رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

البغدادي والظواهري والجولاني.. "إخوان في رسائل الهزيمة"

البغدادي
البغدادي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
التنظيمات الإرهابية تلجأ لـ«الفضاء الإلكترونى» لتعويض خسائرها على الأرض.. «زعيم داعش» يعترف بالهزائم مدعيا أنه اختبار من الله

بعد هزائمها على الأرض، تلجأ التنظيمات الإرهابية عادة إلى الفضاء الإعلامي، لإثبات أنها لا تزال فى المشهد من جهة، ومحاولة استقطاب المزيد من المتطرفين، من جهة أخرى.
وبالنظر إلى اعتقاد الإرهابيين بأن هذا النهج هو الأقل تكلفة لتعويض خسائرهم، لم يكن مستغربا ظهور 3 من أكبر زعمائهم، وهم أبوبكر البغدادى وأيمن الظواهري وأبومحمد الجولاني، فى تسجيلات صوتية وفيديوهات، إلا أن الجديد هذه المرة أن ظهورهم كان بشكل متزامن فى عيد الأضحى.
وتعددت التفسيرات حول لغز هذا الظهور الإعلامى المتزامن، إذ اعتبر البعض ظهور البغدادى والظواهرى والجولانى محاولة يائسة أخيرة من داعميهم لإعادة إنتاجهم من جديد، ومحاولة إبقائهم فى المشهد، خاصة فى ظل حرب التصريحات والعقوبات المتبادلة بين عدد من الفاعلين الإقليميين والدوليين، ومساعيهم لتوظيف أدواتهم، ومنها التنظيمات الإرهابية، لمساومة بعضهم البعض، وتحقيق أكبر مكاسب ممكنة، خاصة فى سوريا الجريحة. 
وذهب تفسير ثان إلى احتمال أن يكون هذا الظهور المتزامن مقدمة لتنسيق بين داعش والقاعدة، مع اقتراب معركة تحرير محافظة إدلب فى شمال سوريا من قبضة المتشددين، إلا أن الوقائع على الأرض تقلل من احتمال حدوث هذا السيناريو، لأنه منذ ٥ يونيو الماضي، تحولت مدينة سلقين فى ريف إدلب إلى ساحة لعمليات القتل والثأر المتبادلة، بين «داعش» من جهة، و«هيئة تحرير الشام»، المحسوبة على تنظيم القاعدة، من جهة أخرى، على خلفية قيام الأخيرة بإعدام ٢٢ لاجئا عراقيا فى قرية «كفر هند» بريف سلقين، بتهمة أنهم «خلايا نائمة تابعة لداعش»، وهو ما رد عليه التنظيم بإعدام خمسة من عناصر «تحرير الشام» فى ٩ يونيو فى مدينة أريحا فى القطاع الجنوبى من ريف إدلب.
ولعل ما يشكك أيضا فى صحة التفسير الثانى أن جماعات متشددة كثيرة تنتشر فى إدلب وريفها، حيث تتواجد «هيئة تحرير الشام»، وداعش الذى يعمل فى شمال سوريا تحت اسم «ولاية إدلب»، وأيضا هناك حركة «نور الدين الزنكي» و«هيئة أحرار الشام»، ويدور بشكل شبه يومى اقتتال بين هذه الفصائل المسلحة وتشكيلاتها المتعددة، وكذلك عمليات اغتيال وتفجير ممنهجة، فى إطار التنافس بينها للسيطرة على مناطق النفوذ فى الشمال السوري.
ولم يستبعد البعض أن يكون ظهور البغدادى والظواهرى والجولانى جاء بهدف استغلال مناسبة عيد الأضحى، وما يرتبط بها من مفهوم التضحية والإيثار، لاستقطاب المزيد من المتطرفين، بزعم الجهاد، أو مواصلة خداع من تبقى من مقاتليهم، ودفعهم لمواصلة الحرب الخاسرة.
ويبقى هناك تفسير يرى أن زعماء الإرهاب الثلاثة ظهروا فى توقيت متزامن لإثبات أنهم لا يزالون على قيد الحياة، وسعيا لـ«الشو الإعلامي»، ومحاولة خطف الأضواء من بعضهم البعض، مستغلين هزائم كل منهم، لتصدر المشهد الإرهابى مجددا، وبانتظار حدوث مفاجآت لصالحهم.
