رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"قنبلة الأزمة السكانية".. 10 ملايين مواطن زيادة في 4 سنوات.. خبراء: لم نصل بعد لمرحلة "الانفجار".. وتفعيل دور الإعلام لتوعية المواطنين أمر ضروري

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تظل أزمة الزيادة السكانية في مصر "قنبلة موقوتة"، تهدد استراتيجيات الدولة ومستقبلها نحو التنمية والنهوض بالبلاد في شتى المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، والتي ينتج عنها مشكلات عدة تحاول مصر حلها دومًا.
وزادت الأزمة خطورة عقب تصريح الدكتور محمد معيط، وزير المالية، عن الزيادة السكانية الضخمة في مصر سنويًا، بقوله: "نحن دولة تريد أن تنمو وتكبر في ظل التحديات التي تواجهنا، مصر في 4 سنوات أنجبت 10 ملايين مواطن، وهذا نصف قارة أستراليا.
وأضاف: "نريد بنية تحتية لهؤلاء ولغيرهم ممن سيأتى"، لافتًا إلى أن الدولة تعمل على تنمية مواردها في الفترة الحالية، حيث إن الطروحات الجديدة بالبورصة جاءت لتنمية موارد الدولة.

إحصائية الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن عدد السكان في مصر الفترة الأخيرة:
وأصدر الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، تقرير حديث عن حجم الزيادة في عدد سكان مصر، الذي حدث منذ عام 2003 وحتى بداية عام 2018، موضحًا أن عدد السكان زاد خلال الـ15 عامًا المشار إليها نحو 20.3 مليون نسمة، حيث وصل عدد السكان عام 2003 "67.3 مليون نسمة"، وفي عام 2018 –حتى الآن- سجل العدد 96.6 مليون نسمة.
وأشار التقرير الوارد ضمن كتيب "مصر فى أرقام" لعام 2018، الصادر عن جهاز الإحصاء حديثًا، إلى متوسط الزيادة السنوية في عدد السكان سنويًا، والتي تتراوح من 2- 4 مليون نسمة سنويًا، وبتطبيق متوسط هذه الزيادة السنوية، متوقع الوصول إلى 100 مليون نسمة خلال عام 2019، وسجل العام الحالي أعلى زيادة سنوية في عدد السكان، حيث بلغت 4.2 مليون نسمة، وفي عام 2017 وصل عدد السكان نحو 94.8 مليون نسمة، وفي بداية عام 2018 وصل العدد لـ 96.3 مليون نسمة.
وقال الجهاز في بيان رسمي، إن محافظة القاهرة تعد أكبر المحافظات من حيث عدد السكان، وبلغ سكانها حوالي 9.7 مليون نسمة تليها الجيزة 8.8 مليون نسمة، في 1 يناير 2018.

