الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

وداعًا.. عبدالعال الباقوري

عبدالعال الباقورى
عبدالعال الباقورى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فقدت مصر والصحافة العربية والقوى الوطنية، علمًا من أعلام الصحافة والسياسة، عبدالعال الباقورى، الذى رحل أمس وشيعت جنازته فى مسقط رأسه «نزلة باقور» بأسيوط بناء على وصيته، وسط حضور غفير من أهل قريته ومحبيه وعارفى فضله، وقد نعى الراحل الكبير نقابة الصحفيين والهيئة الوطنية للإعلام وحزب التجمع. فقد تولى الباقورى رئاسة تحرير «الأهالى» فى فترة صعبة من تاريخ مصر، كما انتخبه الصحفيون فى مجلس النقابة، وظل وكيل النقابة طوال الدورة الانتخابية من يونيو 1999 إلي يوليو 2003.
ويقام عزاء الراحل الكبير الأحد المقبل بمسجد الشرطة طريق صلاح سالم.

 يمثل الباقورى نموذجًا لأستاذية سياسية ومهنية نادرة المثال، يجمع حوله الصحفيين من كافة الفصائل والمدارس القومية واليسارية دون تمييز، وكان متواضعًا تواضع الكبار، هادئ الطبع خلوقا، قومي الفكر والتوجه، فلسطيني الهوى، ولذلك، كما ذكر بيان لحزب التجمع، كان صديقًا صادقا لدائرة واسعة من كتاب ومفكري وصحفيي وقادة اليسار العربى من توجهات ورؤى متنوعة، الأمر الذي جعل من رحيله خسارة كبيرة للصحافة والفكر والثقافة.
ولا ننسى له موقفه من قضية نصر حامد أبوزيد ونشر الكثير من كتابات مفكرنا الكبير وتحدى كل قوى التطرف آنذاك وخاض المعركة فكريًا وسياسيًا ومهنيًا بضمير لا ينحاز إلا للحق وبقلب لا يخاف إلا الله.

"التجمع" ناعيًا عبدالعال الباقوري: فقدنا رمزًا من رموز الصحافة الوطنية
نعى أعضاء حزب التجمع الوطنى التقدمى الوحدوي، الكاتب الصحفى الكبير، عبدالعال الباقوري، رئيس تحرير جريدة الأهالى الأسبق، الذى وافته المنية، أمس الأول، الإثنين، مؤكدين أن الوسط الصحفى فقد مثالًا حقيقًيا للصحفى المناضل الوطني، الذى يدافع عن حقوق الفقراء، ويحارب الجماعات الإرهابية دون خوف أو تردد.
وأشاروا إلى أن كتاباته، عبرت عن الفكر اليسارى الصحيح، كما ساهمت فى تأهيل اليساريين فى العمل السياسى والدفاع عن الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
وقال عاطف مغاوري، نائب رئيس حزب التجمع، إن الصحافة المصرية خاصة والدولة عامة، فقدت رمزًا عظيمًا من رموز الصحافة الوطنية، التى تدافع عن حقوق الفقراء والمهمشين، وأن «الباقوري» مثال للصحفى المتميز، المحب لبلده، دون الانسياق وراء التربح من المهنة.
وأضاف مغاورى لـ«البوابة نيوز»، أن الراحل، قام بتكريس قلمه وكتاباته، من أجل الدفاع عن تحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، كما كان له دور بارزا فى مواجهة الإرهاب والجماعات الإسلامية المتطرفة، وأن الكثير من اليساريين وأعضاء حزب التجمع خاصة والأحزاب اليسارية عامة، تربوا على كتاباته المتميزة، التى دافعت دائما عن الحقيقة وحقوق الفقراء والكادحين، مشيرًا إلى أن «حزب التجمع» سيقوم بعقد اجتماع خلال الفترة المقبلة، لبحث تدشين مسابقة صحفية باسم الراحل تخليدًا لذكراه.
ووصف عبدالناصر قنديل، القيادى بحزب التجمع، الكاتب الراحل عبدالعال الباقوري، بأنه صفحة ناصعة من صفحات الصحافة اليسارية فى مصر، فهو صحفى لم يتربح من المهنة واستخدمها كأداة للنضال، مؤكدًا أنه امتلك وعيا حقيقيا وتحيزا واضحا تجاه الفقراء. وأضاف قنديل لـ«البوابة» أنه دافع طوال عمره الصحفى ورئاسته لجريدة الأهالى عن حقوق الفقراء والمهمشين والكادحين، مشيرًا إلى أنه لم يساوم أو يبيع مبادئه فى ظل نشاط الجماعات الإرهابية.
