السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

اقتصاد

أكذوبة اقتصاد أردوغان

أردوغان
أردوغان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
هل تضطر تركيا إلى دق أبواب صندوق النقد الدولي، في تلك الظروف الصعبة التي يعيشها الاقتصاد التركي، والانهيار التام لسعر صرف الليرة التركية.


وفقًا لتقارير اقتصادية نشرتها وكالة بلومبرج الأمريكية، فإن لجوء تركيا إلى خطة إنقاذ صندوق النقد الدولي، مِن شأنه أن يكون العلاج المر الذي يتحتم على أردوغان أخذه، حيث إنه هو الذي يتفاخر دائمًا بتحقيق الاستقلال الاقتصادي التركي بعيدًا عن وصاية صندوق النقد، في حين أن الحقيقة هي أن تركيا تعتمد على العالم الخارجي مثلما كانت دائمًا. 
يوضح خبراء الاقتصاد أن الدائنين الأجانب إذا توقفوا عن تقديم قروضهم للبنوك والشركات التركية، فقد يتوقف الاقتصاد التركي بأكمله عن العمل فيما يسميه المستثمرون سيناريو "الهبوط الحاد"، ولهذا يتوقع الاقتصاديون أن تلجأ تركيا لصندوق النقد الدولي في نهاية المطاف.
تدهورت التوقعات الاقتصادية لتركيا لدرجة أن المصرفيين والمتداولين بدأوا يتحدثون عن الاحتمال الذي كان خارج الحسابات، وهو الحاجة لتدخل صندوق النقد الدولي، لا سيما على خلفية النزيف المستمر في قيمة العملة المحلية والتي شهدت هبوطًا حادًّا في قيمتها أمام الدولار، إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق.
ويشعر البعض بالقلق من فرض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ضوابط جديدة لحركة رأس المال، في محاولة أخيرة منه لتجنب رفع الفائدة ووقف هبوط الليرة، مستغلًا سيطرته الكاملة على اقتصاد البلاد التي اكتسبها بعد انتخابات يونيو بحسب تقرير "بلومبرج".
بشكل عام منذ انتهاء الانتخابات، نمت مخاوف من تبنّي "أردوغان" وجهات نظر اقتصادية غير تقليدية قد تقود البلاد نحو مصير قد لا تحمد عقباه، وأثناء ذلك أجّجت الولايات المتحدة نار أزمة العملة التي عقدت الأمور للاقتصاد التركي من خلال التهديد بفرض مزيد من العقوبات على أنقرة لحبسها قسًّا أمريكيًّا متهمًا بالجاسوسية.
يضيف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الأزمة الاقتصادية التركية مضاعفة التعريفات الجمركية على واردات المعادن من تركيا بسبب سجنها للقس الأميركي المتهم بالتجسس وتهم أخرى متعلقة بالإرهاب. كما ضرب ترامب تركيا بفرض عقوبات ويهدد بالمزيد.


