الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

«نساء داعش».. سبايا ومقاتلات ومتعة

نساء داعش
نساء داعش
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
وثيقة: تخصيص النساء بين التاسعة والسابعة عشرة للإنجاب فقط
مع توالى الهزائم التى يتعرض لها تنظيم «داعش» الإرهابى، وفقدانه ما يزيد على ٩٠٪ من الأراضى التى كان يُسيطر عليها فى سوريا والعراق، وتناقص عددى بين صفوف مقاتليه، لجأ التنظيم- الأخطر والأشد دموية فى القرن الحادى والعشرين- إلى تجنيد النساء، ونجحت الآلة الدعائية له فى استقطاب الكثير من النساء بمناطق متعددة حول العالم، وهو الأمر الذى جعل الجناح النسائى واحدًا من أهم قطاعات التنظيم، خاصة مع تأسيس «كتيبة الخنساء» النسائية عام ٢٠١٤.
وتتعدد الأدوار التى تقوم بها «كتيبة الخنساء» ما بين التجنيد، ومتابعة شئون نساء التنظيم، وصولًا إلى مراقبة سلوكهن فى المناطق التى يُقمن فيها، مثل مدينتى الموصل العراقية، والرقة السورية، والمتابع لظاهرة تجنيد النساء داخل «داعش»، يجد أنها باتت ظاهرة تؤرق الكثير من الدول إقليميًّا وعالميًّا.
الجناح النسائى
ينقسم الجناح النسائى بتنظيم «داعش» إلى ثلاثة أقسام، القسم الأول: يهتم بالإنجاب ورعاية الشئون المنزلية، وتُعرَف من يقُمن بهذه المهمة بـ«السبايا» و«الأسيرات»، ويتم التعامل معهن كالجواري؛ والقسم الثاني: يهتم بالخدمة المدنية كالتعليم والصحة وغيرهما مما تحتاج إليه النساء، ويضطلع بهذه المهمة المتعلمات من نساء التنظيم؛ أما القسم الثالث فيضم المجاهدات اللواتى يقمن بحمل السلاح، ويأتين من جنسيات مختلفة -عربية وغير عربية.
وثيقة داعشية
ووفقًا لوثيقة أصدرها تنظيم داعش، تحت عنوان: «المرأة فى الدولة الإسلامية: بيان ودراسة حالة»، يستعرض فيها بالتفصيل دور النساء فى التنظيم؛ فإن عمر النساء اللاتى يقمن بالإنجاب ورعاية الشئون المنزلية يتراوح ما بين التاسعة والسابعة عشر عامًا، وبحسب الوثيقة -التى توضح أبرز معالم الفكر الذى يتبناه الدواعش تجاه المرأة- فإن المرأة «مهما فعلت لن تستطيع إثبات أنها أكثر ذكاءً ومهارةً من الرجل»؛ ذلك أن الوظيفة الأساسية لها -كما تحدد الوثيقة- هى أن «تبقى فى المنزل مع زوجها وأطفالها»؛ أما خروجها من المنزل فهو مشروط -وفقًا للوثيقة- بالظروف الاستثنائية، كالجهاد فى حال عدم وجود الرجال، وهو ما نلاحظ تحققه على أرض الواقع مع تتبع مسيرة تنامى دور المرأة فى التنظيم.
النساء تقاتل
مع النجاحات التى حققها التنظيم فى مراحله الأولى؛ لم تتحمس قياداته -فى ذلك الوقت- لأمر مشاركة النساء فى ميدان القتال؛ حيث طلب زعيم داعش «أبوبكر البغدادي»، الإبقاء على النساء خلف صفوف المقاتلين، واقتصار دورهن على رعاية الشئون الأسرية، ولم يكن التنظيم -آنذاك- يعانى النقص العددي، كما هو الحال اليوم جرَّاء الهزائم التى تعرض لها خلال السنوات الأخيرة، والتى أجبرت «البغدادي» أن يتراجع عن موقفه، ويُصدر فتوى تنص على: «فى حال وجود نقص فى أعداد المقاتلين، فمن الممكن تدريب النساء للمشاركة مع أزواجهن فى المعارك»، وهى الفتوى التى عُدِّلت من قِبَل التنظيم فى أكتوبر من العام ٢٠١٧؛ حيث أصبح قتال النساء واجبًا وليس اختيارًا.
دوافع الانضمام
تقسم الباحثتان التونسيتان آمال القرامى ومنية العرفاوى، فى دراسة أخيرة تناولت الحالة التونسية، بعنوان «النساء والإرهاب دراسة جندرية» مشاركة النساء فى التنظيمات الإرهابية إلى ثلاث فئات:
الأولى: زوجات أُرغِمْنَ دون اختيار على الخضوع والتسليم لأزواجهن القيادات فى التنظيم.
