الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

مدير المعهد الفرنسيسكاني الشرقي: الأنبا إبيفانيوس عالم نادر يصعب تكرار شخصيته وبكيت عليه من قلبي.. نمتلك أكبر مكتبة مخطوطات في الأديرة القبطية.. سعيد بإقبال المسلمات على دراسة القبطيات

الأب ميلاد شحاتة
الأب ميلاد شحاتة في حواره لـ«البوابة نيوز»
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قال الأب ميلاد شحاتة، مدير المعهد الإكليريكى الفرنسيسكانى الشرقى، إن المؤتمر المقبل للمعهد يدور حول تاريخ مسيحيى الشرق الأوسط، من خلال الرحالة والفلكلور والتعرض إلى الجانب الاقتصادى والاجتماعي، وأيضًا الشخصيات السريانية والمارونية والقبطية، مضيفًا أن ضيوف شرف المؤتمر باحثين من الجامعة الكاثوليكية ببرشلونة والجامعة الكاثوليكية بالمجر.
وأضاف فى حواره لـ «البوابة نيوز» أن مصر تملك أكبر مكتبة مخطوطات فى الأديرة القبطية، ونحتاج لعدة أجيال لتحقيقها ونشرها، وأضاف بكيت على الأنبا إبيفانيوس من قلبي، فهو إنسان وعالم نادر يصعب تكرار شخصيته، كما كان إنسانًا منفتحًا يحب الجميع بصدق، وإلى الحوار..



■ كيف ترى الاهتمام العالمى الحالى بحقل الدراسات القبطية؟
- بدأ الاهتمام بالدراسات القبطية من خلال جمعية الآثار القبطية الكائنة بالكنيسة البطرسية بالعباسية، وقدمت دراسات ومحاضرات وندوات مهمة بشكل بحثى محترم، وهناك أيضا معهد الدراسات القبطية بالأنبا رويس، فى الكاتدرائية المرقسية بالعباسية أيضًا، ثم مؤسسة سان مارك للدراسات، وهناك حالات فردية قدمت هذا العلم وأثرت فيه، منهم على سبيل المثال د. جودت جبرة، د. يوحنا نسيم أستراليا، د. صموئيل معوض بألمانيا وأسماء أخرى. وفى مجال الفن والعمارة هناك د. عاطف عوض، د. سامى صبرى، وأسماء كثيرة أثروا المكتبة العربية والعالمية بدراساتهم. 
أكبر مكتبة مخطوطات
■ وماذا عن مستقبل هذا العلم؟
- فى مصر نملك أكبر مكتبة مخطوطات فى الأديرة القبطية، ونحتاج لعدة أجيال لتحقيقها ونشرها، ونقيم مؤتمرات يشارك فيها عدد كبير من الباحثين الغربيين، ولضعف مستوى البحث العلمى فى مصر ومستوى النشر، نقوم بنشر عدد من الأبحاث فى مختلف الدراسات القبطية من فن وعمارة وآثار وتراث عربى وقبطي.
■ ما أهداف المركز الفرنسيسكانى للدراسات القبطية؟
- المركز تأسس بشكل تراكمي، البداية كانت متواكبة مع برنامج الدراسات القبطية، الذى أسسته مكتبة الإسكندرية عام ٢٠١٣، فنحن بدأنا فى نفس الوقت، وتعرفنا على الدكتور لؤى محمود، مدير البرنامج، والهدف من الأساس بناء مركز للدراسات القبطية، مركز بحثى، وليس دراسي، كانت هذه البداية، فقد بحثنا عن الباحثين الأوائل من الفرنسيسكان. وفكرنا فى ترجمة دراساتهم ومنهم مثلا الأب جاما برردينى، وهو باحث فى مقر الموسكى، كان إيطالى وكتب دراسات عن مصير الموتى فى الطقس القبطى باللغة الإيطالية، وأيضا كتاب مريم العذراء فى التقليد القبطي، وغيرها من الدراسات المهمة، وعندما دخلنا فى تعاون مع مكتبة الإسكندرية وكان لنا لقاءات مع علماء أجلاء منهم الدكتور يوحنا نسيم، والدكتور ماهر عيسى، أستاذ اللغة القبطية فى جامعة الفيوم، والدكتورة شذى إسماعيل، أستاذ فنون قبطية بجامعة حلوان، وبدأت التساؤلات لماذا لا نعمل دراسات قبطية؟ ومن بعدها بدأ مشروع دبلومة فى الدراسات القبطية بالفعل. 

