هناك طريق طويل موازٍ لـ«رشاح المرج» ترعة التوفيقية سابقًا، العين
المجردة تكشف تحولها لمجرى للصرف الصحى المكشوف بطول 4 كيلو مترات، علاوة على ذلك
تشق هذه الترعة للصرف المكشوف نحو أكثر من 5 عزب «كمال رمزى والمسيحيين وعزبة
الفتح وعزبة العجاجات وعزبة ميخائيل وعزبتى كمال رمزى الصغيرة والكبيرة، التى يعيش
بها أكثر من 30 ألف نسمة من السكان، تصل مساحة الرشاح عشرات الكيلو مترات».
«البوابة نيوز» رصدت معاناة تلك المنطقة التى يعيش أهلها خارج إطار الزمن، ومن بين
تلك العزب تلك التى كانت بالأمس مقصدًا للباشوات، عزبة «كمال رمزي» أحد العزب التى
تحولت من مقصد الباشوات إلى مقبرة للأحياء الأموات.
على مدخل عزبة «كمال رمزي» يوجد معسكر للأمن المركزى ومؤسسة الأحداث
ومؤسسة التنمية الفكرية بالمرج، ويظن من يسمع بوجود تلك المبانى الحيوية أن سكان
تلك العزبة هم باشوات أو على الأقل أبناء باشوات، ولكن هم فى الحقيقة كالأموات.
يقول الحاج حسين، أحد سكان العزبة، أرض العزبة والعزب المجاورة
الأخرى سواء عزبة الفتح وعزبة المسيحيين وعزبة العجاجات وعزبة ميخائيل وعزبتى كمال
رمزى الصغيرة والكبيرة، كلها بوار منذ عام ١٩٧٦، وكانت تابعة لشركة الأهرام
للتعمير، وسكان المنطقة قاموا بشراء الأرض من الشركة وبنوها وسكنوا فيها. وتابع:
«إحنا اللى بنعمل كل حاجة جبنا مواسير وعملنا صرف صحى ومياه، الصرف بتاع العزب
كلها بيصب فى الرشاح» يعيش السكان فى المنطقة حياة مأساوية، فالرشاح الذى كان يعرف
بترعة التوفيقية سابقًا وتصل إلى الإسماعيلية، التى توقف ضخ المياه فيها وتم ردم
جزء كبير منها وأصبحت الآن تستخدم كمصب لصرف مياه قطاع الأمن المركزى ومؤسسة
الأحداث ومؤسسة التثقيف الفكرى الموجودين بجوار الدائرى على مدخل عزبة كمال رمزي
وطريق الرشاح. الجدير بالذكر أن العزبة تابعة لمحافظة القاهرة على حدود المرج،
ومنذ فترة قام الأهالى بدعوة نقيب الأطباء السابق حمدى السيد، لحضور حفل تكريم
حفظة القرآن الكريم، وبعد أن دخل العزبة وشاهد الرشاح وحالة العزبة سأل أنا فين
هنا، أجاب عليه الأهالى «إحنا فى القاهرة يا دكتور، كل الأرض دى تابعة للقاهرة
دائرة المرج، صعبنا عليه، وقال لنا أنتم عايشين هنا إزاي».
أرض «الهيش»
ومن مظاهر الفوضى، أيضًا أرض من الهيش تبلغ مساحتها نحو ٣٩ فدانًا
عبارة عن أرض خالية ممتلئة بالهيش، تابعة لوزارة التضامن الاجتماعي، ويعانى أهالى
عزبة كمال رمزى والعزب المجاورة من تلك الأرض بسبب احتواء الهيش للأفاعى والبعوض
والكلاب الضالة والناموس وقطاع الطرق والمدمنين.
قال محمد عويس، «إن جرائم القتل التى وقعت على طريق الهيش وصلت أربع
جرائم، ويتم «تثبيت» الأهالى التى تمر بها كل يوم، ناهيك عن الأمراض التى تصيبنا
نتيجة الهيش والرشاح، فياريت حد من المسئولين يحس بينا عشان إحنا تعبنا، والعيال
كلها تعبت حتى ولاد أختى مصابين بالأمراض من مياه الرشاح».