الثانية: المقتنعات بالفكر المتطرف ممن سعين اختيارا للانتماء للتنظيم، ونشر أفكاره، مثل أسماء البخارى زعيمة مجموعة «شباو» الإرهابية التى نسيت مشاعر الأمومة، وجازفت بحياة طفليها، ورفضت الاستسلام وتبادلت إطلاق النار مع قوات الأمن، ولم تكتفِ بذلك بل كفرت زوجها وقائد المجموعة، وأصرت على القتال إلى آخر رصاصة.
الثالثة: المتعاطفات والمتحمسات للتنظيم وأفكاره. وبحسب دراسة القرامى والعرفاوى؛ فإن نحو ٩٠٪ ممن شملتهم العينة من النساء المنضمات لتنظيم داعش وغيره كانت العاطفة وابتزاز المشاعر حافزًا رئيسًا لهم، ولم يركزن أو يسألن أو يتساءلن عن تأصيل شرعى أو ما شابه، الأمر الذى يتشابه مع حالة الفتاة الألمانية ذات الستة عشر ربيعًا، التى عُرِفَت بـ«حسناء داعش»، وتم القبض عليها بعد تحرير الموصل فى العراق.
عوامل أخرى
هناك العديد من الأسباب التى تدفع النساء للانضمام إلى تنظيم «داعش»، نذكر منها:
أولًا؛ حب المغامرة والإثارة: إذ تبحث غالبية النساء المنضمات إلى التنظيم عن تصورات رومانسية، ورغبة فى العيش بشكل فريد من نوعه، كما أن التفكير يجنح بمعظمهن إلى ترسيخ قناعة أن الانتماء إلى التنظيم سيضفى عليهن عظمة تاريخية، على خلفية التأثر الشديد بالآلة الدعائية لـ«داعش» الذى يستقطب «عرائس الجهاد» عن طريق إغرائهن بالحياة الكريمة التى يدعى أنه يوفرها لهن، لا سيما أولئك اللواتى لديهن ميل للفرار من الخلافات الأسرية والواقع الاجتماعى المليء بالإحباطات.
ثانيًا؛ المال: وهو من المغريات القوية التى يستقطب بها «داعش» النساء؛ فعلى سبيل المثال المرأة المنضمة إلى «كتائب الخنساء» تحصل على راتب شهرى يصل إلى ١٦٠ ألف ليرة سورية- ما يعادل ١٦٠ دولارًا.
ثالثًا؛ الآلة الدعائية للتنظيم: لعبت دورًا مهمًّا فى استقطاب الكثير من النساء، خاصة الوافدات من المجتمعات الأوروبية، وهو ما يتجسد بوضوح فى قصة الفتاتين نمساويتى الأصل «سامرا كيزينوفيتش» البالغة من العمر ١٦ عامًا، وصديقتها «سابينا سلموفيتش» ذات الخمسة عشر ربيعًا، واللتين أعلنتا فى مطلع العام ٢٠١٤، الانضمام إلى صفوف المقاتلين بتنظيم «داعش»، عقب تأثرهما بأفكار الشباب الشيشانى المقيمين فى العاصمة «فيينا»، وقد تركت الفتاتان -قبل مغادرتهما إلى سوريا- رسالة قالتا فيها: «نحن على الصراط المستقيم، سافرنا لنقاتل فى سوريا من أجل الإسلام، ولا جدوى من البحث عنَّا، سنجاهد فى سبيل الله، ونموت من أجله، نراكم فى الجنة»، وهو ما يوضح دور الآلة الدعائية للتنظيم فى استغلال الروح المثالية، وبراءة المرحلة العمرية للمنضمين إليه.
والملاحظ على اتجاهات النساء اللواتى انضممن لتنظيم داعش قد تأثرن ببريق الاستقرار الذى صورته الآلة الدعائية لتنظيم داعش حول الدولة والمدينة الفاضلة والاستقرار على عكس «القاعدة»، التى لم تركز على فكرة «الدولة» وظلت فى مرحلة الاستنزاف والإنهاك، ولم يكن فرقًا فى جواز جهاد النساء من عدمه، كما تقول آمال القرامى ومنية العرفاوى فى دراستهما سالفة الذكر.
انعكس ما سبق على تعزيز العامل النفسى كمحرك رئيس فى حشد تنظيم داعش للنساء سواء شرقيات أو أوروبيات؛ فوفقًا لاعتراف العديد من النساء اللواتى انضممن إلى تنظيم داعش تبدو حالة الاغتراب التى يتعرضن لها حينما يحظر عليهن ممارسة تقاليدهن الدنية، ولا سيما الحجاب. ويتضح ذلك فى حالة الجزائرية «حياة بومدين» التى كتبت «أنها فقدت عملها كعاملة بسبب ارتدائها الحجاب».