الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

أموال الغلابة يا وزير الأوقاف

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الاعتداء على المال العام إثم، والتهرب من الضرائب والجمارك إثم، ولا يقبل الله صلاة ولا صيامًا ولا حجًا من المعتدين ولا المتهربين، هذا أبرز ما جاء فى خطبة وزير الأوقاف الدكتور مختار جمعة التى ألقاها من مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية الأسبوع الماضى. وعلى أمثالى أن يسلموا بما قاله الوزير، وعلى أمثاله أن يناقشوه أو يجادلوه فيما قال، فتلك مساحة ينأى من هم على شاكلتى الخوض فيها، فهى ملك لأهل الاختصاص.
فقط.. أعادنى كلام الوزير إلى ما كتبته فى هذه المساحة قبل شهور، والذى حمل صرخات وأوجاع عدد من البسطاء الذين سقطوا فى فخ الوظيفة الميرى، فكانوا فريسة لبعض موظفى وزارة الأوقاف الذين استحلوا أموالهم مقابل وظيفة وهمية تتبع الوزارة، وطبيعى أن يتساءل من استمع إلى خطبة الوزير من ضحايا مافيا التوظيف: وماذا عن الذين نصبوا على الغلابة وأخذوا كل ما يمتلكون بزعم توظيفهم؟ هل هم آثمون؟ وهل يقبل الله صيامهم وصلاتهم وحجهم؟ ألا يستوى من ينصب على البسطاء بمن ينصب على الدولة؟ ولماذا لا يتم تفعيل القانون فى هؤلاء، ليسترد الغلابة حقوقهم ويجازى النصابون بما اقترفت أيديهم؟
أعلم براعة الدكتور مختار جمعة فى تطويع خطبته، لتتناسب مع الأحداث الجارية، لذلك مشيت على دربه، وانتهزت فرصة خطبته الأخيرة، لأطوع ما جاء فيها لمشكلة يئن منها ضحايا بعض موظفى وزارته، ربما تصل صرخاتهم إليه هذه المرة، وربما يهم بمساعدتهم فى استعادة حقوقهم، خاصة أن من نصبوا عليهم لا يقلون جرمًا عن الذين استولوا على أموال الدولة أو تهربوا من الضرائب، أما قبول صيامهم وصلاتهم وحجهم فمتروك لأهل الاختصاص. 
وتقتضى الأمانة هنا التأكيد على أن عمليات النصب المشار إليها تمت قبل تولى الدكتور مختار جمعه مهام عمله كوزير للأوقاف، لكن من نصبوا ما زالوا موجودين فى أماكنهم بالوزارة، ونخشى أن يستمروا فى الإيقاع بضحايا جدد، لذلك كان تدخل الوزير مهمًا، ليس فقط لإعادة الحقوق للغلابة.. ولكن لمراقبة بعض موظفيه حتى لا يستحلوا ما حرمه هو فى خطبته.
وتقتضى الأمانة أيضًا التأكيد على صحة قرار الوزير بمنع بناء الزوايا وإزالة بعض ما تم بناؤه، ليس لأن بعضها كانت مأوى وملتقى للمتطرفة أفكارهم.. ولكن لأنها كانت بوابة للفساد، فقد جمع بعض محترفى النصب فى الوزارة ملايين الجنيهات من البسطاء، بحجة توظيفهم فى هذه الزوايا، وبالفعل تم توظيف البعض، والبعض الآخر كان ضحية لمن عزفوا على وتر الوظيفة الميرى.
تزايد عدد ضحايا مافيا التوظيف فى وزارة الأوقاف بعد قرار الوزير بوقف بناء الزوايا، لذلك بدأت المافيا تمنى الضحايا بانفراجة، تتمثل فى تراجع الوزير عن قراره، والسماح بالاستمرار فى بناء الزوايا، ولما طالت عمليات التسويف.. كان الدعاء بإزاحة الدكتور مختار جمعة من منصبه مع كل تغيير وزارى هو ما تنصح به المافيا أصحاب الحقوق الضائعة.
كل ضحايا مافيا التوظيف فى وزارة الأوقاف من الحالات الإنسانية، التى تقشعر الأبدان عندما تراهم، فمنهم من استدان ليحصل على وظيفة، ومنهم من باع بضعة قراريط هى كل ما يملك، ومنهم من باع ماشيته، ومنهم من مات فى حادث تاركًا أرملة لم يشفع لها أطفالها المعاقون عند أعضاء المافيا، فلم تجد منهم سوى التوبيخ عندما طالبت بحق زوجها، ولم يشفع لغيرها فقدانه لبصره، حيث كان نصيبه سيلا من الشتائم عندما طالب بحقه.
نظرة من الدكتور مختار جمعة لهؤلاء الضحايا، فإن لم يستطع استعادة حقوقهم.. فاستبعاد العناصر الفاسدة من وزارته هو أضعف الإيمان، هذا إذا كنا نريد إصلاحًا.