وأنه أطلق مبادرة كبيرة للدفاع عن الكاتب الكبير نجيب محفوظ، بعد محاولة اغتياله من الجماعات الإرهابية، وقام بعرض رواية أولاد حارتنا، ولم ينسق وراء المطالب بزيادة سعر الجريدة، لتحقيق ربح عال بسبب نشره للرواية على صفحاتها، ولأول مرة فى العمل الصحفى تم إصدار عمل روائى فى شكل صحفي.
وتوجه قنديل بالرثاء لكافة الفقراء فى مصر، حيث إنهم فقدوا رمزا كبيرا دافع دوما عن حقوقهم، وناضل من أجل مبادئ العدالة الاجتماعية، مؤكدًا أنه سيتم إهداء «ميدالية» خالد محيى الدين، لروح الكاتب الراحل، خلال احتفالية التجمع بمئويته.

مثقفون: الباقوري لن يعوض فنا وأدبا 
رحل عن عالمنا الكاتب الصحفى عبدالعال الباقوري، وكيل نقابة الصحفيين الأسبق، ورئيس تحرير جريدة الأهالى الأسبق، الذى ناضل كثيرا للدفاع عن القضية الفلسطينية طوال فترة حياته، من خلال المقالات التى كتبها فى الصحف ومؤلفاته التى أصدرها وتناولت الصراع العربى- الإسرائيلى فى مراحله المختلفة، وتستعرض «البوابة» شهادات المثقفين وتعليقاتهم حول رحيل الكاتب المناضل عبد العال الباقوري.
قال الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة الأسبق، فقدنا كاتبا مرموقا من أشرف رموز اليسار المصرى وأكثرهم شجاعة، فكان قائدا للحق فى أكثر الأوقات التى كنا نحتاج فيها إلى الحق، وأضاف أنه واحد من العناصر التى لا تتكرر بعد رحيله، فجميع المثقفين الذين اهتموا بفنه وأدبه لن يعوضوا مثل هذا المناضل الكبير الذى ظل طوال حياته مدافعا عن القضية الفلسطينية.
وقال الدكتور شاكر عبدالحميد، وزير الثقافة الأسبق: فقدنا رجلا من الكتاب الصحفيين المفكرين القلائل فى وقتنا هذا، فكنت شخصيا أعتز به جدا ومن متابعى كتاباته وتوجهاته. وأضاف أنه دائما ما يميل إلى إنصاف الفقراء والدفاع عنهم، فهو أحد المبدعين الذين تنوعت مجالات إبداعهم ما بين التأليف والشعور بمعاناة الكادحين وعاش حياة بسيطة قدمها للفقراء من خلال كتاباته.
وقال الكاتب الصحفى حلمى النمنم، وزير الثقافة السابق: إن الباقورى كان صديقا عزيزا لي، وكان نموذجا للصحفى المحترم الملتزم بقواعد المهنة وآدابها طوال حياته فى كل المواقع التى عمل بها، وكان لديه موقف فكرى وسياسى لم يحد عنه، سواء كان فى جريدة «الجمهورية» أو فى فترة رئاسته لجريدة «الأهالي» أو فى فترة عمله خارج مصر.
وأضاف، أنه كان باستمرار عف اللسان إلى أقصى حد ومترفع عن الصغائر فى حياته الشخصية والعملية، فلديه اتزان مهنى وسياسى لم يحد عنه مطلقًا، فاتزانه السياسى فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وتحرير فلسطين من الإحتلال الإسرائيلي، وملتزم بالسعى والدفاع عن تحقيق عدالة اجتماعية حقيقية فى مصر، ومن المتمسكين والحريصين باستمرار على مساندة موقف المصرى مستقل عن الدول الكبرى.
وقال الفنان التشكيلي، الدكتور عز الدين نجيب، إن الباقورى كان أحد القلائل الذين آمنوا بالوحدة العربية والدفاع عن تحقيقها، وكذلك بمشروع العدالة الاجتماعية والفكر الناصرى الذى يتعرض لهجمة شرسة، فكان واحدا من هذه الكتيبة المناضلة.
