الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

"همام" يبدع في صناعة خوص النخيل بـ"واحة الغروب"

همام
"همام"
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تعلم المهنة منذ الصغر.. و«المرجونة والبرش» أشهر منتجاته
عندما تقترب منه، وترى براءة عينيه، وابتسامته العريضة، ينفتح قلبك له، وتستشعر منذ اللحظات الأولى أنه والدك، فقد حفر الزمن بمعوله على وجهه تجاعيد عديدة، وتلون شعر لحيته باللون الأبيض، وأكسبته الشمس اللون الأسمر الذى يميز المصريين القاطنين بصحراء مصر الغربية، ورغم أنه تجاوز العام السادس بعد الستين، إلا أنه ما زال يتمتع بروح الشباب وعزيمتهم وإصرارهم، وحكمة وعقلانية الشيوخ، لم يكمل دراسته، ولكن يعرف الكثير فى مجالات العلوم المختلفة، ويسرد لك تاريخ الواحة الساحرة. 
ذلك الرجل الذى أنعم الله عليه بتلك الصفات، وحبب فيه الصغير قبل الكبير، هو الحاج عبدالله همام، من أهالى واحة سيوة «واحة الغروب»، ويعد من أشهر صانعى منتجات الخوص وجريد النخيل، ورث مهنته عن والده وجده، تعلم مهنته منذ نعومة أظافره، فكان للطبيعة والبيئة المحيطة به، أثرها الكبير على اكتسابه مهارات الغزل والنسج، ومنحه الله الموهبة التى أثقلها بالتعلم والتتلمذ على يد أبيه، فأبدع فى تلك الصناعة التى كادت أن تندثر فى قرانا المصرية. 
يستخدم آله تسمى «تشتت» باللغة الأمازيغية، وهى آلة خشبية تصنع من أشجار الزيتون، ويتم تقطيع جريد النخيل والزعف منها، وكذلك «الإبرة» التى يتم بها تشبيك الجريد، بجانب بعضه ويكون سمكها كبيرا، ويمسك بالغزل ما بين الإصبع الأكبر من قدمه اليمنى، ويجدله بيديه، حتى يصبح نسيجًا. 
الحاج عبدالله ولد عام ١٩٥٢ بقرية أغُورمي، التابعة لمدينة ومركز سيوة جنوب غرب مدينة مرسى مطروح، تزوج فى أوائل السبعينيات من القرن الماضي، ولدية من الأبناء تسعة، منهم ٤ ذكور و٥ إناث، وكان قد التحق بمرحلة التعليم الابتدائى فى الصغر، عندما كانت سيوة لا تحتوى إلا على مدرسة واحدة، مدرسة آمون الابتدائية التى تقع فى وسط سيوة، واستمر يتلقى تعليمه بالمدرسة حتى الصف السادس الابتدائى، ولكن الظروف الاقتصادية لأسرته لم تمكنه من أن يستكمل تعليمه بالمرحلة الإعدادية، حيث كان ذلك يتطلب الكثير من المصروفات. 
وتعلم «همام» حرفة تصنيع منتجات الخوص والجريد منذ الصغر، حيث كان أهالى الواحة يمارسون هذه الحرفة، سواء كان لاكتساب «لقمة العيش» أو للاكتفاء الذاتي، وكان يستيقظ مبكرا صباح كل يوم، ليذهب إلى مناطق بعيدة، يتوافر بها جريد النخيل، وكان يأتى به، ثم يبدأ عمله، بتقسيم كل جريدة لنصفين، ويتركها حتى تجف، ثم يبدأ فى عمل أنواع متعددة من السلال، منها «القفة» التى تسمى باللهجة السيوية «تعدلت»، و«المرجونة»، التى تسمى «الصاع»، بالاضافة إلى صناعة الحصائر التى تفرش بالمنازل، ولها أنواع ومسميات مختلفة، منها حصيرة العروس «البرش»، وأطباق الخوص، والحبال، التى تصنع من ليف النخيل، وكانت السيدات تصنع منتجات من الفخار التى يحتاجها البيت السيوى مثل القلل وأوانى حفظ زيت الزيتون.
ويتملك الرجل العجوز، الخوف من انقراض تلك الحرفة مع وسائل التكنولوجيا الحديثة، فى التعبئة والتغليف، المصنعة أوتوماتيكيا من الكارتون، والبلاستيك، خاصة أن من يعملون بصناعة الخوص بسيوة، أصبح لايتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة، مضيفًا أن من أسباب خوفه من انقراض هذه الحرفة التراثية، عدم توافر الخامات، لأن معظم الأراضى التى كان بها جريد، تم استصلاحها، ورغم مخاوفه على مستقبل صناعته، إلا أن هناك إقبالًا كبيرًا على منتجاته خاصة من السياح العرب والأجانب، حيث يمتلك بازارًا صغيرًا بمنطقة معبد آمون، وقاعة تتويج الإسكندر، ومعبد التنبؤات، وسط واحة سيوة، لعرض منتجاته، التى ما زالت تدر عليه ربحًا يلبى متطلبات الحياة.