وإلى حين اتضاح حقيقة هذا الظهور المتزامن، يتفق كثيرون أن هذه الخطوة تؤكد حقيقة تراجع داعش والقاعدة بشكل كبير، وأنه لم يبق بحوزتهم من خيارات فى الوقت الحالي، سوى الفضاء الإعلامي، وأن ظهورهم محاولة يائسة أخيرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، ولملمة شتات من تبقى من مقاتليهم على قيد الحياة، وإعادة بث الروح فيهم، ورص صفوفهم، وذلك عبر ترويج مزاعم مفادها أن الحرب عليهم لم تستطع القضاء على قياداتهم، ولم تنل من عزيمتهم، وأن الرأس لا يزال سليما، رغم الضعف الذى أصاب الجسد، ما يبقيه على قيد الحياة، وحتى احتمال عودته بقوة من جديد.
ورغم أن هذه الاستراتيجية قد تكون حققت نجاحا فى السابق من وجهة نظر الإرهابيين، إلا أن هزائم العامين الأخيرين كانت قاسية لدرجة يصعب معها تداركها بسهولة، ولعل إلقاء نظرة على تسجيلات وفيديوهات البغدادى والظواهرى والجولاني، يكشف بوضوح عن أنها خلت من أى جديد، أو الإشارة إلى انتصار على أرض الواقع، واكتفت فقط بالعبارات المعتادة حول مناشدة عناصرهم لمواصلة ما سموه «الجهاد».
ففى ٢٢ أغسطس الجاري، وفى تسجيل صوتى جديد منسوب له، لم يتم التأكد من صحته، حث أبوبكر البغدادى أنصاره فى الدول العربية والغربية على مواصلة القتال وشن هجمات بكل الطرق الممكنة.
وحسب «رويترز»، جاء تسجيل البغدادي، الذى نشره موقع «مؤسسة الفرقان» التابع لتنظيم داعش، بعنوان «وبشر الصابرين»، وبلغت مدته ٥٥ دقيقة، وتطرق فيه إلى الأزمة بين الولايات المتحدة وتركيا بسبب احتجاز القس الأمريكى أندرو برانسون، والعقوبات الأمريكية على روسيا وإيران، واتفاق كوريا الشمالية مع أمريكا، والعمليات الإرهابية فى السلط والفحيص الأردنيتين، فى محاولة للترويج أن التسجيل الصوتى حديث، وأن البغدادى لا يزال على قيد الحياة.
وألمح البغدادى فى التسجيل الصوتى المنسوب له، وهو الأول منذ أكثر من عام، إلى الصعاب التى يواجهها تنظيمه، داعيا أنصاره للصمود.
وأقر أيضا بالخسائر التى تعرض لها داعش، خاصة فقدان السيطرة على مدن وقرى بالعراق وسوريا، لكنه زعم أن ذلك «اختبار من الله»، وقال إن «ميزان النصر أو الهزيمة عند المجاهدين ليس مرهونا بمدينة أو بلدة سُلبت، وليس مرهونا بما يملكه المخلوقون من تفوق جوى أو صواريخ عابرة أو قنابل ذكية، بل بما يملكه العبد من يقين بوعد ربه وثبات على توحيده وإيمانه وإرادته الحقة فى قتال أعداء الدين»، حسب ادعائه.
كما تحدث البغدادى عن إدلب، قائلا إن «النظام السورى وروسيا يستعدان لاقتحامها بمساعدة من وصفهم بالخونة»، وقال أيضا: «إن الولايات المتحدة تتبع سياسة العصابات وإن علامات الانكسار والتدنى ظهرت عليها»، زاعما أن «الفضل فى كسر هيبتها يرجع إلى داعش».
وكانت آخر رسالة من البغدادى فى صورة تسجيل صوتى مدته ٤٦ دقيقة، نشرت فى سبتمبر ٢٠١٧، ودعا فيها أنصاره فى أنحاء العالم لشن هجمات على الغرب ومواصلة القتال فى العراق وسوريا ومناطق أخرى.
وفى ٢٤ أغسطس، أفادت وكالة «أسوشيتد برس»، بأن زعيم تنظيم «القاعدة» أيمن الظواهرى بعث برسالة مصورة جديدة استغرقت خمس دقائق حيث فيها المسلمين أينما كانوا على الانضمام لما سماه «الجهاد» ضد من وصفهم «الصليبيين المتوحشين».
وسبق أن نشر الظواهرى فى أبريل الماضى تسجيلا صوتيا، دعا فيه المسلحين فى سوريا إلى رص صفوفهم فى مواجهة الحكومة و«الأعداء الآخرين»، حسب تعبيره.
وقبل تسجيل البغدادى ورسالة الظواهري، نشرت «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقا)، فى ٢١ أغسطس صورا لقائدها العام «أبومحمد الجولاني»، خلال زيارة قام بها لتفقد قواته فى ريف محافظة اللاذقية الشمالى فى شمال غربى سوريا.