الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"أطفال الشوارع".. ظاهرة تتحدى كل العصور.. فريسة لأباطرة تجارة المواد المخدرة.. وخبراء: "المشردون" قنابل موقوتة.. والحرمان يدفعهم للانتقام من المجتمع

أطفال الشوارع
أطفال الشوارع
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«أطفال الشوارع».. ظاهرة مصرية معقدة، فشلت معها كل محاولات العلاج، رغم ما تم رصده لها من إمكانيات مالية ولوجستية، حيث يتحول فيها الأطفال فى سن البراءة إلى مشروعات خارجين عن القانون وجناة يستبيحون كل شيء ويتعاطون ويتاجرون فى المواد المخدرة، ويغتصبون وينتهكون كل القيم والمبادئ السوية.

دراسات وأبحاث تحدثت عن أن الضرب والقسوة على النشء قد تحولهم لمجرمين يخاف من نواياهم، وفى ظل تفاقم وازدياد ظاهرة التفكك الأسرى وإجرام أطفال الشوارع وتحولهم من مجنى عليهم إلى متهمين، «البوابة» تسلط الضوء على ظاهرة أطفال الشوارع من خلال عرض وقائع لأطفال تتاجر فى المواد المخدرة، وتنتهك المعايير المجتمعية، وبيان أسباب المشكلة وطرق الحل لها على لسان خبراء علم النفس وبعض القانونيين. 
شب «محمد» ١٢ سنة، داخل أسرة متفرقة وأب يتاجر فى المخدرات، وقبض عليه وبحوزته مواد مخدرة، فقرر ترك المنزل وتوجه إلى الشارع ليتعرف على أحد أباطرة تجار المخدرات، لينساق فى طريق نهايته إلى السجن، ويستغله فى توزيع المواد المخدرة على الأشخاص وجمع الأموال له فى النهاية، وبالفعل تم القبض على الطفل وبحوزته كمية من الأقراص المخدرة بمنطقة بولاق الدكرور، وتم وضعه داخل إحدى دور الأحداث بالتنسيق مع وزارة التضامن الاجتماعي.
نشأ «محمود» ١٤ سنة، داخل أسرة مفككة فاتجه للشارع والتسول، وتحول إلى مجرم يستحل كل شيء ناقمًا وكارهًا للجميع، وقام باغتصاب طفل فى عامه الثامن، وبعد بلاغ قدم إلى قسم شرطة أحداث الأزبكية تم القبض على الطفل المتهم، ووضعه فى إحدى دور الأحداث بمنطقة الأزبكية بالتنسيق مع وزارة التضامن والجهات المعنية. 

تقول الدكتورة فاطمة زغلول المحامية بالنقض، إن قانون الإجراءات الجنائية، والذى كان يختص بالطفل تم إلغاؤه، فيما عدا المادة ٣٦٥ منه، والتى تنص على أنه «يجوز عند الضرورة لكل جناية أو جنحة تقع على نفس الصغير الذى لم يبلغ ١٥ سنة بتسليمه إلى شخص مأتمن يتعهد بملاحظته والمحافظة عليه، أو إلى معهد خيرى معترف به من وزارة الشئون الاجتماعية، حتى يتم الفصل فى الدعوى، ويُصدر الأمر بذلك قاضى التحقيق سواء من تلقاء نفسه أو بناء على طلب النيابة العامة، أو من القاضى الجزئى بناءً على طلب النيابة العامة، أو من المحكمة المنظورة أمامها الدعوة حسب الأحوال».
وأكدت أنه بعد أن تم إلغاء قانون الإجراءات الجنائية تم عمل قانون مختص بالطفل فقط وسمى بـ«قانون الطفل»، وجاء قانون الطفل رقم ١٢ لسنة ٩٦، المعدل بقانون ١٢٦ لسنة ٢٠٠٨، ليحدد الحدث والمحاكم المختصة به، والأماكن التى يودع فيها من هو دون ١٥ عاما، والجرائم والعقوبات التى يعاقب بها، وحددت له كذلك محكمة سميت «محكمة الطفل» لنظر الدعاوى المتعلقة بالطفل والأحداث.
وأضافت أن دور الأحداث هى عبارة عن أماكن مخصصة لمن هم دون سن البلوغ القانونية، الغرض منها إصلاح وتأهيل النزلاء، لإخراج أشخاص يستفيد منهم المجتمع، ولكن يحدث عكس هذا، فيخرج الأطفال من تلك الدور مجرمون كارهون للمجتمعات من سوء المعاملة من أشخاص غير مؤهلين لرعاية أطفال البراءة، وكذلك تكون أيضًا دور الأحداث عبارة عن أماكن يوضع فيه الأحداث الذين قاموا بفعل جرائم قبل بلوغ السن القانونية، وعند بلوغهم السن القانونية يمثلون للمحاكمات العادية، مؤكدة أن تسول الأطفال ظاهرة يعاقب عليها القانون تتراوح ما بين الـ٦ أشهر ولا تزيد على الخمس سنوات. 

