السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

سياسة

مقالات "السكري" تفضح انزلاق "البنا" بالإخوان نحو "الهَوَى"

أحمد السكري وحسن
أحمد السكري وحسن البنا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
هل كان حسن البنا يريد إنشاء جماعة دينية، أم أنه استغل الدين لتحقيق أهدافه؟ سؤال ما زال يتردد منذ أن نشأت الجماعة الإرهابية؟ فالبنا ارتمى فى حضن السلطة، ودخل سوق المساومات الحزبية على حساب المبادئ والوطن، بل تمسك ببعض أفراد الجماعة الذين ثبت تورطهم فى قضايا فساد إدارى وأخلاقى.
فلم يكن الخلاف الذى نشب بين «حسن البنا» مؤسس جماعة الإخوان الإرهابية (١٩٢٨)، وأحمد السكرى الوكيل العام للجماعة ١٩٤٧، مجرد حادث بين قيادات الصف الأول بالجماعة الأم، لكل الحركات الإسلامية المتطرفة فى القرن العشرين؛ فقد كان خلافًا كاشفًا للكثير عن المسكوت عنه على مرِّ تاريخ الجماعة. 
وهنا يقف دور الذاكرة التاريخية التى حفظت جوانب هذا الخلاف؛ فقد تصدرت جوانبه الصحف الشهيرة، آنذاك بين مؤيدين لـ«البنا» يكيلون الاتهامات لـ«السكري» من جهة، ومعارضين لسياسات الجماعة تحت قيادة «البنا» يرون أنه انحرف بها عما ظنوا فيها بداية. 
وعلى صفحات جريدتى «الوفد» و«صوت الأمة» المصريتين، نشر «السكري» سلسلة مقالات تحت عنوان: «كيف انزلق الشيخ البنا بدعوة الإخوان؟»، يدافع فيها عن موقفه، متهمًا «البنا» بممارسة الاستبداد فى إدارته للجماعة، ما سهل عليه مغازلة عوام المصريين بشعارات دينية فى وقت سيطر فيه المستعمر على السياسة المصرية. 
وصل الخلاف بين «البنا» و«السكري» إلى التشكيك فى الذمة المالية فيما بينهما، وهو ما دفع «السكري» للردِّ على «البنا» بمقال نشره بجريدة «صوت الأمة»، بتاريخ ٢٤ نوفمبر ١٩٤٧ قائلًا فيه: «هل من الخير أن يعيش الرجل من الصفقات السياسية، والتضحية بإخوانه فى الله وأعوانه بالمجاهدين الأحرار، والإتجار بدعوته فى سوق المساومات الحزبية على حساب المبادئ والوطن مقابل متاع لا يبقى ولا يدوم؟! ومع ذلك فقد أراد الله أن يظهر البهتان الساطع على لسان فضيلة المرشد وعلى صفحات جريدته». 
وتأتى خطورة هذا الكلمات، كونها صادرة عن أحد قيادات الصف الأول بالجماعة، بل إنه صديق شخصى للبنا ورفيقه خلال رحلة تأسيس الجماعة، حتى أنه يُلقب بالمؤسس الحقيقى للجماعة، الأمر الذى يُفسر قلق «البنا» تجاه موقف «السكري»، بل إنه سَخَّر كل أدوات الجماعة الإعلامية لمهاجمة «السكري» والتشهير به. 
يُفند «السكري» فى مقالاته سياسات «البنا» فى إدارة الجماعة، إذا أبقى الأخير على عدد من الشخصيات التى تربطه بهم علاقات شخصية وعائلية وثيقة، على الرغم مما طال هذه الشخصيات من انحرافات عرف بها الجميع مثل عبدالحكيم عابدين، الذى شاعت فضائحه الأخلاقية والإدارية على الملأ، ما استدعى تشكيلًا للتحقيق معه من قبل مكتب الإرشاد العام؛ حيث تشكلت اللجنة، وبالفعل انتهت إلى صحة الاتهامات المنسوبة إليه، بل إنه اعترف بها أمام لجنة تشكلت من كبار قيادات الإخوان فى وقتها، مثل صالح عشماوى وحسين عبدالرازق وأمين إسماعيل، ورغم ما انتهت إليه اللجنة من إدانه لـ«عابدين»، وأوصت به من وجوب فصله فإن «البنا» أبقى عليه؛ حيث تجمع بينهما علاقة نسب، إذ كان عابدين زوج شقيقة البنا. 
ولم يقتصر خلاف «البنا» مع «السكري» على الشئون الداخلية للجماعة، بل تطرقت المقالات التى كان لها أثر بالغ على شق صفوفها إلى علاقاتها بالقوى السياسية، فدأب البنا على تملق «الوفد» خروجًا عن شق الصف الوطني، إلى الدرجة التى وصفت فيها الجماعة آنذاك بالخضوع التام لأجهزة السلطة الحاكمة، فيقول السكرى «على الرغم مما جاء فى خطاب البنا بمؤتمر الجماعة المنعقد سنة ١٩٣٨ بسراى آل لطف الله، والذى حدد فيه خصائص جماعته ببعدها عن هيمنة الكبراء». 
ويُشير إلى وعود متتالية قدمها البنا لأعضاء الجماعة بأنه سيخوض بجماعته البحار ويغزو كل عنيد جبار، فى حال وصلت الجماعة إلى ٣٠٠ كتيبة، ويتساءل السكري: هل بر البنا بوعوده ووفى بها؟! خاصة بعد أن وصلت الجماعة إلى ألف كتيبة وليس ثلاثمائة فقط عام ١٩٤٥؛ حيث انتهت الحرب العالمية الثانية، لكن البنا لم يبدِ أى رغبة فى السعى لتحقيق جهوده، فيقول السكرى «أصبحت تصرفات البنا خاضعة تمام الخضوع لهم»، أى للسلطة الحاكمة. 
ومع تدهور العلاقة بين «البنا» وعدد من رجاله الذين رافقوه فى بداية مشواره، طفت على السطح الكثير من المشكلات التى كشفت عن أساليب «البنا» فى التعامل مع جماعة الإخوان؛ ليضمن بذلك الولاء الأمر الذى انتهى إلى مخالفة البنا كل الشعارات التى رفعها مغازلة لأنصاره. وفى هذا يقول أحمد السكري: «نعم لما نسى البنا وأنصاره ما ذكروا به من مبادئ هذه الدعوة التى تتلخص فى العمل على إعادة مجد الإسلام، والتمسك بأهدابه والتحقق بتعاليمه، والحكم بما أنزل فى كتابه، وحادوا عن الطريق القويم والصراط المستقيم، انتهى الأمر بالبنا إلى الانزلاق نحو التنعم بالسلطة».