الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

محللون يفجرون مفاجأة بشأن أزمة الليرة.. أزمة كبيرة تنتظر الاقتصاد التركي.. أردوغان يلقي اللوم على الإجراءات الأمريكية.. واستراتيجيته تهدف إلى حشد الدعم الشعبي

الليرة التركية
الليرة التركية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يستغلّ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الخلاف المرير بين بلاده والولايات المتحدة لإلقاء اللوم في المشاكل الكبيرة التي يواجهها الاقتصاد التركي على عدو خارجي وليس على المشاكل داخل بلاده، كما قال محللون.
خلال الأشهر الأخيرة حذر محللون من أن الاختلالات الاقتصادية تعني أن اقتصاد تركيا سيواجه مشاكل كبيرة، حتى قبل العقوبات التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب وأدت إلى انخفاض حاد بسعر الليرة التركية.
إلا أن الإجراءات التي اتخذتها إدارة ترامب سمحت لأردوغان بإلقاء اللوم في المشاكل الاقتصادية وانهيار الليرة، على البيت الأبيض واللعب على المشاعر المناهضة للولايات المتحدة المنتشرة في مختلف فئات المجتمع التركي.
وقال سونر كاغابتاي، مدير "برنامج الأبحاث التركي" بمعهد واشنطن: إن سيطرة أردوغان على الإعلام التركي والتي عززها بعد التغييرات الأخيرة في ملكيتها، سمحت للسلطات وبسهولة برسم الولايات المتحدة في صورة الشرير.
وصرح لوكالة فرانس برس: "أعتقد أن أردوغان قرر أنه رغم أنه لم يكن يريد للأزمة مع الولايات المتحدة أن تصل إلى ما وصلت إليه، فإنه قرر كذلك استغلالها".
وأضاف أن "أردوغان يستطيع أن يحدد شكل روايته للأزمة لأنه يسيطر على 90% من الإعلام. ويستطيع الآن أن يربط الأزمة الاقتصادية في تركيا والناجمة عن سياساته، بالعقوبات الأميركية فقط".
"مؤامرة ضد تركيا"
قبل أن يتسبب ترامب في انهيار الليرة من خلال تغريدة في العاشر من أغسطس أعلن فيها مضاعفة الرسوم على واردات بلاده من الصلب والألومنيوم التركي، كانت السحب تتجمع فوق الاقتصاد التركي بعد ارتفاع التضخم ليبلغ 16% وتوسع العجز في الحساب الجاري.
كما تسبب أردوغان في تقويض الثقة بالعملة من خلال تصريحاته المتكررة التي اعتبرها بعض اللاعبين في السوق مُربكة.
فقد وصف معدلات الفائدة بأنها "أب وأم كل الشرور" وقال: إن البلاد بحاجة إلى معدلات الفائدة المنخفضة لخفض التضخم.
وبعد شهر من الفوز بصلاحيات جديدة في الانتخابات، أدهش أردوغان المراقبين بتعيين صهره براءة البيرق، وزير الطاقة السابق، على رأس وزارة المالية الجديدة الموسعة، رغم أنه يفتقر للخبرة في الأسواق المالية.
وفور أن أطلق ترامب الأزمة بشأن احتجاز السلطات التركية للقس الأميركي أندرو برانسون، سارع أردوغان إلى التنديد بـ"مؤامرة" تهدف إلى "تركيع" تركيا.
واصطفّ الإعلام الرسمي وراء أردوغان في التنديد بما وصفه بأنه "انقلاب اقتصادي"، وقارن بينه وبين المحاولة الانقلابية للإطاحة بأردوغان في 2016.
حشد الدعم الشعبي
قال سنان أولغين، رئيس مركز الاقتصاد والسياسة الخارجية: إن استراتيجية أردوغان "تهدف في الأساس إلى حشد الدعم الشعبي في وقت الأزمة الاقتصادية".
ويجد خطاب أردوغان صدًى واسعًا في المجتمع التركي الذي تنتشر فيه مشاعر قوية مناهضة للولايات المتحدة تفاقمت بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة.
يعيش فتح الله غولن، الداعية الإسلامي الذي تتهمه أنقرة بأنه وراء المحاولة الانقلابية، في منفاه الاختياري في بنسلفانيا منذ 1999، وقاد ذلك الكثيرين، ومن بينهم مسئولون أتراك كبار، إلى الاعتقاد بأن للولايات المتحدة يدًا في المحاولة الانقلابية.
ورفضت الولايات المتحدة تلك المزاعم، فيما أكد غولن أنه ليس له أي يد في المحاولة الانقلابية.
لكن الخطاب المناهض للولايات المتحدة يلقى صدًى قويًّا في تركيا رغم أن أنقرة وواشنطن عضوان في حلف شمال الأطلسي منذ 1952.
وبحسب استطلاع أجراه مركز "سنتر فور أميركان بروغريس" في وقت سابق من العام فإن 10% فقط من الأتراك ينظرون إلى واشنطن بعين الرضا، بينما عبر 83% منهم عن آراء غير جيدة تجاهها.
أردوغان الذي يستخدم أجهزة شركة أبل الأميركية، أعلن أن تركيا ستقاطع هواتف آيفون وأجهزة الشركة العملاقة. وسرعان ما ظهرت صور على مواقع التواصل الاجتماعي لأنصار أردوغان وهم يحطمون هواتفهم الآيفون.
كما تعرضت السفارة الأميركية في أنقرة، يوم الاثنين، لإطلاق نار، وسارعت الحكومة إلى إدانة الحادث ووصفته بأنه "استفزاز" وتعهدت بمحاسبة مرتكبيه.
"شخص واحد فقط"
قال دبلوماسي أوروبي، طلب عدم الكشف عن هويته: إنه "من خلال تصرفاته فإن دونالد ترامب يخفي الأشخاص المسئولين حقًا عن الوضع الاقتصادي" في تركيا.
وأضاف "هناك شخص واحد فقط هو من يمنع البنك المركزي من التصرف ويمنع وزير المالية" من اتخاذ الاجراءات الضرورية، محذرًا من أن تركيا مخطئة إذا كانت تعتقد أنها "يمكن أن تحمل الولايات المتحدة.. وبخاصة الرئيس دونالد ترامب" المسئولية.
على شاشات التليفزيون وفي الصحف لا يوجد من يخرج عن خط الحكومة، ويلجأ خبراء الاقتصاد الذين لهم رأي مختلف لبث آرائهم على تويتر.
قال سنان أولغين: إنه إذا لم يتم رفع أسعار الفائدة فإن "قدرة البنك المركزي ووزارة المالية على طمأنة الأسواق ستضعف بشكل كبير".