الجمعة 10 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"زواج القاصرات".. الأحوال المعيشية وبعض العادات ساهمت في انتشاره.. خبير قانوني: مجرم في المواثيق الدولية.. أستاذ علم نفس: يقتل طفولة الفتاة ويربي عقد مستحيلة الشفاء

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تتكرر كل يوم المأساة والضحية طفلة، زواج القاصرات أو تجارة الرقيق والتي انتشرت بشكل كبير فى قرى الصعيد والريف، وتنفذ هذه الجريمة يوميًا دون النظر إلى فتاة تُقتل طفولتها وتتكون لديها عقد نفسية رهيبة تلتصق بها باقى عمرها.

تشير دراسة حديثة صادرة عن المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بعنوان "زواج القاصرات جريمة مباحة"، إلى أن نسبة كبيرة من الفتيات اللائى يعانين من اضطرابات عصبية مختلفة مثل الإجهاد اللاحق للصدمات العاطفية والوسواس القهري واضطرابات المزاج، التي تتسبب في مشاعر الحزن المستمرة والقلق الاجتماعي أو تقلب المزاج الشديد الناتج عن الصراع الداخلي عندهن بين الحريات التي يريدنها والموروث الثقافي الاجتماعي وهو ما يعوق عن القيام بالأنشطة اليومية، وكذلك أمراض السلوكيات القهرية المتكررة أو الأفكار التى تبدو وكأنها من المستحيل أن تتوقف وتتسبب هذه الأمراض النفسية فى مشكلات اجتماعية كبيرة، كما أنها ترتبط بمشاكل فى السلوك نلاحظها في تغيرات جذرية فى أنماط الشخصية، فضلا عن بعض الانحرافات السلوكية الخطيرة، وفى بعض الأحيان يصل الأمر لاستخدام الأسلحة لإيذاء الآخرين. 
وقالت محاسن عبد البديع 20 سنة، ربة منزل: "تزوجت فى سن الـ 16 وأنجبت فى سن الـ18 وأعانى حتى الان من توتر عصبى ينتابنى منذ أول يوم زواج، لان الفارق العمرى بينى وبين زوجى 17 سنة وتعرضت لازمة عصبية يوم الفرح نتيجة جهلى بالعلاقة الجنسية بين الرجل وزوجته والتى لم يشرح لى أحد تفاصيلها ودورى فيها طبقا للشريعة وانصح اى عائلة ألا تفعل هذا بابنتها رحمة بها".
بينما تقول هبة عبد الكريم من البدرشين 19 سنة، ربة منزل: "تزوجت فى سن الـ15 سنة وزوجي اكبر منى بحوالى 20 سنة وسافرت معه خارج مصر وذقت الأمرين فى أحدى دول الخليج، وأنا أحمل وانجب وأربى، وما زلت طفلة ورفضت الإنجاب مرة ثانية حتى يكبر ابني الاول ويدخل المدرسة بحجة التعب الجسمانى، الا ان الحقيقة هى انى كرهت حياتى من يوم الفرح بعد لقائى الجنسى الأولبزوجى لاننى كنت مازلت طفله لا تفهم معنى علاقة رجل وامراة".
زواج القاصرات جريمة
أكد المستشار كارم أبو اليزيد أن القانون ينص على إعتبار "الزواج المبكر حالة من حالات الإتجار بالبشر تصل عقوبته للمؤبد وغرامة ١٠٠ ألف جنيه على كل من له الولاية أو الوصاية أو المسئول المباشر عن تزويج الفتيات الصغيرات.
وأضاف أبو اليزيد: "زواج القاصرات يجرم في القانون المصري والمواثيق العربية والدولية طبقا لنص معاهدة «كايدو»، التي أكدت أن زواج القاصرات غير قانونى حتى باتت الحاجة فى الوقت الحالى ملحة لإقرار الكثير من التعديلات على القانون الذى يجرم زواج القاصرات تحت سن 18 عاما حتى يشمل التعديل النص على معاقبة الأفراد الذين سهلوا حدوث هذا الزواج المنافى للقانون وكافة الأطراف المساعدة فى هذه الجريمة سواء من عائلة الفتاة أو سماسرة الزواج المنتشرين فى الريف والصعيد".
وتابع: "يجب إضافة مواد لمعاقبة المأذون بصفته الفاعل الأصلى، حيث إنه يجب عليه ان يبحث ويستدل على السن الحقيقى للزوجة من خلال بطاقتها والرقم القومى الخاص بها وليس فقط عن طريق الشهادة الطبية التى يأتى بها العروسان والتى تؤكد صلاحيتهما للزواج وخلوهم من الأمراض، كما يعاقب بأشد العقاب الأب فى حالة عقد زواج لم يتم أحد طرفيه سن الـ 18 عاما".


رواسب العادات والتقاليد
بدروها، قالت الدكتورة إلهام عبد الحميد التونى، خبيرة علوم التربية المتطورة: "الزواج المبكر يقتل طفولة الفتاة ويربى العقد النفسية مستحيلة الشفاء، وأهم الأسباب لانتشار زواج القاصرات فى الريف والصعيد، هو العرف والتقاليد قبل اى شىء فى عصر يفترض أنه من أكثر العصور تقدما من الناحية العلمية والسبب الثانى هو التفاوت الشديد والفجوة التى تتسع باستمرار بين الطبقات الإجتماعية فى المجتمع المصرى، فقد أدى الفقر إلى لجوء الأسر الفقيرة إلى الزواج لإنقاذ بناتهن القاصرات من فقر العائلة كحل أمثل للمشاكل الإقتصادية التى تعيش فيها العائلة والتى تواجهها، كما يعد السبب الثالث هو الموروثات الاجتماعية والثقافية والدينية التى تتوارثها وتتناقلها الأسرة المصرية عبر الأجيال ومن اقوى الأسباب المحركة للأسرة المصرية فى اتجاه زواج القاصرات حمايتهن من الإنحراف".
وأكدت أن دوافع العائلات المصرية للإسراع بزواج فتياتها تحت السن القانونية، تتزايد كلما تزايد التسرب من التعليم نتيجة ارتفاع تكاليف التعليم الثانوى والجامعى خاصًةً فى قرى الصعيد والريف المصرى، استنادا إلى عادات وتقاليد اجتماعية تؤمن بأن للفتاة مستقبلين أولهما التعليم، وإن لم تفلح فيه تتجه العائلة لمستقبلها الثانى وهو الزواج وإنجاب الأطفال وتربيتهم".