الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

"مدينة الإنسانية" بالزقازيق.. "وطن بلا مشردين"

«مدينة الإنسانية»
«مدينة الإنسانية» بالزقازيق.
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
سكنت الرحمة والمحبة قلوبهم، فأصبحوا مسكنًا للمشردين ومأوى لهم، أطلقوا على أنفسهم لقب «بسمة»، لعلهم يكونوا بابًا للسعادة وأملًا للذين لم يتبق لهم، سوى الشارع يَحنو عليهم، فاستحقوا أن يكونوا ملائكة بـ«مدينة الإنسانية» المقرر إنشاؤها بمدينة الزقازيق، لتحقيق هدفهم الأعظم، وهو «وطن بلا مشردين» عبر تأسيس دار، لإنقاذ فاقدى الأهلية.
تحققت الفكرة على أرض الواقع، بفضل الإنسانية والرحمة، بقلب مؤسسها الشاب، محمود دُرج، طالب الهندسة، الذى استوقفه مشهد مؤلم فى عام ٢٠١٦، لشاب مشرد، فى العقد الثالث من عمره، بحالة مزرية يُرثى لها، يقيم أسفل كوبرى مشاة، فقرر «دُرج» مساعدة الشاب، حيث نظّفه وبدّل ملابسه وأطعمه، وتركه وغادر، ثم تكررت تلك المساعدة من قبل «طالب الهندسة»، بمساعدة بعض أصدقائه، لكل مشرد يجدونه بالشارع.
تطور الأمر وفكر ابن محافظة الشرقية، بأن يجد مأوى لهؤلاء، الذين يؤلمه مشاهدتهم، فى الأزقة والطرقات، فاستأجر «شقة» بدعمه الذاتى مع أصدقائه، وبدأوا بتفقد الطرقات والشوارع بالتجول بسيارته الخاصة، لمساعدة كل من يقابلهم من المشردين، فوق سن الـ ١٨ عامًا، كما تنقلوا لمحافظات أخرى لنجدة المشردين أيضًا، جراء الاستعانة بهم، فهم سفراء للإنسانية والرحمة. توسعت الدائرة وزاد عدد الحالات، وزاد الإنفاق عليهم من دخل الشباب الخاص، فكانوا يستقطبون هؤلاء الذين مكثوا بالشوارع عشرات السنوات، ويقومون بتنظيفهم، وعرضهم على أطباء لفحص حالتهم الصحية والنفسية، ومن ثم توفير مكان إقامة لهم بالدار، وإن استدعى الأمر، زيارة طبيب نفسى لبعض الحالات المستعصية، لحين تحسن حالتهم، وانتشر الحديث عن الدار، عبر موقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر الحالات قبل وبعد انتشالهم من الشوارع، وأصبحت «بسمة» حديث الشارع المصري، باعتبارها نجدة لكل من ليس له مأوى. تم ترخيص الدار بعد ٥ شهور من العمل وإشهارها من قبل التضامن الاجتماعي، وبلغ عدد المتطوعين بها نحو ١٤٠ شخصًا، من الشباب والفتيات، وخصصوا أطباء وممرضين ومشرفين للإقامة مع الحالات بالدار، بالإضافة لتخصيص طاقم من الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين، لتأهيل الحالات نفسيًا واجتماعيًا، وإجراء الجراحات اللازمة لهم إن لزم الأمر، وخلال عام ونصف العام، ساعدوا فى إنقاذ ٢٦٠ حالة من الرجال والنساء، وكانوا سببًا فى عودة البعض لذويهم.
ذاع صيتهم وبرز نشاطهم، مما استدعى محافظ الشرقية اللواء خالد سعيد، لتكريمهم، فضلًا عن تبرعه لهم بمبلغ مليون جنيه، كمساهمة فى بناء أرض اشتراها فريق الدار، تبلغ نحو فدانين ونصف الفدان، لتكون وطن المشردين بمصر، مهما كانت جنسياتهم، سددوا ٣ ملايين جنيه من قيمة الأرض، التى تبلغ ٧ ملايين جنيه، بمساعدة حساب التبرعات الخاص بالدار.
أجمع الفريق على أنهم يقابلون العديد من الصعوبات، رغم قوتهم على تحمل المسئولية، مثل أن يوشَى بهم بعض المغرضين أحيانا، لمحاولة هدمهم، وانتقادهم والتقليل من جهدهم. ويصف «أعضاء الفريق» معظم الحالات من المشردين، ممن يُقال عنهم «عزيز قوم ذل» بسبب تعرضهم لصدمات أودعتهم الشارع، والبعض حالتهم مؤسفة، فقد تخلى عنهم ذويهم وتركوهم بالدار، ولم تأخذهم بهم شفقة، والبعض الآخر لا أهل لهم، ومنهم يموتون دون علم أحد بهم، وكانت أبرز الحالات، هو «أبو شوال» الذى كانت الدار سببًا فى عودته لأهله بعد ٣٠ عامًا، وغيرهم الذين عادوا لأهلهم بعد غياب دام سنوات، تلك هى الفرحة الحقيقية والبسمة، التى يسعى فريق «مدينة الإنسانية» لرسمها على شفاهِ الجميع فى وطن بلا مشردين.