السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

د.محمد النشائي: الاقتصاد المصري "خربان".. و"العلم هو الحل"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أستاذ الفيزياء النووية في “,”عيد العلم“,”:
- سيناريو كنيسة “,”القديسين“,” يتكرر في “,”الكاتدرائية“,” والثورة القادمة ثورة جياع.
- الرئيس “,”مرسي“,” حصل على صلاحيات فاقت صلاحيات رؤساء الجمهورية الأولى.
- الإسلاميون يفرضون على شعب مصر أيديولوجيات لا تحترم تاريخ 7 آلاف سنة.
- مصر تعيش بلا حاكم حقيقي منذ إقرار دستور “,”نص الليل“,”.
- مكتب الإرشاد يعيد سيناريو الحزب الوطني من جديد.
- أحزاب المعارضة مجرد “,”هتّيفة شعارات رنانة“,” في الشارع السياسي.
- سأنشئ أول حزب علمي في الشرق الأوسط لانتشال الاقتصاد المصري من مستنقع الخراب.
- الأبحاث التي تحل أزمة رغيف العيش أهم من أبحاث الفضاء والذرّة.
- نحتاج إلى هيئة قومية لإخراج 52 ألف بحث علمي من الأدراج.
- أصبحنا في حاجة ماسة إلى عدد ضخم من الثورات العلمية والتعليمية والتكنولوجية.
- التطور الطبيعي للشعوب لا يحدث بالقفزات والثورات الدامية والهمجية.
أكد العالم المصري، الدكتور محمد النشائي، أستاذ الفيزياء النووية، أن الاقتصاد المصري “,”الخربان“,”، أصبح في حاجة ماسة إلى شعار “,”العلم هو الحل“,” ، موضحًا أن مصر في حاجة ملحة إلى عدد ضخم من الثورات العلمية والتعليمية والتكنولوجية، وأن التطور الطبيعي للشعوب لا يحدث بالقفزات والثورات الدامية والهمجية.
وقال الدكتور النشائي -في حواره لـ“,”البوابة نيوز“,”، بمناسبة أول عيد للعلم في عصر دولة الإخوان- إن سيناريو كنيسة “,”القديسين“,” يتكرر في “,”الكاتدرائية“,”، وإن الثورة التي ستعيد إنتاجها ستكون ثورة جياع تقضي على الأخضر واليابس، مبينًا أن الرئيس “,”مرسي“,” حصل على صلاحيات فاقت صلاحيات جميع رؤساء الجمهورية الأولى، وأن الإسلاميين يفرضون على شعب مصر أيديولوجيات لا تحترم تاريخ 7 آلاف سنة، وأنه في الوقت نفسه فإن مصر تعيش بلا حاكم حقيقي منذ إقرار دستور “,”نص الليل“,”، خاصة بعد أن ثبت بالدليل القاطع أن مكتب الإرشاد يعيد سيناريو الحزب الوطني من جديد.
نَصُّ الحوار
في البداية.. كيف ترى الوضع السياسي في الشارع المصري، خاصة بعد أحداث الكاتدرائية التي سقط فيها العديد من الضحايا؟
مصر للأسف الشديد تعيش حالة من “,”الفصام“,” في الشخصية، وحالة من الفوضى الفاقدة للهوية، وهذا نتاج طبيعي لمحاولات القوى والأحزاب السياسية والثورية فرضَ الأيديولوجية الخاصة بها، دون اعتبار أو احترام للهوية المصرية التي تشكلت طوال 7 آلاف سنة، ومن يراقب أحداث الكاتدرائية جيدًا سيجد أنها تأتي في نفس الأجواء التي حدث فيها تفجير كنيسة القديسين، والتي انتهت بثورة 25 يناير، ولكن للأسف الشديد أحداث الكاتدرائية ستؤدي إلى ثورة جياع تقضي على الأخضر واليابس.
