الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

انهيار الاقتصاد التركي.. وأردوغان يترنح

اردوغان وهبوط الليرة
اردوغان وهبوط الليرة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
انهارت، أمس الجمعة، العملة التركية ووصلت لأدنى مستويات لها في تاريخها، حيث انخفضت الليرة التركية إلى 20% في يوم واحد، أمام الدولار، ما دفع رجب طيب أردوغان، الرئيس التركي، للخروج في خطاب طارئ، يحث المواطنين بسرعة التوجه للبنوك التركية واستبدال العملات من اليورو والدولار إلى الليرة التركية لمحاولة رفع قيمتها من خلال زيادة الطلب عليها.
وأشار أردوغان في خطابه إلى "مؤامرة خارجية" تريد النيل من اقتصاد البلاد، فيما وصل سعر الليرة في فترة وجيزة إلى 6.99 مقابل الدولار الواحد، وهو أدنى مستوى تاريخي لها، فاقدة بذلك بذلك نحو 40% من قيمتها منذ بداية العام.
أزمة اقتصادية حادة وسوء حوكمة:
ترجع الأزمة الاقتصادية في تركيا إلى انفجار دين الشركات التركية، التي اعتمدت سياسة الاقتراض بالدولار بكثافة شديدة لتحقيق ما أطلق عليه أردوغان "مشروعات التنمية الاقتصادية" بالاعتماد على الاقتراض.
تلك السياسة وضعت الاقتصاد التركي في مهب رياح التغيرات في أسعار الصرف، خاصة أن استيراد تركيا من الموارد يفوق صادراتها بمعدلات كبيرة، ما جعل أنقرة تعاني من عجز كبير في الحساب الجاري، لاعتمادها بشكل كبير على التمويل الأجنبي خاصة من الدولار، وتفاقمت الأزمة الاقتصادية أيضًا، بسبب مشاكل هيكلية في السياسة الاقتصادية لحكومة أردوغان.
فقد أصبحت البنوك في حالة سيئة، والتضخم المتسارع يتسبب في خفض 16% من القوة الشرائية للأسرة، وهو معدل شهر يوليو فقط، وتتولد الآن مخاوف لدى الاتحاد الأوروبي من عدوى انهيار الأسواق المالية، وتأثر البنوك الأوروبية الموجودة في أنقرة، خاصة مع تعنت وتردد الإدارة المركزية في اتخاذ التدابير اللازمة لوقف انهيار الليرة وكبح جماح التضخم، فحكومة أردوغان تخشى من رفع سعر الفائدة كعلاج مبدئي، كما تتردد في فرض ضوابط صارمة على رأس المال لوقف التدفقات النقدية الخارجة من البلاد، مع تشديد السياسات المالية والنقدية.
ويخشى مراقبون من داخل النظام التركي أن تتسبب تلك العلاجات المؤلمة في خروج احتجاجات كبيرة ضد أردوغان، وارتفاع الأصوات المعارضة للنظام وسياسته الاقتصادية.
هذا وقد تسارع نزيف الليرة التركية، بالتزامن مع إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن زيادة حادة في ضرائب استيراد الصلب والألومنيوم التركي تصل إلى الضعف، أي ارتفاع يصل من 25% و10% إلى 50% و20% على التوالي.
والسؤال: لماذا فرض ترامب عقوبات اقتصادية على تركيا؟
أزمات سياسية كبيرة في كواليس الكارثة الاقتصادية:
وترجع أسباب الأزمة الدبلوماسية الخطيرة بين أنقرة وواشنطن بالأساس إلى احتجاز القس الأمريكي "أندرو برونسون" الأسبوع الماضي ووضعه تحت الإقامة الجبرية في تركيا.
وتتهم الحكومة التركية "برونسون" الذي كان يدير كنيسة بروتستانتية في إزمير (مدينة تركية مطلة على بحر إيجه)، بالتجسس والتخابر مع شبكة فتح الله جولن، وأيضًا لحزب العمال الكردستاني، ما دفع إدارة ترامب لفرض عقوبات مباشرة على وزيري العدل والداخلية التركيين، ولكن أنقرة ترفض الإفراج عنه حتى الآن.
فضيحة "هالك بانك":
تعتبر قضية "هالك بانك" هي أهم أسباب فرض العقوبات الأمريكية على الاقتصاد التركي، حيث تمت محاكمة تسعة أتراك بينهم محمد هاكان أتيلا، نائب المدير السابق للبنك العام التركي "هالك بانك"، أهم البنوك التركية العامة، مع أعضاء سابقين في الحكومة، وثلاثة مديرين تنفيذيين لمدة 32 شهرًا، وفقًا لقرار محكمة بـ"منهاتن"، جميعهم متهمون في قضايا غسيل أموال والتزوير المصرفي وقضايا تنطوي على مليارات الدولارات، وأيضًا التحايل والتخابر مع الحكومة الإيرانية والعمل لصالح الشركات الإيرانية بالرغم من العقوبات المفروضة على طهران.
وتم تسجيل المعاملات التجارية التركية مع إيران بين عامي 2010 و2015 بتشجيع من حكومة أنقرة، حيث سمحت الأخيرة بتهريب الذهب، وتقاضي رشاوي وتحويل مليارات الدولارات من العملات الأجنبية إلى طهران مقابل الحصول على مواد الهيدروكربونات من إيران، وفقًا لما أعلنته مصادر مطلعة على القضية.
وقد اعترف رجل الأعمال التركي - الإيراني "رضا ضراب" بأنه شارك في قضية غسيل الأموال التابعة لـ"هالك بانك"، وقد تعاون مع مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف.بي.آي) للوصول للمتهمين في هذه القضية، في الوقت الذي تمت فيه مطالبة البنك باسترجاع مليارات الدولارات.
تنال القضية أيضًا من "بيرات البيرق"، صهر أردوغان، ووزير الطاقة والموارد الطبيعية، الذي قد ترأس شركة "كاليك هولدينج"، الشركة الأم لبنك "أكتيف"، إحدى المؤسسات المعنية بالقضية.