الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

اكتشاف مصر ليس بالكلام!!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
شعاران تصدرا الشاشات المصرية طوال الفترة الماضية، الأول «اكتشف مصر واستثمر» وهى دعوة موجهة للخارج لزيارة مصر إما للسياحة أو للاستثمار، والاثنان عصب الاقتصاد المصرى الذى نتمنى له التعافى، والشعار الثانى (مصر تحارب داعش) وهو رسالة للعالم بأن الإرهاب موجود فى مصر، والحرب عليه قائمة، وقد تزامن وضعه على الشاشة مع الشعار الأول، حيث تقاسمت القنوات رفع الشعارين.
وبصرف النظر عن أن الشعار الثانى ينسف الأول ويرهب السياح والمستثمرين من مجرد التفكير فى زيارة مصر، وبصرف النظر عن أن الجيش المصرى أرهب الدواعش فتوجهوا بدمويتهم إلى دول أخرى، وبصرف النظر عن العشوائية التى تدار بها القنوات، والصراع بين القائمين عليها والذى لا يصب إلا فى مصلحتهم، وبصرف النظر عن انعكاس هذه العشوائية على مصداقية الإعلام وتسطيح رسالته، بصرف النظر عن كل ذلك فنحن نتوقف مع من رفعوا شعار (اكتشف مصر واستثمر) فالدعوة محمودة، وتأتى فى إطار جذب السياح بعد توفير كل وسائل الأمان، وجذب المستثمرين بعد توجيهات الرئيس بتشريعات جديدة تتضمن حزمة من القوانين تحمى المستثمر من معوقات الروتين، لكن الملفت للنظر أن من رفعوا الشعار وطنطنوا به، وتحدثوا عن روعة مصر ومحاباة الله لها بالعديد من المميزات.. هم أنفسهم الذين يقضون إجازاتهم خارج مصر، ويوجهون العملة الصعبة إلى اقتصاديات دول أخرى، هؤلاء هم من يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم.
كنت أتمنى أن يتم حصر من سافروا للسياحة فى الخارج، لنعرف حجم ما ينفقونه من عملة صعبة مصر فى أشد الحاجة إليها فى الوقت الحالي، بالتأكيد سنجد من ضنوا على الوطن ببعض ما يمتلكونه من دولارات..هم أكثر المتحدثين عن الوطنية، وعن روعة مصر بآثارها ومناخها ونيلها وبحرها، وهم من يطالبون الشعب بالصبر والوقوف بجانب الدولة فى محنتها، وهم من يعطون الناس دروسًا فى الوطنية وأهمية ربط البطون بالأحزمة، هم من يرحبون بالجوع حتى تجتاز الدولة عثرتها ويعم الرخاء، هم من يطالبون بالوقوف خلف الرئيس ومساندته، وهم أول من يصفقون له عندما يتحدث عن مؤازرة الدولة والعمل بجدية وإنكار الذات والصبر وتحمل موجة الغلاء التى فرضتها الظروف الاقتصادية، هؤلاء يقولون ما لا يفعلون، ويظهرون غير ما يبطنون، واكتشافهم لمصر وجمالها ودعوة السياح لزيارتها ما هما إلا فض مجالس، فإذا خلوا إلى طبيعتهم.. سافروا على متن أول طائرة إلى الخارج لقضاء إجازاتهم، حتى إذا عادوا.. تحدثوا عن جمال مصر ومارسوا فهلوة الوعظ.
كم مصريا حل سائحًا هذا الصيف فى أوروبا وأمريكا ودول أخرى لن أستثنى منها تركيا؟ وكم أنفق هؤلاء من العملة الصعبة؟ وهل زاروا كل معالم مصر السياحية واكتشفوا ما فيها؟ هل يردد هؤلاء شعار (اكتشف مصر واستثمر) لمجرد الاستهلاك فقط والمنظرة والوطنية الزائفة؟ 
كثر الحديث فى السنوات الأخيرة عن الذين اعتادوا أداء مناسك الحج والعمرة كل عام، وكان إثناء الذين يتزاحمون على تأشيرة حج أو عمرة هو القاسم المشترك بين العديد من رجال الدين، حيث خصوا من سبق لهم أداء الفريضة بترك الفرصة لغيرهم، على أن ينفقوا المبالغ المخصصة لذلك فى الداخل المصري، لأن الاقتصاد يئن. كنت أتمنى أن يكون القاسم المشترك بين الدعاة هو إثناء البعض عن قضاء إجازاتهم خارج مصر، لأن الاقتصاد فى حاجة إلى ملايين الدولارات التى تنفق على الترفيه فى الخارج، فالوطنية ليست كلامًا نطلقه فى الهواء، بل هى أفعال لا تصدر إلا عن المخلصين لهذا البلد. ولو تم حصر ما ينفقه السياح المصريون فى الخارج سوف نكتشف أنه أضعاف ما ينفق فى أداء فريضة الحج.