البعض يؤكد أن الطريقة التي تُحكم بها مصر منذ انتخاب الدكتور محمد مرسي كانت السبب في حالة الاحتقان في الشارع المصري، ما رأيك؟
في الحقيقة، من ينظر إلى مصر منذ الإعلان الدستوري الديكتاتوري، ومنذ أن خرج دستور “,”نص الليل“,”، سيعلم جيدًا أن مصر لا يوجد بها حاكم، ولا يوجد بها حكومة، ولا يوجد بها شرطة. مصر -للأسف الشديد- تعيش حالة من الفوضى كما تنبأ مبارك، وحالة الاحتقان التي يعيشها الشارع منذ الإعلان الدستوري تعبر عن فقدان الشعب الذي خرج بأعظم ثورة للثقة، وانتابته حالة من الإحباط مما يحدث؛ فقد شعر المصريون أنهم خرجوا لإزاحة نظام حكم الفرد لتحكمهم عائلة ممثلة في مكتب الإرشاد، وكأنهم يعيدون إحياء الحزب الوطني الجديد.
معنى ذلك أن الإعلان الدستوري كان النقطة التي تحول فيها مرسي إلى نسخة أخرى من مبارك؟
الإعلان الدستوري، وفرض الدستور الجديد، والاحتفاط بجميع الصلاحيات، تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن الرئيس “,”مرسي“,” حصل على صلاحيات الفرعون؛ بالاستحواذ على جميع الصلاحيات التنفيذية والتشريعية، والقضائية أيضًا.
الجميع يرفع شعارات كثيرة مثل “,”الإسلام هو الحل“,”، و“,”الليبرالية هي الحل“,”، و“,”الديمقراطية هي الحل“,”، لكنك اخترت شعارًا مختلفا تمثل في “,”العلم هو الحل“,”، فهل تعتقد أن مصر في هذه المرحلة في حاجة إلى “,”حزب علمي“,”؟
مصر لن ينصلح حالها وتبدأ في الوقوف على أقدامها إلا بالعلم، كما أني أعتقد أن السياسة فن “,”قذر“,”، حتى أننا كنا قديمًا، وحتى الآن، نطلق عليه فن “,”البوليتيكا“,”، أي فن اللعب بالكلام والحنجورية والضجيج، ومن ينظر إلى حال مصر اقتصاديًّا، وحالة التردي التي نعيشها في كافة المجالات، يتأكد أن هذا الاقتصاد “,”الخربان“,” في حاجة إلى شعار جديد بعيدًا عن أي أيديولوجية، سواء لتيار الإسلام السياسي أو التيارات العلمانية واليسارية والليبرالية، وهذا الشعار لن يخرج عن “,”العلم هو الحل“,”، وهو الشعار الذي رفعته أوروبا منذ عهد الثورة الصناعية في مطلع القرن الثامن عشر.
لذلك طرحتَ فكرة الحزب العلمي؟ وهل ترى أنه سيحقق ما لم تحققه الأحزاب السياسية؟

لم أقصد من إطلاق هذا الحزب أو الشعار أغراضًا سياسية، وإنما لتحقيق نهضة علمية ثقافية، أي أن الحزب لن يمارس لعبة السياسة بقدر ما ستكون لعبته الأساسية الاهتمام بالجوانب العلمية، والاهتمام بكل من يريد أن يطرح فكره أو علمه من شباب العلماء والطلبة والباحثين، والدليل على ذلك أن عضويته ستكون قاصرة على العلماء والباحثين وأساتذة الجامعات فق ط.
مصر بها عشرات الأحزاب، فهل تعتقد أن حزبًا علميًّا ممكن أن ينجح فيما فشل فيه الآخرون؟

أنا لا أعتمد في أفكاري على أي أشياء قديمة، كما أن عشرات الأحزاب التي تحدثت عنها لها توجهات سياسية في المقام الأول، وليس لها أي ميول علمية، حتى وإن كانت السياسة تدار الآن بالأفكار العلمية.
كثيرًا ما تقول إن الهدف من الحزب ليس الوصول إلى السلطة، معنى هذا أن الحزب لن يكون معنيًّا سوى بشئون العلماء؟
هدف حزبي ليس الوصول إلى السلطة، حتى لو ترشحت في الانتخابات الرئاسية، ولكنه -في مرحلة تالية مستقبلية- سيقتصر دوره على إحياء ثورة علمية تفتح الباب أمام تقدمنا واستعادة مكانتنا العلمية .
