الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

بالصور.. احتفالات الصعايدة في العيد.. فرقة مزمار بـ"الوقفة".. وفقرات "الرَمح" تستمر حتى عصر اليوم الأول.. و"لعب التحطيب" أهم الطقوس

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يتفرد الصعيد بطابع خاص في استقبال العيد والاحتفال به، طقوس متوارثة عبر الأجيال، لم تؤثر بعد عليها التكنولوجيا، فمظاهر وعادات الاحتفال بالعيد في قُرى الصعيد الجواني مازالت بكرًا، لا تعترف بالذهاب للسينمات والتنزه في الحدائق العامة والاستمتاع بالشواطيء، كما هو الحال في العاصمة القاهرة ومُدن المحروسة الكُبرى في احتفالاتها بالعيد. ففي قرية أبودياب، شرق دشنا بقنا، لا يُعتبر العيد عيدًا إلا بأكل طبق الفول النابت من "عم غريب" وشُرب كوز البوظة من "الأسطى جبريل" ومُشاهدة ساحات "الرُمح والمزمار" وتسلُق "تبة القرنة".


بشائر قدوم العيد في القرية، التي تبعُد 750 كيلومترا عن عن العاصمىة القاهرة، تبدأ بعودة المسافرين، سواء ممن يبحثون على لقمة العيش في ربوع مصر أو من إحدى دول الخليج، ثم يتبعها رحلة البحث عن "ترزي" لحياكة جلابية العيد، التي تُعتبر رمزًا هاما لقدوم العيد، ليبدأ بعدها؛ تجهيز المندرة "مضيفة العائلة" التي تتزين قبل العيد بأيام قليلة لتُصبح جاهزة لاستقبال الضيوف والزائرين على مدار أيام العيد الثلاثة.


شباب العائلات، يعكفون على تجهيز تجمعاتهم للسهر ومُشاهدة الأفلام والمسرحيات مع أصدقائهم في المندرة خلال أيام العيد، بينما على الجهة الأخرى، يتفق شيوخ العائلات مع فرقة مزمار صعيدي لإحياء ليلة العيد، التي تبدأ بالتجمع في ساحة أرض خالية لاستعراض الرقص والرمح بالخيول بعدما يتجمع أصحاب الخيول من ابناء العائلات المُختلفة في القرية، فيما يقتصر دور الأطفال على الأطفال على جمع "العدية" والنوم مبكرًا حتى يستعدوا لاستقبال يوم حافل بالبهجة.


وفي صباح أول أيام العيد، بعد الانتهاء من الصلاة، يصطف الشباب في طوابير أمام المساجد لتبال تحيات العيد، يتوجه بعدها شيوخ العائلات إلى المضيفة لاستقبال الزوار والضيوف وتبادل أطراف أحداديثهم، فيما يتوجه الشباب، في مجموعات، قاصدين الشيخ مبارك، حيث منطقة دفن الموتى التي أيضًا تُقام فيها الاحتفالات.


يقول إسماعيل جمعه، إنه في الساعات الأولى من العيد تتوجه السيدات إلى مقابر القرية لزيارة الموتى، لتوزيع كحك العيد والحلويات والفاكهة على قبور ذويهم على الفقراء والقائمين على خدمة القبور، مُضيفًا أن الشباب يتجمعون بأعداد غفيرة على "عم غريب" لتناول طبق الفول النابت والبليلة، ثم على "عم جبريل" لشرب البوظة، بينما يكتفى جزءًا منهم بالعب "التحطيب" أمام ضريح الشيخ مبارح أو تناول الصور التذكارية لتجمعاتهم.
فى الحقيقة أن هذا التجمع الغفير من الناس لا يخلو أحيانًا من نشوب بعض الاحتكاكات والخناقات الجانبية بين شباب العائلات وبعضهم، ورغم أن تلك الاشتباكات تنتهى سريعًا بعد تدخل حكماء وكبار عائلات الطرفين، إلا أن تداول أدق تفاصيلها يستمر ربما لأسابيع فى حكاوى "المصاطب".


كما أن الحدث لم ينته بعد، فبعد أن يعود الأطفال إلى نجوعهم وقُراهم لاستكمال الاحتفالات بالعيد فى يومه الأول، يتجمع الشباب للذهاب إلى "القُرنة"، وهى "تبة" قاطنة على أطراف القرية، متداول بين الناس أن أعلاها مدفون أحد أولياء الله الصالحين، الشيخ الرفاعى، الذى يوصف بأن "سره باتع" وأن من يقصدها ويتسلقها إلى أعلى بقصد مطلب أو أمنية ما، فإنه لا يمر العام إلا ويتحقق مُراده.


على جانب آخر، فإن كبار وشيوخ كل عائلة يجوبون الشوارع، ظهر اليوم الأول من العيد، فى "موكب" يكون فى مقدمته فرقة "المزمار" وأصحاب الخيول من نفس العائلة، مرورًا بضريح الشيخ مبارك، ثم الالتقاء بكبار العائلات الأخرى، التى استأجرت أيضًا فرق مزمار، فى قطعة أرض خالية، تزيد مساحتها على الفدانين، ولا تبعُد عن الشيخ مبارك كثيرًا، حيث تبدأ فقرة "ساحة الرَمح"، والتى تستمر لمدة ساعتين أو يزيد، يستعرض فيها أصحاب الخيل، من أبناء القرية، الرقص بالحصان، ثم التسابق بين الخيول وبعضها، وذلك احتفالًا وفرحة بالعيد.



موسى مبارك، صاحب الثلاثين ربيعًا، قال إنه بعد الانتهاء من أهم مظاهر الاحتفال بالعيد حتى عصر اليوم الأول يتجمع أبناء كل عائلة فى مع بعضهم البعض لتبدأ مرحلة "اللف على الأقارب"، رافعين لافتة "الطريق اللى نمشى فيه منرجعش منه".
ويوضح مبارك: "نتجمع مثلا 20 أو 30 شخصا، نمر بالشوارع ونتبادل السلامات مع الموجودين بها، وأيضًا بالدخول إلى مندرة كل عائلة لتبادل التهانى مع أصحابها، ثم بمنازل الأقربون فالأقربون، وتستمر تلك الزيارات على مدار أيام العيد كاملةً، نقصد فيها النجوع البعيدة أو حتى أقاربنا فى القُرى المجاورة".


وخلال أيام العيد، تتحول "المندرة" إلى ساحة تدب بأقدام وأنفاس الأقارب والضيوف والزوار، كما تستمر فيها حفلات وتجمعات وسهرات الشباب يوميًا، لتخلق حالة مميزة من الترابط الاجتماعى القوى بين أبناء القرية وبعضهم، ورغم مرور الأيام والسنين، إلا أن طقوس وعادات الاحتفال بالعيد فى القرية، مازالت بكرًا، تتفرد بطابع خاص، ما يجعل أهلها يشفقون أحيانًا على أبناء المدينة، ممن يتصنعون الاحتفال بالعيد ويكتفون بالترابط مع أقاربهم وجيرانهم عن طرق شبكات التواصل الاجتماعى.