وفي هذا الصدد، يقول الدكتور محمد حسن خليل، منسق لجنة الدفاع عن الحق في الصحة، إن وضع مصر السكاني يختلف عن وضع دول العالم، وخاصةً أستراليا التي تحدث عنها وزير المالية الدكتور محمد معيط، لافتًا إلى أن دول العالم تضم أربع أنواع من المجتمعات، ومن بينها مجتمع في مرحلة النقطة الحمراء وهي التي تشهد معدل مرتفع جدًا من المواليد والوفيات وكان هذا الأمر موجود في مصر في القرن الـ19 والنصف الأول من القرن الـ20.
وأضاف: "هذه المرحلة تجاوزتها البشرية ما عدا إفريقيا جنوب الصحراء، نتيجة للتقدم الحضاري وتوفير المياه النقية والصرف الصحي وغيرها، والمرحلة الثانية هي مرحلة الانفجار السكاني والتي لم تصل إليها مصر في الوقت الراهن، فلابد من إدراك هذا الأمر عند الحديث عن أزمة الزيادة السكانية، ومقارنة مصر بباقي دول العالم التي تشهد انفجار سكاني، لفهم هذه المرحلة وأبعادها.
وأشار إلى أن هذه المرحلة يقوم فيها التقدم الحضاري بتقليل معدل الوفيات ولكن المواليد تظل بها مرتفعة، وبالتالي سميت فترة الانفجار السكاني والتي مرت بها مصر في الخمسينات والستينات، حيث كان معدل الزيادة السكانية كان حوالي 3.7 من السكان سنويًا، وبالتالي هذه الفترة شهدت زيادة سكانية كبيرة، ولكن بالرغم من ارتفاع معدل الزيادة السكانية إلا أن مستوى المعيشة بها كان في تحسن مستمر.
وأضاف، أن المرحلة الثالثة تسمى المرحلة الخضراء وهي نتيجة التطور الحضاري ينخفض بشدة معدل الزيادة السكانية، وهذا ما حدث في مصر في فترة التسعينات والألفيات، لافتًا إلى أن معدل الزيادة السكانية في مصر قبل يناير 2011 انخفض لـ1.9%، ثم بدأ في الزيادة مرة أخرى إلى 2.5%، وبالتالي فإن الزيادة السكانية ليست بالغة الضخامة في مصر على الإطلاق، ولكن الأزمة تكمن في عدم إمكانية إحداث التنمية لمواجهة الزيادة السكانية.
وشدد على ضرورة حل الأزمة من زاويتين، وهي إحداث التنمية وأن يكون هناك اقتصاد تنموي واستهلاكي، بالإضافة إلى العمل على حد الزيادة السكانية من خلال أدوات محددة، أهمها محاربة الفقر ونشر الوعي بعمالة الأطفال وخطورتها.
وأوضح، أن المواليد الجدد تلجأ أسرهم إلى فتح سوق العمل أمامها تعويضًا عن بطالة "الكبار"، وارتفاعها بنسب كبيرة في المجتمع ككل، بنسبة تصل إلى 13%، وبالتالي فإن الأسلحة الفعالة لمكافحة الزيادة السكانية هي مكافحة الفقر والبطالة، ويتم ذلك من خلال رفع مستوى التعليم في مصر، والقضاء على حالة التدهور الذي يشهده في الوقت الحالي، حيث إن نسب الإنفاق على التعليم لم تصل إلى النسب الدستورية المقررة، ما يجعل حالة التعليم بائسة.
وأضاف أنه في حالة استعادة النسب الدستورية المقررة للتعليم سيتم العمل على استعادة مدارس اليوم الواحد والتي بها الأطفال لا يزيدوا عن 30 طفل في الفصل، مع تقديم المدارس وجبة أو اثنين للأطفال، فضلًا عن ضرورة رفع مستوى الصحة أيضًا، وزيادة وعي الأسر من الإنجاب بلا حدود ولجوئهم إلى عمالة الأطفال.
وأشار إلى ضرورة تفعيل دور الإعلام لتوعية المواطنين بالزيادة السكانية وتأثيراتها السلبية على المجتمع، بالإضافة إلى توفير وسائل منع الحمل وتيسيرها، والتي يفضل أن تكون آخر نقطة في جدول مواجهة الزيادة السكانية.

فيما قال الدكتور شريف حسني، خبير الإدارة والتنمية البشرية، إن أزمة الزيادة السكانية مسألة مزعجة لكثير من المواطنين، وهذه المشكلة لها شقين زيادة نسبة المواليد والتي يجب التعامل معها بشكل صحيح، والشق الثاني هو كيفية تقليل نسبة المواليد من الأساس، مشيرًا إلى أنه على الدولة والحكومة توفير فرص للتدريب وللتعليم على المشروعات الصغيرة مثلما فعلت كوريا والصين أيضًا.
وأضاف حسني، في تصريح خاص لـ"البوابة نيوز"، أن المشروعات الصغيرة التي اعتمدت عليها الدول التي تشهد زيادة سكانية كانت تخص الأعمال اليدوية، مؤكدًا أنه من أخطاء التعامل مع الزيادة السكانية رؤيتها عبء كبير لا يمكن حله، وهذا أمر خاطئ، حيث أنه هناك عوامل يمكن اتباعها لتقليل نسبة المواليد، بعيدًا عن الطرق القديمة المستهلكة الخاصة بتنظيم الأسرة وعدم إمكانية الأسر الصرف على المواليد الجدد، وهذا أمر مخالف للعقيدة الدينية، وبالتالي لابد من مخاطبة المواطنين بشكل مختلف، بما يؤهلهم للتفكير بأن الإنجاب الكثير ليس "عزوة".
وأشار إلى أن دولة الصين تطبق نظام التزامها بالطفل الأول، والطفل الثاني الالتزام به لدرجة معينة، أما الطفل الثالث فهو بعيد تمامًا عن مسئولية الحكومة والدولة، ويتولى مسئوليته الأب والأم، متسائلًا: "هل هذا النظام يمكن تطبيقه في مجتمعنا المصري؟"، مشددًا على ضرورة مخاطبة عقول المجتمع بشكل مختلف وغير تقليدي.