1- تفاصيل الأزمة التركية: خلال سنوات حكم أردوغان والتي قاربت 16 عامًا، كانت تركيا تتمتع بمستويات نمو يشبه الصين. بعكس الصين التي تعد مُصدرًا قويًا يحقق فائضا بالحساب الجاري، فإن تركيا تحظى بعجز في الحساب الجاري يعد من بين الأكبر في العالم، لأن توسعها كان مدعومًا بالديون الخارجية.
بدا ذلك جيدًا عندما كانت البنوك المركزية في العالم تضخ الأموال إلى الأسواق للمساعدة في إخراج الاقتصادات من أزمتها، لكن ليس بعد الآن، فمع ارتفاع أسعار الفائدة العالمية وانخفاض جاذبية الأسواق الناشئة في أعين المستثمرين، بدأ سحب الأموال وتوجيهها إلى الاقتصادات المتقدمة.
أضاعت تركيا فرصتها خلال هذه الفترة لتوجيه عشرات المليارات من الدولارات التي حصلت عليها من الخارج إلى مكاسب إنتاجية طويلة الأجل، ووضعت الكثير منها في مشاريع عقارية ومراكز تسوق، وهو الأمر الذي أدى إلى زيادة النمو على المدى القصير. ولكن هذا لم يفعل سوى القليل لتحسين الإنتاجية، أو الناتج لكل عامل، وهو المصدر الرئيسي للنمو الاقتصادي على المدى الطويل وارتفاع مستويات المعيشة.
2- كيف تسير الأمور بخصوص الإقتصاد التركي الآن؟ تبدو الأمور في منتهي السوء للاقتصاد التركي. التضخم تجاوز 15%، أي أكثر من ثلاثة أضعاف مستهدف البنك المركزي، وبلغت عائدات الديون التي تصدرها الحكومة مستويات قياسية، في ظل استمرار انهيار الليرة.
كل ذلك لا يضر فقط بمعنويات المستهلك وأمواله، بل يضع ضغوطًا قوية على ميزانيات الشركات التي اقترض الكثير منها عملات أجنبية من الخارج وتواجه الآن عبئًا متزايدًا بسبب ارتفاع تكاليف هذه القروض مع انخفاض قيمة العملة المحلية.
بدلًا من تخفيض الدين الحكومي والاعتماد على البنك المركزي في تهدئة الأمور عبر رفع أسعار الفائدة، يريد "أردوغان" الإبقاء على معدل فائدة منخفض لتمويل المزيد من عمليات البناء.
3- لماذا انخفضت أسعار السندات؟ تجاوزت تركيا الأرجنتين باعتبارها أسوأ مكان في العالم لمستثمري الديون السيادية. وارتفع العائد على سنداتها العشرية إلى أعلى مستوى على الإطلاق فوق 20%، والسبب هو أن المستثمرين خائفون.
إن عجز الحساب الجاري الذي يقدر بأكثر من 6% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد هذا العام، يتطلب من تركيا جذب المزيد من الأموال من الخارج باستمرار.
تحتاج الحكومة أيضًا إلى كبح التضخم لتفادي ذعر المستثمرين، خاصة مع توقع تباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي بشكل كبير.
في حين أن البنك المركزي رفع أسعار الفائدة بمقدار 500 نقطة أساس منذ أبريل، فإن ذلك لم يكن كافيًا لإبقاء التضخم تحت السيطرة.
4- لماذا ضعفت الليرة التركية؟ تشمل أسباب التدهور المستمر في قيمة العملة المحلية الاضطراب السياسي الذي عصف بالبلاد عقب محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة في 2016 ضد "أردوغان"، ما تبعه المزيد من التوتر في العلاقات مع أوروبا وأمريكا.
لكن الليرة تنهار أيضًا بسبب اتباع الإدارة التركية سياسة النمو مقابل أي ثمن، والتي غذت التضخم حتى استفحل، فدائمًا المزيد من النمو كان يعني المزيد من الديون.
إن الهبوط الحاد في قيمة العملة التركية يؤلم الاقتصاد كثيرًا، نظرًا لاعتماد عملية التصدير على الواردات في الأساس، وخاصة الطاقة، وبالطبع يؤلم الشركات التي تمتلك صافي عجز في التزامات العملات الأجنبية قيمته 210 مليارات دولار.