وأضاف، أن الباقورى لم يكن صاحب مصلحة شخصية فى عمله، ولكنه صاحب مبدأ فكان فى عمله الصحفى نموذجا للتعاون مع الأجيال الشابة والاستعانة بها، سواء كان عمله فى «الجمهورية» أو عمله فى المواقع العربية الأخرى، ودائما ما كنت أسعد عندما يدعونى للعمل والتعاون معه، ولذلك خسرت الكثير على المستوى الشخصي، وخسرنا على المستوى العام فى الوطن بفقد هذه القيمة الكبيرة، كان يعتبر القضية الفلسطينية العمود الفقرى للقضايا العربية وناضل كثيرا لانتصارها فى داخل مصر وخارجها.
فيما قال الكاتب يوسف القعيد: إن الباقورى واحد من الصحفيين القوميين الذين آمنوا بفكرة القومية العربية، ودافعوا عنها وتمثلوها فى كتاباتهم وكان حلم الوحدة العربية أحد الأمور التى قضى عمره كله معنيا بها.
وأضاف القعيد، أن الباقورى وقف مع حركات التحرر العربية كلها، اليمن الجنوب والجزائر وكل حركات التحرر، فكان نصيرا لها وخاصة القضية الفلسطينية التى كانت قضية عمره الأساسية، هذه سمة أساسية فى جبل عبدالعال الباقورى وفيه هو شخصيا.
وأشار القعيد، إلى أن الباقورى كان خلقه طيبا لأبعد الحدود وأحد مؤسسى الصحافة العربية فى الخليج العربى الذين سافروا فى السبعينيات، ولعبوا دورا أساسيا فى تأسيسها فى كل ما نراه فى صحافة الوطن العربى الشقيق والخليج العربي

الباقوري.. الرافض للتطبيع مع الاحتلال
يعتبر الكاتب الصحفى عبد العال الباقورى من أعمدة الصحافة اليسارية فى مصر والوطن العربي، ظل طوال حياته مشغولا بالقضية الفلسطينية ومهموما بما يدور هناك على تلك الأرض المقدسة التى استباحها المحتل الغاصب، الذى يحاول بكل الطرق البحث عن شرعنة وضعه وتصويب احتلاله ونهبه لأرض العرب.
كتب الباقورى الكثير من المقالات الصحفية حول الكثير من القضايا، لعل أبرزها تلك التى ناقشت بشكل يومى ومستمر أحوال وتقلبات الوضع فى فلسطين من مصالحة بين القوى الوطنية، توقف مباحثات السلام، تطورات نقل السفارة الإسرائيلية إلى القدس، قوافل شهداء المقاومة، الانتفاضة المقبلة لا محالة.
ولقد هاجم الباقورى بشدة كل محاولات التطبيع التى تخرج على استحياء من بعض الشخصيات العربية التى تزور إسرائيل فى محاولة منها لتصدير التطبيع أو تبرئة وجه الجلاد. وفى إحدى مقالاته عقد الباقورى مقارنة بسيطة بين حاخام يهودى جاء إلى القاهرة لإدانة الصهيونية، أثناء عقد الأزهر الشريف لمؤتمر فى نصرة القدس، وبين شخصية مصرية زارت المحتل، وعادت تتغزل فيه وتمسح عنه الخطايا والاتهامات، أما الحاخام فهو «ميرهيرش» زعيم حركة ناطورى كارتا «حراس البيت» اليهودية.
وأما المطبعاتى فهو أستاذ دكتور وعالم اجتماع كبير، جاء الأول إلى القاهرة محذرا من الذهاب إلى إسرائيل، وكاشفًا عن حقيقة الصهيونية كحركة احتلال واستيطان عدوانية، أما الثانى فذهب إلى الكيان الصهيونى محاضرا، وعاد كعادته ليتغزل فى الإسرائيليين وحبهم لمصر والمصريين وضرب مثلًا على ذلك البروفيسور شيمون شمير، الذى بنى بيتًا على طراز تصاميم المعمارى الكبير حسن فتحي، وقد وصفه ذلك المطبع بأنه «أحد الإسرائيليين العاشقين لمصر تاريخًا وشعبًا وثقافة».
وفى القاهرة صدر بيان سياسى عن أحزاب وقوى سياسية وكُـتَّاب ومفكرين أدانوا تلك الزيارة التى قام بها الكاتب الذى تحدى الإرادة الوطنية. وتعاطى مع الأعداء والمتعصبين.