وقال محمد، من شباب المنطقة «هناك سيارات تأتى بالليل تدخل الهيش
وترحل، حيث يوجد تجار مخدرات يمارسون نشاطهم داخل تلك الأرض، وتابع حاولنا حرق
الهيش ولكن الناس اللى موجودة لحراسته بالنهار منعونا وقالوا لنا دى أرض حكومة
وملكوش دعوة بيها. ويضيف محمد لا يوجد صرف صحى أو مدارس حكومية، أو تنمية وخدمات
أو أى شيء، إحنا عايشين كده لله».
ولا يدرى محمد كيف للحكومة أن تحصل منهم أموالا مقابل الصرف الصحى
والقمامة والأهالى هم من قاموا بتوصيل الصرف من جيوبهم، أما القمامة فهم يقومون
بإلقائها فى الرشاح، وبسببها هى والرشاح حياتهم فى جحيم بسبب التلوث وانتشار
الروائح الكريهة والكلاب والثعابين، «حتى خط الصرف والمحطة اللى الحكومة بتعملها
فشلت عشان المواسير أعلى من مستوى المحطة، إحنا عايزين الجيش يتدخل ينقذنا من اللى
إحنا فيه».
مشروع الصرف «طلع فنكوش»
أكثر من ٧ سنوات مضت على مشروع إنشاء محطة صرف عزبة كمال رمزي، وهى
«تحت الإنشاء دون الانتهاء منه، فالمشروع يتم العمل فيه من حين لآخر وفى النهاية
توقفوا دون الانتهاء منه، ولا أحد يعلم لماذا توقف المشروع الذى تحول من حلم
لكابوس يعيشه سكان عزبة كمال رمزي».
يقول أحمد، من سكان العزبة، إن محطة الصرف الصحى التى بدأ إنشاؤها
منذ ٧ سنوات أمام قطاع الأمن المركزى الموجود على مدخل قرية عزبة كمال رمزي،
مازالت تحت الإنشاء ولم يتم الانتهاء منها حتى الآن، حيث إن المحطة الهدف منها
استقبال مياه الصرف التى تصب فى الرشاح والقادمة من العزبة والعزب المجاورة.
ويؤكد أحمد، أن الشركة القائمة على إنشاء المحطة غير ملتزمة، حيث
تقوم بمباشرة العمل فى المحطة على فترات متفاوتة، وكان من المفترض الانتهاء من
المحطة وتشغيلها منذ عامين، ولكن هذا لم يحدث بسبب عدم التزام الشركة، كما أن الحى
وأعضاء مجلس النواب يعلمون أن الشركة غير ملتزمة ولكن لا يفعلون شيئًا.
وتابع أحمد، لو أن الشركة انتهت من إنشاء المحطة سيتم تحويل الصرف
عنها بدلًا من الرشاح، ومن ثم يتم ردم الرشاح الذى سبب فى العديد من المشكلات مثل
انتشار الرائحة والكلاب، وبعد ذلك يتم رصف أو تمهيد الطريق الرئيسى للبلد الذى
أفسدته الشركة القائمة على إنشاء محطة الصرف.
فيما يقول خالد، أحد السكان أيضًا، إن الشركة القائمة على إنشاء محطة
الصرف قامت بإنشاء خط صرف صحى لتصب فيه مياه الصرف القادمة من العزب وبسبب عدم
الانتهاء من المحطة ما زالت مياه الصرف تصب فى الرشاح. وتابع خالد، أن المواسير
التى وضعتها الشركة منذ سنوات وتركتها مفتوحة تم وضعها لتشغيلها مباشرة، ولكن لو
نظرنا إليها الآن سنجد أن المواسير تحتاج لأموال كثيرة لتشغيلها بسبب الإهمال
ومرور السيارات عليها قبل تغطيتها جيدًا.
