الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"جرائم الأسرة".. آباء وأمهات يقتلون أبناءهم ولا عزاء للمجتمع.. فقيه دستوري: العوامل الاجتماعية والظروف الاقتصادية السبب.. أستاذ اجتماع: غير مؤهلين من البداية لمرحلة الزواج

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تجردوا من مشاعر الأبوة الرقيقة والأمومة الحانية، وأقدموا على قتل أبنائهم وكأننا أصبحنا على مشارف نهاية الزمان، فلم يتخيل أحد أن تشهد محافظات مصر جرائم نكراء بقيام آباء وأمهات بقتل أبنائهم بطرق وحشية يستحى منها الشيطان، فقد اعتدنا دومًا منذ الصغر أن يكون آباؤنا وأمهاتنا نبع الحنان ومصدر حمايتنا ورعايتنا، ولكن حدث غير المتوقع، وانعكست الآية، بعدما نبت لدى بعضهم أنياب الوحوش، ليفترسوا أطفالهم دون رحمة أو شفقة فى سلسال دم بتنا نسمعه يومًا تلو الآخر بجرائم مأساوية.

طفلا الدقهلية
لم تكن الجريمة التى شهدتها محافظة الدقهلية مؤخرا أول القضايا، ولن تكون آخرها واهتزت لها محافظات مصر بكاملها، استيقظ سكان قرية «ميت سلسيل» بمحافظة الدقهلية، على خبر العثور على الطفلين «ريان، محمد» مقتولين داخل نهر النيل بمدينة فارسكور بدمياط، وذلك عقب ورود بلاغ من والدهما المدعو «محمود ن. م»، ٣٣ سنة، مقيم بدائرة المركز، باختطافهما على يد مجهولين.
وتم تشكيل فريق بحث لكشف ملابسات الواقعة، إلا أن أفراد فريق البحث تلاحظ لهم أن سلوك والد الطفلين لا يتناسب مع هول الواقعة وفقدانه لطفليه، وبتضييق الخناق عليه اعترف بارتكابه للواقعة.
فقد اصطحبهما بسيارته وتوجه بهما إلى أعلى كوبرى فارسكور وقام بإلقائهما بنهر النيل، وعلل ارتكابه الواقعة لسوء علاقته بزوجته واتهامها الدائم له بعدم تحمل مسئولية تربيتهما.


دار السلام وحلوان
فى منطقة دار السلام، أقدم عامل على قتل ابنته بسبب خلافات مادية على مبلغ ٢٠٠ جنيه.
حيث تلقى قسم شرطة دار السلام إشارة من مستشفى قصر العينى، تفيد باستقباله «حنان. ا. م. س»، ٤١ سنة، ربة منزل، ومقيمة شارع الحرية عزبة خير الله، توفيت إثر إصابتها بجرح نافذ بالصدر.
وتبين حدوث مشادة كلامية بين والد المتوفاة «أحمد. م. س. ر»، ٦٧ سنة، بالمعاش، بسبب مطالبته لها إقراضه مبلغا ماليا قدره ٢٠٠ جنيه، إلا أنها رفضت، ذلك مما أثار حفيظته، فأحضر سلاحا أبيض «سكين» من المطبخ، وقام بطعنها لينهى حياتها فى الحال، وتم القبض عليه، وتحرر محضر بالواقعة.
وفى مدينة حلوان أقدم قهوجى على قتل نجله خنقًا بسبب اعتدائه الجنسى على نجل جارهم الطفل.
وتلقى رئيس مباحث حلوان بلاغًا من «ا. س. ح»، ٤٧ سنة، قهوجى، بعثوره على جثة نجله «ع» ١٦ سنة، مقتولًا وملقاة أمام العقار سكنه، وقام بنقل الجثة للشقة سكنه بمعاونة الأهالى، ولم يتمكن من استخراج تصريح بالدفن لاشتباه مفتش الصحة فى الوفاة جنائيًا، وبعمل التحريات تبين أن وراء ارتكاب الجريمة الأب، وتم القبض عليه وتحرر محضر بالواقعة.
كما شهدت مدينة حلوان أكثر من واقعة، قتل أبناء على يد آبائهم؛ حيث أقدم أب يدعى «عبدالعزيز»، على تعذيب طفله حتى الموت لشكه فى نسبه، بعد أن تلقى مأمور قسم حلوان بلاغًا من مستشفى حلوان العام، مفاده بوصول جثة الطفل «فهد عبدالعزيز»، ٤ سنوات، بصحبة والده «عبدالعزيز. أ»، ٣٤ سنة، عامل، مقيم عرب الوالدة، وزوجته «هبة. ع»، ٣٠ سنة، ربة منزل، ومصاب بعلامات حروق وتعرضه للتعذيب، وبانتقال قوات القسم وعمل التحريات، تبين أن الطفل تعرض لحالة تعذيب على يد والده، وبتحريض من زوجة الأب، وتم القبض عليهما وتحرر محضر بالواقعة.


