الخميس 06 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

شرعيتهم المُفَبرَكة ضد صاحب الشرعية!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
هذا كلام وثيق الصلة بالقضية الآنية الأكثر إلحاحاً التى هى وجوب الموافقة على الدستور بأغلبية مُعتبَرة، والكلام المقصود هو هذه المحاولات التى ترمى إلى الطعن فى خطوة إنجاز الدستور عن طريق اللغو الذى يلوكه الإخوان وحلفاؤهم فى الداخل والخارج عن شرعية مزعومة، وقد أضيف إلى هؤلاء وأولئك عيّنة مِمَن هم منغمسون فى العمل السياسى بروح رومانسية تُحلِّق متحررة من قواعد السياسة وتقع فى أخطاء الواحد منها بحجم الفيل، وتتعالى على المتفانين المنشغلين بهموم السعى لقطع خطوة إلى الأمام تحت تهديد أعداء الثورة وفى خضم واقع ضنين بالفرص مليئ بالتناقضات والصراعات والمعوِّقات!
انظر إلى أصحاب هذه العقلية من خارج جماعة الإخوان وحلفائهم، والأغلب الأعم عليهم أنهم يتحركون طواعية دون تنسيق مع الإخوان ذوى النزوع العملى الذى يجعلهم يستفيدون من أى فرصة ومن أية قوة، ولذلك بات الاعتماد عليهم كبيراً، لما لهم من قدرة على التشويش تؤثر على فئات أخرى، وقد كرّسوا كل طاقتهم لمعارضة اختيار الشعب، وأصرّوا، ولا يزالون يصرّون حتى بعد كل ما تكشف، على أن ما حدث فى 30 يونيو وما تلاه هو انقلاب على الشرعية، ولكنهم، وفى نفس الوقت، يُسَلِّمون بأن حُكم الإخوان قد انتهك الشرعية الدستورية التى قام عليها، ويضربون هم المثل بجرائم عدة منها انتهاك الدستور بما سُمى "الإعلان الدستورى" الذى حصَّن قرارات الرئيس الإخوانى من أى طعن، وأن هذا الحُكم عمل بكل الطاقة للاستيلاء على كافة السلطات فى البلاد منتهكاً مبدأ وجوب الفصل بين السلطات، وناصب القضاء عداء لا حل له إلا بأن يصرع أحدهما الآخر، وزاده نهماً أنه نجح فى الاستيلاء على السلطة التشريعية وصارت كاملة له بلا منافس، كما تمكن من تمرير دستور مُفَصَّل على مقاسه يُسهِّل له البقاء فى السلطة إلى آماد غير منظورة، ولا يمكن التنبوء بمداها، ثم إنه بات يعتمد على ميليشياته المدربة المسلحة التى لم تتردد فى القتل والترويع، بما أصبح يهدد الأمن الإجتماعى بأن تسعى كل فئة لتشكيل ميليشياتها التى تحميها من تغول الإخوان على مصالحهم..إلخ إلخ
طيب يا جماعة الخير، لنستبعد خيار لجوء الشعب إلى استدعاء الجيش لحمايته من هذه العصابة، ولنفترض أن الجيش لم يستجب لهذه الاستجارة فى 3 يوليو، كيف إذن كان التعامل الأمثل الذى ترونه مع جماعة أنتم توافقون على أنها خرجت عن الشرعية واقترفت كل هذه الجرائم وكان مستقبلها يؤكد على مضيها على نفس المنوال؟
يجيبون بأنه كان يجب الانتظار حتى نهاية ولاية الرئيس ثم الاحتكام مجدداً إلى صندوق الاقتراع ثم نمتثل جميعنا لاختيار الشعب بعد فرز الأصوات!
تقول لهم إن الشعب هو صاحب الشرعية، وقد منحها للإخوان فى ظروف خاصة، بفرض أنه لم يحدث تزوير لإرداته، ولكنه، على أية حال، خرج ليسحبها بدءاً من 30 يونيو لأسباب كانت من الوضوح بحيث لا ينكرها إلا مُغرِض أو واحد من خارج عالم السياسة، وإن الشعب راح يؤسس لشرعية جديدة بدستور جديد يذهب هذه الأيام للتصويت عليه، وإن هذا بالضبط هو ما حدث ضد مبارك، وأما حجتهم فهى تعنت فى التمسك بالإجراءات الشكلية التى من المفترّض أنها موضوعة لضمان الحرص على إعمال إرادة الشعب وليس تكبيلها!
يقولون لك إن الأمر مختلف لأن هذا هو أول رئيس مدنى منتخب!
وكان الرد عليهم هذه المرة من أحد ظرفاء الفيس بوك بخفة الدم المعهودة: بل هو أول جاسوس مدنى منتخب!
وتقول لهم: ولكن هذه الانتهاكات التى لا تجادولون فى أن جماعة الإخوان قد اقترفتها، كان يترتب عليها، مع استمرارهم فى الحكم، صعوبة تخيل أن تقوم انتخابات يكون لها من النزاهة ما يحقق إرادة الشعب إذا أراد أن يُغيِّرهم ويأنى بغيرهم!
يقولون إن هذه هى قواعد الديمقراطية!
ولكنك تفشل فشلاً محققاً إذا حاولت إقناعهم بأن أعتى الديمقرطيات فى العالم لا تقيد نفسها بهذه النظريات التى تجافى لُبّ القضية، حتى إذا ضربت لهم مثلاً واحداً يُفترَض أنه مفحم عن نيكسون، الذى انتُخِب ديمقراطياً، ثم اضطر إلى الاستقالة امتثالاً لإرادة الشعب عقاباً على كذبه على الرأى العام بادعاء أنه لم يعرف بالتجسس على مقر واتر جيت، وهو ما اعتبره الشعب الأمريكى خطأ فادحاً، مع اليقين الكامل بأنه لم يأمر بالتجسس ولكنه فقط علم بعد الوافعة وكذب بأنه لم يعلم! وكما ترى فإن هذه لا شيئ بالمقارنة مع كوارث الإخوان!
لا شك أن الانجرار فى مثل هذه المجادلات استنزاف لطاقة الثورة ولِهمّة من ينشدون البناء لتتجلى شعارات الثورة التى لا تزال مفارقة لم تلمس الأرض بعد، وينبغى إدراك أنه على الثورة أن تتعامل مع أصحاب هذه العقليات الذين قد يكونون أسوأ على الثورة من الخصوم المباشرين من جماعة الإخوان وحلفائهم!
لذلك ينبغى، فى ترتيب الأولويات، أن نولى قضية الموافقة على الدستور أولوية أولى بأن يحظى بأغلبية مُعتبرة من معدّل مشاركة أعلى من الإقبال على دستور الإخوان.
فنحن مقبلون، منذ بدأ التصويت فى الخارج قبل أيام، على مرحلة جديدة حقاً فى تاريخ مصر التليد، فهذه أول مرة فى حياة المصريين تتوفر إمكانية أن تتجلى إرداتهم فى اختيار دستورهم الذى يضبط نظام الحكم ويحدد الحقوق والواجبات ويضع حدود السلطات وصلاحيات كل مسئول، إلى غير ذلك، وبرغم كل المآخذ والملاحظات، وكلها ينبغى العمل على تصويبها كمهمة أساسية على كاهل الحركة السياسية، فهى نقطة تصلح للانطلاق بعد انحراف أصحاب تحقيق المصلحة لجماعتهم فقط حتى إذا كانت على حساب الوطن!