هل سيعتمد حزبك على البحث العلمي في النهوض بمصر، خاصة وأن هناك أكثر من 52 ألف بحث علمي عن جميع وسائل الإنتاج لا تجد من يستغلها؟
البحث العلمي لن يلعب دورًا في هذه المرحلة، وعلى الأقل أول 3 سنوات لن يتدخل البحث العلمي، وأعتقد أن الاهتمام بالبحث العلمي سيبدأ في المستقبل خطوة بخطوة، مع الأبحاث التي تهتم بتقديم حل فوري للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية والصناعية والزراعية؛ فالبحث العلمي الذي يحل إشكالية رغيف الخبز أصبح الآن أهم من البحث العلمي الذي يسعى للصعود إلى الفضاء أو حتى أبحاث الذرة، أما بالنسبة للـ52 ألف بحث ودراسة علمية فتحتاج إلى هيئة قومية لإخراجها من الأدراج.
ولماذا لم ير حزبك العلمي النور حتى الآن؟
التمويل ثم التمويل ثم التمويل، “,”ولو معاك قرشين خش معايا شريك“,”.
ألا ترى معي أن الحياة السياسية في مصر أصبحت في حاجة إلى أحزاب قوية لخلق ثقافة الحوار في الشارع المصري؟
من هنا يأتي على الأحزاب دور هام في تقوية دورها الحزبي وعملها في الشارع السياسي، ويجب أن تكون هناك مشاركة إيجابية في القضايا السياسية بعيدًا عن الشعارات الرنان ة التي تتبعها حاليًّا؛ لأن الأحزاب المصرية ليس لها أي دور سوى إطلاق الهتافات، فالأحزاب مجرد “,”هتّيفة “,” في الشارع السياسي.
التعليم القوي يؤدي إلى اقتصاد قوي، هل تعتقد أن البداية الحقيقية للاقتصاد المصري تبدأ من المدارس؟

الحزب العلمي سيهتم بالتعليم في المقام الأول، كما أنه سيهتم بالتعليم العالي أيضًا، وسيعمل على إعادة تحسينه بقدر ما يمكن، فللأسف البحث العلمي لم يتم الاهتمام به في مصر منذ أيام عبد الناصر، وأعتقد أنه ليس من المهم وضع برنامج، لكن المهم تنفيذه، وأعتقد أن لديَّ برنامجًا لو تم تنفيذه فسيكون لصالح مصر ولديَّ الخطوط العريضة، وأرى أنه لا بد من تغيير التعليم حتى يلبي مطالب السوق، ومن الممكن إنشاء مصنع للعقول المصرية ونصدرها لأمريكا؛ وبالتالي هنا أصدّر العقول للاستفادة منها تكنولوجيًّ ا، وأعتقد أنني لن أحتاج إلى بناء مدارس جديدة أو جامعات؛ فالموجود حاليًّا يكفي لإحداث نهضة تعليمية كبرى، وأرى حقًّا أن جميع الجامعات التي يتم بناؤها بشكل ممول، وبتبرعات، هي جريمة يجب أن يعاقب عليها القانون وينظرها القضاء المصري.