بينما قال الدكتور وليد هندى الخبير النفسي، إن للطفل حاجته الإنسانية التى يقرها له الدين والقانون، وأقرتها جميع المنظمات الدولية، فمن حقه أن يلعب ويمرح وينمو ويتعلم ولا بد من إشباع احتياجاته بالحب والحنان والدفء العاطفى والأسري، وأن يكون لديه مكانة اجتماعية فى نظر نفسه ونظر الآخرين وعدم شعوره بأنه عالة على المجتمع الذى ينتمى إليه، وكذلك العمل على تهيئته نحو ذاته وتنمية شعوره بالمكانة والقبول الاجتماعى لدى الآخرين، ولكن بتدقيق النظر أيقنا أن القائمين على التربية «سواء المدرسة أو المنزل»، هم السبب الرئيسى وراء تشرد وضياع الملايين من الأطفال الذين يدفعون ثمنا باهظا لتلك الطرق غير السوية فى التربية والأساليب الخاطئة فى النشأة سواء من الوالدين كالضرب والزجر والطرد للمبيت خارج المنزل ودفعهم للعمل فى بعض الأحيان ليصبحوا أحد مصادر الدخل لدى الأسرة، أو من المدرسة حيث تجد جمود المنهج التعليمى وعدم إلمام بعض المعلمين بأساليب التربية السليمة، الأمر الذى جعل من المدرسة مصدر طرد دفعهم إلى الهروب أثناء اليوم الدراسى، ويتطور الأمر إلى تشرد وتدخين وإدمان، وهو ما يترتب عليه مشكلات نوعية أخرى كالاعتداء الجنسى والمشكلات من قبل الخارجين عن القانون.
وأضاف أن الطفل عندما يشعر بالظلم فى الصغر يصبح ناقمًا على المجتمع برمته، ويتحول سلوكه إلى سلوك عدوانى، وسوف يحمل ملامح وصفات شخصية سيكوباتية، ويكون لديها سلوكا مضادا للمجتمع نتيجة للرغبة فى الانتقام من أجل إثبات ذاته وقدرته على الانتصار على الآخرين والتنكيل بهم، مؤكدًا ضرورة احتواء الأبناء وكيفية التعامل النفسى معهم والعمل على إشباع حاجاتهم النفسية الأساسية، وعدم استخدام الأساليب التربوية الخاطئة كطردهم خارج المنزل حتى لا تتلقاهم أيادى الخارجين عن القانون، والاستغلال من قبل أباطرة المخدرات وتجار الأعضاء.
مطالبا وزارة التربية والتعليم، بعمل دورات تدريب للمعلمين والإداريين لثقل مهارتهم فى كيفية التعامل التربوى السليم مع الأطفال فى كل المراحل العمرية على حدة، وطالب بتعديل قانون الأحداث ليشمل العقوبات المباشرة عن الطفل الحدث وكل من يقوم باستغلاله.