الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

حواديت عيال كبرت "16".. يا أيها الصحفيون أوف لكم!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا أنكر أنني كصحفي قبل أن أكون قارئا فقدت الثقة فيما تكتبه الصحف منذ أن أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي مصدرا للصحفيين؛ منذ أن رأيت الصحفيين لا يجيدون على لوحة المفاتيح سوى مفتاحي النسخ واللصق؛ منذ أن رأيت " الأسطمبة واحدة"؛ منذ أن وقعت عيني على عبارة "صرح مصدر رفض ذكر اسمه"، كل فشل المهنة علقناه على "شماعة" واحدة "تعليمات.. اتجاه الدولة"؛ ونسينا وتناسينا أنه من يملك القلم في كل الأحوال لديه مساحة دون أن يكون تصادميا.. دون أن يقع تحت طائلة المحظورات؛ يستطيع أن يقول ما يريد بأشكال عدة؛ في استطاعته أن يكون مختلفا لو أراد؛ لكن في كثير من الأوقات اخترعنا حجج واهية لنتكاسل فسبقنا رجل الشارع إلى الخبر والتحليل فبتنا بلا جدوى لا قراء ولا نسب مشاهدة والجميع رسب في الاختبار.. سقطنا سقطة مزرية واتبعنا سياسة التعبئة؛ فباتت الصحف في مجملها كمصنع به ورديات عمال لا عقل يفكر؛ ومن يفكر ربما يكون منبذوا؛ هذا الأمر في الأساس هو من كان سببا في فرض الوصاية على الأقلام والحجر على الرأي؛ فإذا كنت لا تدرك قيمة ما تكتبه ولا خطورته فأنت أرعن وجب جمح قلمك؛ إذا كنت لا تدرك لمن توجه خطابك وما أبعاد ما تكتبه فلزاما أن يعين عليك وصيا؛ سقطنا جميعا في هوة السبق وغفلنا عن الثوابت الأساسية التي وضعها رجل الشارع العادي حينما تقع مشكلة "خبر إيه؟ هو إيه اللي حصل؟ روح يا بني شوف لنا الموضوع إيه؟"؛ فخرجنا بتصريحات متضاربة ربما تكون في الجريدة نفسها؛ انشغلنا عن القارئ بالتارجت وبأرشيف النقابة فسقطنا؛ فقدنا متعة المهنة فتحولنا لموظفين؛ هاجمنا وانتقدنا وشوهنا حسب الرواية الأعم؛ وتجاهلنا أن نكون مختلفين؛ رواج البضاعة البائرة ملأ السوق فانصرف عنا الجمهور؛ أقحمنا آرائنا وألقينا بآراء الناس في غياهب جب من الأنانية فأصبح الأمر مسخا لا يستغيثه قارئ؛ فقدنا الفكرة ففقدنا قيمة المهنة؛ ولن أذهب لبعيد ولا قضايا كثيرة لكني تابعت ليومين تغطية جميع الصحف لمقتل طفلي قرية "سلسبيل" بالدقهلية وتعليقات أهالي القرية ذاتها على ما تم نشره فتأكدت أنه لا أحد أجرى زيارة ميدانية؛ لا معلومة واحدة ثابتة؛ تخمينات تطاير في كل مكان وكل حسب هواه يلتقط ما يشاء؛ وإذا كان قلبي وعقلي لا يصدقان أن أبا يقتل أبنائه؛ إلا أن أحدا لم ينشر صورة من التحقيق والاعتراف أو حوارا مع الأم أو لقاء مع الأهل أو.. أو... لكن فقط مادة واحدة منسوخة على كل المواقع.. على النقيض من ذلك تناقلت وسائل الاجتماع صورة مراسلين أجانب وهم في سباق للعدو لنقل خبر.
الغريب في الأمر أن هؤلاء الناقلون القابعون على فرشهم يشيرون ما يكتبون وكأنهم أتوا ب"الديب من ديله"؛ كما أن كثير من صبية المهنة واتتهم الجرأة أن يناطحوا صنيعيتها بحجة أن الاثنين يحملاننفس الكارنيه، وهم على يقين أن مشايخ المهنة أغلبهم لم يكونوا ينتمون للنقابة بل كانوا من أرباب الكلمة، الأمر في مجمله يحتاج وقفة.. يحتاج فرز.. يحتاج إعادة تاهيل.. يحتاج نصيحة لكثر أن ملعب الصحافة الكبير هنا غير ملعب مجلات الحوائط في القرى، وحتى يحين ذلك تبقي في حلقي مقولة: "ألا أف لكم ولي فقد مسحنا بصاحبة الجلالة البلاط، وبات لزاما على كثر التنحي جانبا حتى لا تغلق المهنة دكاكينها مضطرة.. فإذا فقد السحرة حيلهم فما جدوى تكرار العرض؛ فساحر واحد يكفي إن كان لزاما؛ وليذهب البقية للجحيم إن لم يأتوا بجديد.