الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

حكاية "غزالة".. عاملة التراحيل

غزالة
غزالة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مع بزوغ فجر كل يوم تستقبل «غزالة» يومًا شاقًا من العمل، مستقلة عربة نصف نقل تركبها من الخلف لتقف بجانب غيرها من السيدات والفتيات المتراصين جنبًا إلى جنب، فى طريقهم للحقول التى لا تبعد كثيرًا عن الجبل والعمل أسفل حرارة الشمس التى لا يشفعوا منها طيلة العشر ساعات من عملهم.
دفعها لذلك زوجها المريض وإعالة خمسة أطفال، لتصبح بذلك الأب والأم وعمود المنزل الذى يرتكز عليه، ذلك فى مقابل زهيد لا يتعدى ثلاثين جنيهًا، إنها عاملة التراحيل.
«غزالة» سيدة أربعينية تقطن بقرية «أبوسنط» بمحافظة المنيا، تعمل فى الحقول صباحًا حتى السابعة مساء ثم بائعة خضار ليلًا، لا تكل من العمل، لتسد احتياجات منزلها من مأكل ومشرب.
ساعات ليست بهينة، تقضيها «غزالة» فى الحقل تزرع وتسقى وتحرث الأرض، تشرق الشمس وتغرب ولاتزال بنفس الهيئة تكد فى عملها، لا تبالى بجسمها النحيل ذو الوجه المصفر مع ظهرها المنحنى والعرق يتصبب على جبينها من شدة الحر، فشغلها الشاغل ليس هذا بل أطفالها وزوجها. 
لم تكتف بذلك فقط، فحينما تعود - منتظرة على جمرة من نار العربة التى اعتادت نقلهم ذهابًا وإيابًا - تقوم بفرش مجموعة الأقفاص لتضع عليها الخضار الذى قد يدر دخلًا لها، جالسة على الرصيف، عينيها ترقب المارة وكأنها تحدثهم وتدعوهم للشراء، إنها الساعة التاسعة ما أن تدق تهم «غزالة» لبيتها.
«جسمى بيبقى منمل من كتر التعب» كلمات استكملت بها «غزالة» حديثها تصف حالتها أثناء العودة لمنزلها، يبدو على وجهها اللهفة لرؤية أطفالها وزوجها فهى لا تنسى بجانب عملها أنها أم وزوجة عليها واجبات يجب أن تؤديها والتى تقوم بجزء منها ابنتها الكبرى، تبلغ من العمر عشرين عامًا، تدير المنزل طوال اليوم لتحمل عن والدتها عبء المنزل.
ساعات قليلة تقضيها معهم، حتى تجد نفسها أمام النوم الذى لا يمثل لها الراحة بل الغفلة التى بها تبدأ يومها الشاق من جديد، وبهذا أنهت غزالة حديثها مستأذنة لاستكمال عملها بعينين تملؤهما الإصرار والعزيمة.