5- أسباب ارتفاع التضخم: ارتفع التضخم بنسبة 15.85%، مما يدفع زيادة التضخم للخروج عن السيطرة لأن شريحة الليرة تحافظ على رفع تكلفة الواردات. كان بإمكان معظم البنوك المركزية حل المشكلة من خلال رفع أسعار الفائدة قبل أن تبدأ العملة الانهيار، وهو العلاج التقليدي عندما ترتفع الأسعار بسرعة كبيرة. لكن المستثمرين يعتقدون أن البنك المركزي التركي مرتبط بأردوغان، الذي عارض منذ فترة طويلة تكاليف الاقتراض المرتفعة ولديه وجهات نظره الخاصة بشأن أسباب التضخم. 
6- أفكار أردوغان الاقتصادية: لطالما شدد أردوغان على أن تخفيض أسعار الفائدة سيكون أنفع للاقتصاد لأنه سيشجع رجال الأعمال والشركات على الاقتراض، وإنشاء مشروعات جديدة وزيادة الإنتاج والصادرات.. لكن كثيرًا من المستثمرين الأجانب بالأسواق المالية التركية يعارضون هذا التوجه لأنه يخالف النظريات النقدية التقليدية التي تقول بضرورة زيادة أسعار الفائدة لكبح جماح التضخم.
ويعتقد محللون أن تقلبات سعر صرف الليرة مؤقت، ولا يعكس حال الاقتصاد التركي الذي تصفه الحكومة بالقوي. ونما الاقتصاد التركي العام الماضي بنسبة 7.4% ليتجاوز توقعات المؤسسات العالمية التي توقع بعضها نموًّا بأكثر من 2.7% فقط. 
بالنسبة لأردوغان تلك الخطوة ليست مجرد حجة اقتصادية فحسب، بل إنها جزء من استراتيجيته للفوز بولاء الناخبين. وقد بُني نجاحه السياسي إلى حد كبير على تقديم فوائد اقتصادية واعدة للطبقة المتوسطة المتنامية، باستخدام المشاريع الضخمة لخلق فرص العمل وإظهار ازدهار تركيا المتزايد. عادت حكومته إلى تلك الوصفة بعد محاولة الانقلاب التي أدت إلى انكماش اقتصادي كبير. وقد أدت تدابير التحفيز، بما في ذلك دعم القروض من خلال صندوق ضمان الائتمان، إلى زيادة بنسبة 7.4% في الربع الأول.
7- هل تحتاج تركيا إلى خطة إنقاذ من صندوق النقد الدولي؟ وفقًا للتقارير الاقتصادية التي نشرتها بلومبرج الأمريكية، فإن لجوء تركيا إلى خطة إنقاذ صندوق النقد الدولي من شأنه أن يكون العلاج المر الذي يتحتم على أردوغان أخذه، حيث إنه هو الذي يفاخر دائمًا بتحقيق الاستقلال الاقتصادي التركي بعيدًا عن وصاية صندوق النقد، في حين أن الحقيقة هي أن تركيا تعتمد على العالم الخارجي مثلما كانت دائمًا. 
يوضح خبراء الاقتصاد أن الدائنين الأجانب إذا توقفوا عن تقديم قروضهم للبنوك والشركات التركية، فقد يتوقف الاقتصاد التركي بأكمله عن العمل فيما يسميه المستثمرون سيناريو "الهبوط الحاد"، ولهذا يتوقع الاقتصاديون أن تلجأ تركيا لصندوق النقد الدولي في نهاية المطاف.
8- ما هي ضوابط رأس المال؟ تتخذ ضوابط رأس المال أشكالًا عديدة لكن الضوابط الرأسمالية عمومًا تفرضها حكومة أو مصرف مركزي لتقييد التدفق، داخل أو خارج، العملات الأخرى. إذا كانت تركيا ستفرض ضوابط على رأس المال، فسيكون من شأن ذلك الحد من قدرة شركاتها ومواطنيها على استبدال أموالهم بالعملة الأجنبية أملًا في وقف انحدار الليرة ومنع السقوط. لطالما نظر صندوق النقد الدولي إلى فرض ضوابط على رأس المال، رغم أن العديد من البلدان لجأت إليها في أوقات الأزمات. منذ عام 2008 استخدمت اليونان وقبرص وأيسلندا جميع الضوابط للتعامل مع السياسات الاقتصادية لحالات الطوارئ المالية.