وتناول الباقورى زيارة بعض الشخصيات التى لا يمكن أن تلعب دور المروج للمحتل أو المطبع مع العدو، ولا يمكن لأى شخص أن يتمحك فى زيارة البابا تواضروس مثلا أثناء حضور جنازة البابا إبراهام مطران كرسى القدس والشرق الأدنى، فى وقت سابق.
وقال الباقورى فى مقال له، إن الزيارة أثارت أصداء عديدة اعتمادا على موقف الكنيسة القبطية المعروف من مقاطعة زيارة المدينة المقدسة ووقف الحج إليها منذ عدوان يونيو ١٩٦٧ ولم يكن قداسته بعيدا عن هذا ويحمد له أنه خلال الزيارة حاذر من القيام بأى خطوة تقع فى دائرة التطبيع وأعلن هذا.
وعن شرارة المقاومة الكامنة فى نفوس الفلسطينيين، أكد الباقورى أن الأراضى المحتلة تحوى انفجارا داخليا، نيران تظل تحت الرماد شررها يتطاير من حين إلى آخر، ومن قرية ومدينة إلى أخرى، وأن مدينة القدس تتحول إلى بؤرة ومركز للانفجار. ومنذ العدوان الإسرائيلى على غزة. والصمود فى مواجهته. وتزايد العدوانية الاستيطانية فى القدس والضفة الغربية. وإصرار بنيامين نتنياهو على فرض الدولة الدينية. أصبح واضحًا فى ظل جمود عملية التسوية. إن استمرار الوضع القائم المريح لإسرائيل وقيادتها لم يعد ممكنًا. شواهد ذلك عديدة. وهى المقدمات الحقيقية لاتساع حركة الاحتجاجات الحالية فى القدس والضفة. والتى أصبحت تشهد يوميًا موكبًا جديدًا للاستشهاد. 
إن المتابع لمقالات الكاتب المناضل عبد العال الباقورى يرى تلك الروح المشتعلة بالحماس والقتال، فلا يكف عن البحث فى طيات الماضى مستلهما الوقائع والأحداث لبعث قضايا العرب من جديد فتعود إلى رأس أولويات المواطن العربي، فيهتم بالفقراء والمطحونين، وقضايا العدالة الاجتماعية، والقيم الناصرية النبيلة، والوحدة العربية فيظل هو الرجل الحامل لشعلة إيقاظ المشروع العربى من جديد فى نفوس العرب.

الكاتب الكبير يحكى تجربته مع المرض والعلاج
فى مقال بجريدة "الجمهورية" يوم 5 إبريل الماضى، كتب عبدالعال الباقورى تجربته مع المرض والعلاج، ونعيد نشرها هنا: 
الصحة تاج فوق رءوس الأصحاء لا يراه إلا المرضي.. وقد سقط التاج عن رأسى فجأة، أو قل سقط خطوة «خطوة» إلى أن وجدت نفسى طريح الفراش لما يزيد على شهر. ولا تزال التبعات مستمرة والحمد لله على ذلك، بينما قضيت أكثر من شهرين أتردد على الأطباء والمستشفيات.
ليس من حقى أن أخوض فى تفصيلات أيام وليالى العلاج والمرض. فليس أطول من ليالى المرضى سوى ليالى العشاق.. لن أخوض فى ذلك من الناحية الشخصية. وسأحاول أن أستخلص دروسًا عامة من هذه التجربة. لعلها تفيد آخرين كى لا يقعوا فيما وقعت فيه. حين كنت أردد: لن أدخل حجرة العمليات سائرًا على قدمي. بمعنى أنى كنت قليل أو نادر الذهاب إلى الأطباء. ولم أشعر أن هناك داءً يسرى خلسة فى جسدى، وذلك بالرغم من معرفتى أن الإنسان بعد الأربعين يحتاج إلى «فحص شامل» سنويًا.. وهذا ما لم أرتكبه.
يقول مثل صيني: «لا بكاء على اللبن المسكوب».. وأقول: «شاء الله وما شاء فعل والحمد لله أولًا وأخيرًا». ومن بعده الشكر والامتنان لزملائى وأصدقائى وأسرتي. كانت زياراتهم ودعواتهم خير دواء. وأفضل تشجيع على المقاومة والوقوف على قدمى وبسرعة.. وهنا فإن شعور الحب والمودة من جميع من حول المريض قادر على أن يستنهض همته ويخلع عنه رداء المرض.
فشكرًا للجميع فردًا فردًا.. ودعوانا لله تعالي: «اللهم زدنى حبًا وحنانًا ووفقنى لزيارة كل مريض ومواساة كل من يصاب بنقص فى الثمرات والأنفس».