التوك توك سيد الموقف
وأضاف خالد يضطر الأهالى لركوب التوك توك بعشرة جنيهات فى كل مرة حتى يستطيعوا الوصول إلى الدائرى والرجوع مرة أخرى إلى العزبة، «أنا معايا بنتى بتروح الجامعة بتاخد توك توك كل يوم رايح جاى بعشرين جنيه وكل الناس اللى بتروح شغلها أو مدارسها نفس النظام بيركبوا التوك توك بعشرة جنيه، وأنا مش عارف الناس معاها كام عشرة جنيه فى الشهر ولا هنصرف على التعليم ولا على المواصلات ولا هنصرف على العيشة، كما أن طلبة وطالبات الجامعات الذين يذهبون لكلياتهم يستقلون التوك توك وخاصة البنات اللاتى لا يستطعن الذهاب من داخل العزب حتى الدائرى على أقدامهن، أنا عندى بنتى كل يوم بتركب توك توك كل يوم رايح جاي، خاصة لو اتأخرت بعد المغرب مش بس عشان الطريق طويل، لكن عشان مفيش إنارة فى الطريق الجو عتمة وكمان عشان تبقى فى أمان شوية من الكلاب والخطف».
المياه بالمجهود الذاتى
وقام الأهالى بتوصيل المياه بمجهوداتهم الذاتية دون مساعدة أحد،
وقاموا بجلب مواسير مياه قطر ٤ بوصة وقاموا بتوصيلها وكانت جيدة حينها، ولكن مع
مرور الوقت زاد عدد السكان وزاد الضغط على المواسير بقطرها الضعيف وأصبحت المياه
ضعيفة ولا تصل لكل البيوت، وحين لجأ الأهالى للمجلس المحلى قال لهم «أنتم فى
الخطة» ومنذ خمس سنوات وهم فى الخطة ولكن يبدو أن الخطة غير مبالية للمشكلة.
ولجأ الأهالى لنواب مجلس النواب ولكن بدون جدوى فيبدو أن المشاكل أكبر بكثير من إمكانيات النواب «رحنا للنواب قالوا لنا إحنا بنساعدكم على قد الإمكانيات، وإحنا أدينا عايشين ومفيش حاجة فى إدينا نعملها».
المستشفيات.. وعود فقط
وعدت الحكومة الأهالى منذ ٤٥ عامًا بإنشاء مستشفى لهم وما زالت الوعود لم تنفذ حتى اليوم، حتى الوحدة الصحية الموجودة بأبوصير بجوار مؤسسة الأحداث مهمتها تسجيل المواليد والوفيات فقط، ولا يوجد بها أطباء، «الغريب أن الحكومة بتحصل مننا فلوس زبالة وصرف، وإحنا لا عندنا حد بياخد الزبالة ولا عندنا صرف ولا خدمات، يعنى تقدر تقول إننا عايشين حياة المصرى البدائي، حياة ما قبل التاريخ». بينما يقول الحاج سعيد الدرديري، أحد سكان عزبة كمال رمزى أيضًا، لا توجد مواصلات ونعانى الكثير من المشكلات «إحنا بنعانى من قلة المواصلات من العزبة للدائري، فنحتاج دخول الأتوبيسات لداخل البلد»، مفيش فرن عيش قريبة وأقرب وحدة من العزبة تبعد ٢ كيلو، وعشان تجيب العيش لازم تاخد مواصلة رايح جاي». فيما قال عبدالسلام، يعمل سائق توك توك فى بعض الأوقات ويعمل سائقا على ميكروباص أيضًا، الذى بدأ كلامة بأن الحكومة لا تعلم عنهم شيئًا، ولا أحد من المسئولين يستمع لمشاكلهم ولا اقتراحاتهم «كل واحد من الناس دى بيفكر لوحده وإحنا اللى ضايعين فى النص».