية "الكاثوليكية".
ولقد ظهرت في أعقاب الثورة الفرنسية مشكلات إصلاح المجتمع وإعادة تنظيمه وكان من وجهة نظره أن الفوضى التي يعيش فيها المجتمع ليست راجعة فقط إلى أسباب سياسية بل هي كذلك راجعة إلى أسباب عقلية أو إلى طرق التفكير، فالمجتمع لكي يستمر ويتقدم ليس في حاجة إلى انسجام في المصالح المادية والمنافع المتبادلة فحسب بل في حاجة كذلك إلى اتفاق عقلي.
ولقد كانت الفوضى في رأيه راجعة إلى وجود أسلوبين متناقضين للتفكير، التفكير العقلي والذي من خلاله يتم تناول الظواهر الكونية والطبيعية والبيولوجية وثانيهما التفكير الديني الميتافيزيقي والذي يتناول الظواهر التي تتعلق بالإنسان والمجتمع، ولقد أدت هذه الفوضى إلى فساد في الأخلاق والسلوك، وللقضاء على هذه الفوضى عرض كونت ثلاثة تصورات هي: 
‌أ- التوفيق بين التفكير الوضعي والميتافيزيقي. 
‌ب- أن نجعل المنهج الديني (الثيولوجي) والميتافيزيقي منهجا عاما تخضع له جميع العقول والعلوم. 
‌ج- أن نعمم المنهج الوضعي فنجعل منه منهجا كليا يشمل جميع ظواهر الكون، فبالنسبة للوسيلة الأولى لا يمكن تحقيقها علميا لأن المنهجين متناقضين فالمنهج الأول نسبي والثاني مطلق فغاية الأول كشف القوانين العلمية وهدف الثاني وضع مبادئ فلسفية لا سبيل إلى تصورها.
أما الوسيلة الثانية فهي قد تحقق الوحدة العقلية المنشودة ولكن هذا الوضع يتطلب القضاء على الحقائق الوضعية التي توصل إليها علماء مثل جاليليو وديكارت وبيكون ونيوتن، وبالتالي هل نستطيع أن نحكم على القوانين الطبيعية التي حكمت على المراحل السابقة بالفساد ونمنعها من أن تحدث النتيجة نفسها مرة أخرى فكأننا نعيد الفوضى من جديد ونهدم المجتمع من حيث نريد له الإصلاح والتقدم.
وأخيرا لا يبقى في أيدينا إلا الاتجاه الثالث وهو أن نقبل التفكير الوضعي منهجا كليا عاما ونقضي على ما بقى من مظاهر التفكير الميتافيزيقي وهذا المنهج لا يمكن أن يتحقق إلا في ظل شرطين: 
1-أن تكون هذه الظواهر خاضعة لقوانين ولا تسير وفق الأهواء والمصادفات.
2-أن يستطيع الأفراد الوقوف على هذه القوانين لكي يفهموا الظواهر.
لهذا كان لا بد من ظهور علم يعالج الفوضى وتنطبق عليه هذه الشروط وهو ما أسماه أولا بالفيزياء الاجتماعية أو علم الاجتماع.