مناهج التعليم
■ يتساءل البعض عن هذه الدراسات والأبحاث والمؤتمرات وعدم وصولها لرجل الشارع.. ما تعليقك؟
- لا أدرى ما المقصود من الوصول لرجل الشارع، فحقل القبطيات له اهتمامات ثقافية فردية، لكن لنا حلم أن القبطيات تكون فى المناهج التعليمية المصرية، لتعريف الطالب أين الأقباط وتاريخهم وكتاباتهم، وأين الآثار القبطية، وهناك قنوات أخرى ممكن أن تنقل هذا الاهتمام مثل «البيت - الكنيسة - المدرسة التقليدية»، أما السوشيال ميديا فيمكن من خلالها تقديم ما ينشر من دراسات وأبحاث، فى الأوساط الأكاديمية بعد تبسيطه، ولكنه حتى الآن صعب، كذلك يمكن استخدام أفلام بسيطة على اليوتيوب لتقديم كل زخم المؤتمرات فى ربع ساعة، كذلك من المهم مراعاة البعد الاقتصادى سواء فى الدراسة بهذا الحقل أو العمل من خلال هذه الدراسة.
■ لماذا لا تهتم كل القنوات المسيحية بنقل فعاليات مؤتمرات الدراسات القبطية؟
- كل قناة لها توجهاتها، ولكن ألاحظ أن قناة سات٧ من المحطات التى تغطى كل المؤتمرات، ويعاد عرضها مرة أخرى، فقد قامت بتغطية مؤتمرات التراث العربى المسيحى والتراث الرهبانى فى الشرق الأوسط، ونتمنى أن تسير باقى القنوات على هذا النهج لتعميم الفائدة.
أما عن النشر الورقي، فنحن ننشر فى مجلة التراث العربى المسيحي، وهى مجلة علمية محكمة بدأت فى الصدور منذ ٤ سنوات، لكن المؤتمر الخاص بالتراث العربى المسيحى عمره الآن ٢٧ عامًا.
الجامعات 
■ زرت جامعة جنوب الوادى ثم جامعة المنيا.. ما أوجه التعاون مع هذه الجامعات؟
نهتم بتراث مصرى غنى ونفسى ينتقل الاهتمام به لكل المحافظات، لذلك نبحث عن الجامعات المهتمة ونتعاون معها فى إقامة دورات فى الأيقونات واللغة اليونانية، ونهدف الوصول للجنوب.
وأؤمن بالتعاونيات لكى نكمل بعض، فلدى منهج وفكر، وعندك مكان وأساتذة، فلماذا لا نتعاون والمنافسة الأكاديمية تتيح ناتجًا أروع وتعمم الفائدة، ولا يمكن أن يكون الأمر مقصورا على الكنيسة القبطية، فهم من مختلف العالم، وكلما ندخل الصعيد نجد كنوزًا وباحثين شبابًا، فمثلًا فى رحلة لمنطقة الباجورات فى الخارجة وجدنا كنوزا فى مصر من المهم الاهتمام بها ومعرفتها. 
■ ما رأيك فى الإقبال الكبير من الشباب لدراسة القبطيات؟
- أندهش شخصيًا من هذا الاهتمام، ومن المستوى العلمى الراقى لشباب الباحثين، وهو أمر يعطينا أملًا كبيرًا، وأنا منبهر من المستوى المتميز الذى نجده عند شابات مسلمات يعشقن اللغة اليونانية الكلاسيكية واللهجة القبطية الصعيدية، ويحصلن على أعلى الدرجات، خاصة بين الشابات اللواتى أتين من المنوفية وطنطا ويحتملن مشقة المواصلات للدراسة، وأذكر بكل الفخر من بين دارسات الماجستير والدكتوراه، تيسير عبدالعزيز، هاجر سعد الدين، لمياء عادل. وسعيد بهذا الاهتمام بالآثار، وأطلق عليه حالة (عشق) وليس مجرد دراسات لغات، هم بالفعل يعشقون مصر والروح المصرية، وهذا ما يعبر عنه المركز بوجود رهبان كاثوليك - مسلمون - أرثوذكس- إنجيليين المكان مفتوح للكل والهم المشترك هو التراث. ومع الوقت نفسه نطور أسلوب البحث والدراسة من خلال مجموعة ممتازة من الباحثين اهتمامهم الأساسى العمل.
تراث النوبة
■ ما محور المؤتمر المقبل للمركز؟
- قدمنا مؤتمرات حول تراث النوبة المسيحية، والتراث الرهبانى فى الشرق الأوسط من خلال باحثين بجامعة سيالسبورج وأيضا مركز المسبار (دبى)، والمؤتمر المقبل حول تاريخ مسيحيي الشرق الأوسط من خلال الرحالة والفلكلور والتعرض إلى الجانب الاقتصادى والاجتماعي، وأيضا الشخصيات السريانية والمارونية والقبطية، وضيوف شرف المؤتمر باحثون من الجامعة الكاثوليكية ببرشلونة والجامعة الكاثوليكية بالمجر.

