الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

ثورة المرأة.. ليس وقتها

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قبيل الحروب العالمية التى أسس لها الرجال وأنهكوا بها بلادهم، كانت النساء دائمًا خاضعات للعصر الأبوى بكل ما فيه من مميزات وعيوب، حيث كانت المرأة فى أغلب الأحيان إما زوجة وأم أو تكسب رزقها ببيع جسدها الذى لا تملك غيره بالساعة.
عندما قامت الحروب وأصبح دور الذكور الوحيد فى المجتمع هو الذهاب فى الحرب للموت أو العودة بعاهات جسدية، قامت النساء بإنقاذ اقتصاد بلادها والنزول للعمل فى شتى المجالات حتى تلك التى تحتاج لقوة جسدية لم يكن أحد يعرف أن النساء تمتلكها، منذ ذلك الحين وبعد عودة الرجال بعد انتهاء تلك الحروب، قامت الثورة النسائية التى رفضت فيها المرأة رفضًا قاطعًا أن يتم النظر إليها كجسد، لأنها أصبحت تعرف جيدًا أن بإمكانها فعل كل شىء، بالإضافة إلى الأمومة التى لن يعرف الرجال عن متاعبها شيئا ولو انقلبت الأرض رأسًا على عقب.
تلك الثورة التى يشهدها العالم ببوادرها مع بداية القرن التاسع عشر، بإثبات «بعض» النساء لقدرتهن على العمل والإبداع وتحمّل شتّى المسئوليات لم تنته بعد، حيث لا تزال هناك مجتمعات لا تنظر إليها إلّا على أساس كونها جسدا، لم يُخلق سوى لتحقيق المتعة للذكور، حتّى أن معظم الذكور فى تلك المجتمعات يكادون يؤمنون بأن المرأة لا تملك احتياجات جنسية على الإطلاق، ملحوظة سريعة: هى تملك من تلك الغريزة أضعاف ما تملك لكنّها كذلك تملك من إرادة الذكور للتحكم فى شهوتها أضعافًا مضاعفة.
كل ذلك الكلام يبدو محض أنثوي، يشبه كلام النساء اللواتى أخذن من قضية مساواة الرجل بالمرأة، كتكملة لثورة القرن الماضي، واللواتى لا ينظر لهن المجتمع سوى بصورة العاهرات اللواتى يردن تلك الحرّية التى تسمح لهّن بممارسة الجنس مع ذكر البط إذا مرّ بجانبهن. تلك النظرة التى لا تخرج سوى من مجتمع لا يفكر سوى بالجنس، يعيش من أجله ويكرّس كل طاقته الجسدية وللأسف العقلية أيضًا من أجل الجنس، ما غيره! لم أكن أنا يومًا إلّا مطالبة للنساء بأن يظللنَّ إناثًا قدر الإمكان، وأن يعين اختلاف الأدوار لأننى لا أرى منهن سوى عنادًا للدفاع عن أراضيهن المحتلّة، بتخبّط واستعلاء، لكننى أأسف إذ لم يعد بإمكانى أن أحاكم المظلوم على هرتلته وهو يحاول الدفاع عن نفسه!.
ثورة المرأة كما عرفها التاريخ الحديث، ليس لها أى مكان فى قضية هذا القرن!.
قضية المرأة فى مصر لم تعد قضية نسوية تسعى للمساواة لأن تلك مرحلة من مراحل الرخاء الذهنى، حيث يكون المجتمع راض بنسبة معينة فتخرج عليه فئة من النساء المتسلطات اللائى يبدأن بالمطالبة بكل شىء وأى شىء، حتى يبدأ الباقى فى الاختلاف حول أحقيتهن فيما يفعلن أو مستوى تطرفهن ويعارضوهن لأنهن على وشك أن يغيرن شكل العالم كما عرفه البشر فى كل الأزمنة، حيث يكون للرجال دورهم فى الحياة وللنساء دورهن أيضًا.
نحن لسنا بصدد تلك المعضلة ولا أتوقع أن نصل لتلك المرحلة من الفراغ فى وقت قريب، إنما نحن أمام أزمة حقيقية لا تخص النساء أبدًا، بل تخص مجتمعا بكامله ينهار انهيارًا لا قيام منه إلّا بوعى جميع الأطراف.
لا يمكن أن تطالب النساء بحقوقهن وبالمساواة، عندما تعيش على أرض تفضّل فيها السير حول مجموعة من الكلاب الضالة على أن تسير بين بنى جنسها من الذكور، لا يمكن أن تقوم بلد إذا كان جيلان متعاقبان يستبيحان أجساد النساء فى الشوارع وكأنهن حيوانات، ثم تثور ثائرتهم عندما يحدث المثل مع أهل البيت.
شعب يحتوى على نسبة شباب تتعدى نصف عدده الكلّي، أغلبهم يعانون من طاقات ذلك السن، وهرمون لعين يحرّكهم تجاه العنف والتسلط من كثرة الفراغ، فلا يجد أمامه سوى الجنس لإخراج تلك الطاقة!.
الانفجار الجنسى أخطر من الانفجار السكاني، وبدلا من وضع خطط لتقليل خصوبة جميع الرجال، يكفيكم أن تخصوا المتحرشين، إذا ما أردتم عقابًا رادعًا لتلك العشوائية. نفس الذكور الذين يعيشون فى ذلك المجتمع هم المسئولون عن وضع القوانين الرادعة وعن تنفيذها، فتجدها قوانينًا هشّة، لا يطبقّها أحد فى نهاية الأمر، متناسين جميعًا أنّه عندما يوضع فى خانة المظلوم إذا جاء الدور على من يحب، سيتمنّى لو أن هناك عددًا أكبر من الذكور فى هذا المجتمع ممن يعرفون معنى الأنثى، وقدرها وحقّها فى الحياة، لا المساواة!.
ذلك الكرب الذى يعترينا لا يصّح أن يكون ثورة المرأة ضد مجتمع ذكورى يحاول كبتها، بل إنّه إذا لم يكن قضيّة مجتمع بأكمله، به رجال لايزالون يحملون النخوة بداخلهم، ويريدون حتّى الدفاع عن جنسهم الذكورى بإثبات أنّه ليس محض حيوان لا يعرف من الدنيا سوى متع لحظية، وبأنهم يحملون عقولًا حباهم الله بها لكونهم بنى الإنسان، فيدافعون عن حق الإناث فى أن يخرجن من أرحام أمهاتهن فى سلام، فعلى بلادنا ومستقبلها سيكون كل السلام.