السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

في ذكرى ميلادها الـ 95.. "نازك الملائكة" أسطورة الشعر الحر

نازك الملائكة
نازك الملائكة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تحل اليوم الذكرى الـ95 على ميلاد رائدة من رواد الشعر العربي الحديث، بل تُعتبر من أبرز الأديبات العربيات اللواتي تركن بصمة واضحة في الأدب العربي، إنها الجريئة والثورية العراقية "نازك الملائكة" والتي حفرت اسمها بحروف من الذهب في سجلات الإبداع. 
وولدت "نازك" في 23 أغسطس 1923 ببغداد، ونشأت داخل أسرة أدبية فهي ابنة الشاعرة سلمى عبدالرزاق والباحث صادق الملائكة.
وتميزت نازك بامتلاك روح التحدي والتمرد على القوانين الأدبية والتي تمثلت بتحطيمها لعمود الشعر، وكتابتها للقصائد على النمط الحر. 
وسميت بهذا الاسم تيمُّنًا بنازك العابد الثائرة التي حاربت جيش الاحتلال الفرنسي في سوريا عام 1923، وأكملت دراستها في بغداد، ثم التحقت بالجامعة واستطاعت أن تتمتع بمنحة دراسية إلى الولايات المتحدة، حيث حازت على درجة الماجستير في الآداب وكانت أول تلميذة تحظى بالدراسة هناك، حيث لم يبح القانون بدراسة المرأة بجامعة برنستون.
وعادت إلى بغداد وأتيحت لها فرصة أخرى للسفر إلى خارج العراق، للحصول على درجة الدكتوراه في الأدب المقارن، وعملت سنوات طويلة في التدريس في جامعة بغداد، وجامعة البصرة ثم جامعة الكويت لمدة 15 عامًا.
وأحبت "نازك" الموسيقى منذ نعومة أظفارها وتعلّمت العزف على آلة العود، واستطاعت بواسطة معرفتها العميقة بالأنغام الموسيقية أن تمتلك حسًا مرهفًا بإيقاع الكلمة وموسيقاها، وأثرت تلك المعرفة الكبيرة أيما تأثير في قصائدها سواء تلك التي قالتها في مقتبل العمر أو التي نظمتها في سنوات عمرها، حيث اكتسبت المعرفة وحصدت ثمار التجربة، وقد اهتمت الشاعرة بالأدب العالمي وارتادت دور السينما للاطلاع على القصص العالمية. 
وفي هذا المناخ المتفتح نسبيا إذا ما قورن بالذي كان سائدا في ذلك الوقت في عموم العراق عاشت الشاعرة نازك وامتلكت من الاهتمامات ما لم يكن شائعًا بين معاصريها، وحرصت على الثقافة والاطلاع من مصادر غير اللغة العربية.
وكانت تمتاز بصفات مثل التحلي بالنظام والترتيب والمحافظة على الهدوء، ومدركة لفلسفتها الذاتية ولحالتها النفسية الأمر الذي دفع بها إلى تناول تجربتها في مواجهة الاكتئاب ضمن سيرتها الذاتية التي قامت بكتابها حيث تقول: "كما أذكر لقد غصت عميقًا في التحليل النفسي، وقد اكتشفت أنني لا أجسد أو أعبر عن أفكاري ومشاعري كما كان يفعل الآخرون من حولي، لقد اعتدت الانسحاب وأن أكون خجولة، وقد اتخذت القرار بأنني سوف أنتقل من هذه الطريقة السلبية في العيش، وتشهد مذكراتي على ذلك الصراع الذي خضته مع نفسي أملًا ببلوغ ذلك الهدف، حيث أنني ما كنت أتخذ خطوة إلى الأمام حتى أتخذ عشر خطوات إلى الوراء، وهذا يعني أن التغيير بشكل كلي استغرق معي سنوات طويلة، أما اليوم فقد أدركت أن التغيير النفسي هو الأصعب."
كما تعتبر قصيدة الكوليرا من أول القصائد التي كتبت على الوزن الحر في الأدب العربي، من حيث التركيب واللغة والمعنى الذي تحتويه والتي كتبتها في عام 1947 بعد نشر ديوانها الأول والتي تقول فيها: سكَن الليلُ /أصغِ إلى وَقْع صَدَى الأنَّاتْ / في عُمْق الظلمةِ تحتَ الصمتِ على الأمواتْ/ صَرخَاتٌ تعلو تضطربُ/ حزنٌ يتدفقُ يلتهبُ / يتعثَّر فيه صَدى الآهاتْ / في كل فؤادٍ غليانُ / في الكوخِ الساكنِ أحزانُ / في كل مكانٍ روحٌ تصرخُ في الظُلُماتْ / في كلِّ مكانٍ يبكي صوتْ.
هذا ما قد مَزّقَهُ الموتْ / الموتُ الموتُ الموتْ / يا حُزْنَ النيلِ الصارخِ مما فعلَ الموتْ. 
وتركت "نازك الملائكة" إرثًا كبيرًا من القصائد مثل عاشق الليل عام 1947 شظايا الرماد 1949، قرارة الموجة 1957، شجرة القمر 1968، ويغير ألوانه البحر 1970، مأساة الحياة وأغنية للإنسان 1977، الصلاة والثورة 1978، بالإضافة إلى آخر قصائدها "أنا وحيدة" والتي كتبتها كتأبين لزوجها.
ورحلت "نازك الملائكة" عن عالمنا في 20 يونيو 2007 عن عمر ناهز 83 عامًا بعد معاناة مع المرض في منزلها بالقاهرة.