قاتلة المنيا
من دار السلام إلى محافظة المنيا، قامت ربة منزل بإلقاء طفليها داخل ترعة البحر اليوسفى بمركز المنيا، بسبب خلافات مع زوجها، وتوفى أحدهما، وتعود الواقعة إلى تلقى اللواء مجدى عامر مدير أمن المنيا، إخطارًا يفيد بقيام سيدة تدعى «الشيماء.ص.ع»، ٢٤ عامًا، بإلقاء طفليها كل من: «محمد. ض» ٥ سنوات، و«هانى» ٦ أشهر، داخل ترعة البحر اليوسفى أمام عزبة الشيخ عيسى، حيث تم إنقاذ الطفل الأول «الرضيع» قبل غرقه، فيما انتشلت قوات الإنقاذ النهرى شقيقه جثة هامدة، وتم القبض على المتهمة، وتحرر محضر بالواقعة.
دوافع نفسية واجتماعية
يرجع أساتذة وعلماء الاجتماع هذه الجرائم إلى عدم تأهيل الآباء وعدم نضجهم الكافى، ويقول دكتور جمال شحات، أستاذ ورئيس قسم علم الإجتماع بجامعة حلوان، إن السبب فى ارتكاب تلك الجرائم تجاه الأبناء راجع لأن الآباء كانوا غير مؤهلين وغير ناضجين النضج الكافى الذى يؤهلهم لمرحلة الزواج، وعدم درايتهم لتحمل مسئولية إنجاب أبناء فى تلك المرحلة.
وأضاف «شحات»، أن عامل الانتقام والغيرة بين كل من الأب والأم يمكن أن يكونا أحد الدوافع فى قتل الآباء لأبنائهم، مشيرًا إلى أنهم شخصيات غير سوية، لافتًا إلى أن السبب فى انتشار تلك الظاهرة هى انعدام الأخلاق والقيم الدينية من المجتمع.
كما وضع أستاذ علم الاجتماع روشتة للوقاية وحماية الأسر من مثل تلك الجرائم، أولًا لتحمل مسئولية الزواج، ثانيًا أن تقوم الدولة بوضع دورات تدريببة للمقدمين على الزواج، وعدم سماح الأهل للأبناء بالزواج إلا إذا كان لديهم النضج العقلى الاستعداد النفسى ولتساعدهم على اجتياز تلك المرحلة.
وأشار الدكتور جمال شحات، إلى أن لانتشار المخدرات نصيبًا كبيرًا فى انتشار الجرائم، فيجب ثالثًا العمل على الحد من انتشارها بين الشباب، ورابعًا اتسام المجتمع بالأخلاق، مشيرًا إلى أن الدول الغربية تعمل على تدريس مادة «الأخلاق»، ويجب على جهات التربية والتعليم تطبيقها داخل مصر كمادة أساسية حتى تعلمنا طرق التعامل بالإنسانية.
ومن جانبه، قال الفقيه الدستورى الدكتور فؤاد عبدالنبى، إن وقائع قتل الأبناء تعود لعوامل اجتماعية صعبة وبيئية محيطة بالأسرة، ونتاج ظروف اقتصادية ومعيشية سيئة، وأضاف أن عقوبة قتل النفس مع سبق الإصرار والترصد أوضحتها المادة ٢٣٠ من قانون العقوبات، بتطبيق أقصى عقوبة والتى تصل للإعدام شنقا لقاتلى النفس.
وأضاف عبدالنبى، أن روح القانون أعطت صلاحيات لعقيدة المحكمة فى صدور حكمها بالإعدام إلى تخفيف الحكم إلى المؤبد، ومن المشدد إلى السجن، وفقا لما يراه قاضى المحكمة، مؤكدا أن المشرع حمى الأطفال بصفة خاصة فى المادتين ٨٠، ٨١من الدستور المصرى، وحمى الإنسان بصفة عامة وفقا للمادة ٥٩، وأن الدولة ملزمة بالقانون توفير الأمن والأمان لحماية كل نفس تذهب روحها عبثا بين طوائف الشعب، بتقديم الجانى إلى المحاكمة العادلة وفقا لأمر إحالة المتهمين للجنايات.
وأشار عبدالنبى إلى أن عقوبة القتل الخطأ للأطفال الحبس لمدة سنة على المتهمين فى قضايا القتل الخطأ؛ فقد حدد القانون فى مواده المنظمة لعقوبات تلك التهمة ظروفا أخرى، وتشدد تلك العقوبة فتصل بها لنحو من ٣ إلى ٧ سنوات فى بعض الأحيان وفقا لعقيدة المحكمة.
وأضاف عبدالنبى أن المادة ٢٣٨ من قانون العقوبات، بأن من تسبب خطأ فى موت شخص آخر بأن كان ذلك ناشئا عن إهماله أو رعونته أو عدم احترازه أو عدم مراعاته للقوانين والقرارات واللوائح والأنظمة، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تجاوز مائتى جنيه، وبإحدى هاتين العقوبتين، وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على خمس سنين، وغرامة لا تقل عن مائتى جنيه، ولا تجاوز خمسمائة جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، إذا وقعت الجريمة نتيجة إخلال الجانى أو كان مسكرا أو مخدرا عند ارتكابه الخطأ الذى نجمت عنه الواقعة، تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على سبع سنين.


أقصى عقوبة
قال المستشار القانونى محمد النحاس، إن قانون العقوبات ينص على تطبيق أقصى العقوبة فى كل واقعة على حدة، سواء كان الإعدام أو المؤبد نظرا لتوافر عنصر الأمان فى المجتمع، لافتا إلى أنه فى حالات التعدى بالضرب على الآباء والأبناء، يقوم القاضى بتطبيق أقصى عقوبة والتى تصل إلى ثلاث سنوات.
وأضاف النحاس أن عقوبة قتل الأبناء لآبائهم هى الأشغال الشاقة المؤبدة، وقد تصل إلى الإعدام فى حالة توافر ظرف مشدد، لأن المجنى عليهم من الأب أو الأم يأتمن ابنه أو ابنته على نفسه، وبالتالى هذه الفعلة يكون فيها من الخسة والدناءة ما قد يصل من العقوبة إلى مستوى الإعدام.