سبق لكم التعاون مع الأسقف الشهيد الأنبا إبيفانيوس كعلامة وباحث ومحقق مخطوطات.. كيف كانت علاقتك به؟

- بكيت على الأنبا إبيفانيوس من قلبي، فهو إنسان وعالم نادر يصعب تكرار شخصيته، كما كان إنسانًا منفتحًا يحب الجميع بصدق، فقد سمح لنا كرهبان فرنسيسكان أن نصلى كفرنسيسكان على مذبح الكنيسة الأثرية بدير أبو مقار بوادى النطرون، ولم نصدق أنفسنا من محبته الغامرة.

كذلك رحب بمقترحى بتأسيس يوم يجمع رهبان مصر، وبالفعل أسست معه اليوم السنوى لرهبان وراهبات مصر الأرثوذكس والكاثوليك، وموعده الجمعة الأولى من شهر ديسمبر من كل عام، وتمت إقامته بلا ضجة إعلامية فى كنيسة سان جوزيف بوسط القاهرة، وكان الهدف تقديم المحبة والخبرات الحياتية الرهبانية الأرثوذكسية والكاثوليكية، فكلنا أبناء أنطونيوس الكبير، مؤسس الرهبنة فى مصر والعالم، قدمت فكرتى للأنبا إبيفانيوس وشجعنى تواضعه وقال أقول لقداسة البابا تواضروس، والبابا رحب جدًا بالفكرة ونفذنا ثلاث سنوات متتالية، وحضر عدد من أساقفة الكنيسة، منهم الأنبا مكارى، أسقف جنوب شبرا، والأنبا دانيال، أسقف دير الأنبا بولا بالبحر الأحمر، كنا نجتمع ونصلى معا كرهبان وراهبات ممثلين لكل دير من الأديرة المصرية، ثم نلقى محاضرات عن الحياة الرهبانية وتبادل الخبرات.

كما أن الأنبا إبيفانيوس يمتلك بقعة نور، فكان شخصًا متواضعًا جدًا وعلامة ولا يحب أن يظهر، وعندما تسأله عن أمر تجد معرفة كبيرة، خاصة بالمخطوطات واللغة اليونانية والقبطية، فأسلوبه سهل وبسيط. لم أحزن على أحد مثله، فكان أبًا وأخًا وعالمًا، لقد خسرناه بالفعل.