بعد هذه الكلمات الخاصة ذات الطابع العام. أشعر أن فى رقبتى واجبًا تجاه المستشفى الذى عولجت فيه ولا أزال، وتجاه مرض أصبح مزمنًا. وهو الفشل الكلوي.. أما المستشفى فهو «المستشفى الجوى التخصصي» فى التجمع الخامس. الذى لم أسمع عنه من قبل. ولكن اهتديت إليه مصادفة وأنا أبحث عن علاج لدى أى استشارى متخصص فيما أعانيه.. هدانى الله- عبر التليفون- إلى هذا المستشفى، وأن الطبيب المناسب سيكون فيه فيما بين الساعتين الخامسة والسابعة.. سابق ابنى الريح كى نصل فى الوقت المحدد.. ودخلنا على الطبيب فى الخامسة وعشر دقائق.. وأذكر هذا التوقيت تحديدًا؛ لأنه يشير إلى مدى الدقة فى تحديد المواعيد. حتى بالنسبة لمن يدخل المستشفى أول مرة.. لكنه بحساب دقيق، ولك أن تتصور أن هذا يتم فى «العيادات الخارجية» التى تشمل أقسامًا لجميع الأمراض. مما قد لا يتوفر فى أى مستشفى آخر. ومن العلاج والجراحة وغرفة العناية المركزة ونصف العناية. يقف المرء على مدى ما يلقاه المرضى من عناية ورعاية. على أيدى فريق من أكفأ وأمهر الأطباء المتخصصين وجهاز التمريض لا يقل كفاءة عن ذلك فى خدمة المرضي. وتلبية «طلباتهم» طوال الليل والنهار.
أكتب عن مستشفى لا تربطنى بالقائمين به أى علاقة سوى المرض والعلاج وفترة النقاهة، ولم أعرف قبل ذلك أى معلومات عن هذا الصرح الطبى الذى أتمنى أن يكون فى كل حى من أحياء القاهرة، وفى كل مدينة من مدننا صرح مماثل له.. ولعل هذه تكون بداية برنامج عمل لرفع مستوى الخدمة الصحية فى جميع مستشفياتنا فى المدن والقرى، وبخاصة أن هذه الخدمة أصبحت فى مستوى لا يليق بنا حضارة وثقافة وتاريخًا، ومن المعروف أن الرئيس عبدالفتاح السيسى قد طلب زيادة نصيب الإنفاق على الصحة والتعليم فى الميزانية الجديدة، ولعل هذه الزيادة تكون الخطوة الأولي.. ومثلما لدينا حملة قومية شاملة للقضاء على «فيروس سي» فى ٢٠٢٠، أتمنى أن تكون هناك حملة قومية لنهضة التعليم ورفع المستوى الصحي.. ولعل هذه تكون رسالة فترة الرئاسة الثانية، خاصة أن الأمراض المزمنة انتشرت فى بلادنا بأكثر مما يجوز. وتعدت الأرقام العالمية. مثلا العدد الكبير للمرضى الذين يخضعون للفشل الكلوى فى بلدنا هو ٢٦٤ مريضًا لكل مليون نسمة. ولا يزال المعدل فى ارتفاع ولم أعثر على رقم دقيق لـ«مرضى الكلي»، ولكنه لا يقل غالبًا عن ٥٠ ألف مريض. ويزدادون سنويًا. ولا شك أن وزارة الصحة وجهات أخرى مثل الجمعية المصرية لأمراض وزراعة الكلى، لديها إحصاءات دقيقة لأعداد هؤلاء المرضي. الذين تشتد حاجتهم إلى العلاج الذى ترتفع تكاليفه. ذكر لى زميل مريض ويحتاج إلى غسيل كلوى بمعدل ٣ مرات فى الأسبوع. أن تكلفة الجلسة الواحدة تتراوح بين ٧٠٠ و٩٠٠. أى أكثر من ألفى جنيه أسبوعيًا، وهناك مراكز تتوفر فيها الخدمة بأسعار أقل. ولعل ذلك يستدعى نشر هذه المراكز على أوسع نطاق ممكن. بحيث يتم فعلًا علاج الفشل الكلوى -بدرجاته المختلفة- على نفقة الدولة. على أن يتم هذا بسرعة ودون واسطة بناء على فحص شامل لجميع المواطنين، واللهم أشف كل مريض عدوًا أو حبيبًا.. واسلمى يا مصر.