لماذا نخشى الدولة الدينية، خاصة وأنها قامت في مصر مرتين وفشلت في عصر إخناتون وفي عصر الدولة الفاطمية، لماذا نخشى من فكرة الدولة الدينية وتطبيق الحدود؟
لأن الدولة الدينية ليست مجرد تطبيق للحدود، فمعنى الدولة الدينية أن يحكم الحاكم باسم الله، أي يكون شخصًا ما يجلس على مقعد السلطة معبرًا عن إرادة الذات الإلهية العليا، هذه هي الدولة الدينية، أن تكون قرارات الحاكم مختلطة بتوجهات السياسة هذه هي الدولة الدينية، أن تكون معارضة الحاكم كفرًا وزندقة هذه هي الدولة الدينية. ليس صحيحًا أن تاريخ المنطقة لم يعرف الدولة الدينية، لقد أنشأ الخليفة المهدي فرقًا لقتل المعارضين بدعوى أنهم من الزنادقة، وفي الوقت الراهن خرج بعض الشيوخ السلفيين، وبعض دعاة الإخوان المسلمين، وبعض أئمة المساجد، وقالوا إن معارضة الرئيس مرسي هي كفر وإلحاد ومعارضة للشريعة الإسلامية، وهذه هي مقدمة الدولة الدينية، الدولة الدينية التي أسسها نميري في السودان عندما أفلس سياسيًّا، وأعدم معارضه الصوفي الشيخ محمود طه عندما أخرج بيانًا قال فيه إن القوانين التي سنها نميري ليست قوانين مستمدة من الشريعة الإسلامية، إنما هي قوانين دنيوية، فخطورة الدولة الدينية ليست في الحدود، ولكن خطورتها في الإغارة على الحقوق والحريات العامة، عندما تصبح معارضة الحاكم كفرًا بالإسلام هذه هي الدولة الدينية، فإذا كنت من المؤمنين بالحريات والمساواة أمام القانون وبتداول السلطة فلا بد أن تكون معارضًا للدولة الدينية.
الدولة الدينية، منذ بدايتها في السودان والجزائر وأفغانستان وباكستان وبعض الدول الأخرى، ترى أن منهج الإسلام السياسي دموي ويؤخر الدولة علميًّا واقتصاديًّا، فهل هو عيب في مبدأ الإسلام السياسي، أم عيب في مبدأ مَن يعملون بالإسلام السياسي؟
ليس فقط الإسلام السياسي، فخلط الدين بالسياسة، والحديث عن السياسة بخطاب ديني، لا بد أن يؤدي إلى الاستبداد والقمع، ويؤدي إلى تأخر المجتمعات.
الدولة الأوروبية فصلت الكنيسة عن السياسة فخرجت من عصور الظلمات...
(مقاطعًا).. لا أحب أن أقارن التوجهات المدنية في المجتمعات العربية بالمدنية الأوروبية؛ لأن هذه لها ظروف وتلك لها ظروف مختلفة، إنما أقول إن خلط الدين بالسياسة والسياسة بخطب دينية بواسطة أئمة المساجد، أو من يتحدثون لغة أئمة المساجد، أو في خطاب المسئولين الرسميين، من شأنه أن يؤدي إلى تحويل المعارضة السياسية إلى عصيان سني، وتغيير طبيعة المجال من الحديث عن الصواب والخطأ إلى الحديث عن الكفر والإيمان، وهذا يمثل إطاحة كاملة بحرية الرأي والتعبير والحريات العامة عمومًا.
تحدثتَ كثيرًا عن الثورات العلمية ومدى فاعليتها عن الثورات السياسية، في رأيك أيهما يحقق الهدف بالشكل المطلوب في دولة كمصر: الثورات العلمية أم السياسة؟
العلم يعطيني القوة الصناعية والزراعية، ويؤدي إلى القوة الاقتصادية، ويترجم في نهاية الأمر إلى قوة مالية عسكرية تمثل العضلات التي تعتمد عليها القوة السياسية؛ لأنها تضرب بيد من حديد على كل من يريد السيطرة عليها، فهناك بلاد مثل النمسا وسويسرا وفنلندا وأستراليا ليست قوية على المستوى العسكري، لكنها قوية على المستوى العلمي والاقتصادي والمالي ، خاصة وأن التطور الطبيعي للشعوب لا يحدث بالقفزات والثورات الدامية والهمجية.
وهذا ما حدث مع إسرائيل؟
إسرائيل، هذه الدولة تحديدًا، لا تمتلك مقومات الدولة، ورغم إعجاب البعض بها إلا أنها لم تعجبني، وأرى أن قوتها جاءت نتيجة القوة العلمية والصناعية والعسكرية؛ فالقنابل الذرية والصواريخ النووية أكسبتها القوة فقط.
وهذا ما يجعلها تمتلك مقومات دولة...؟
(مقاطعًا).. الدولة أكبر من ذلك، حتى وإن كانت تسيطر علينا، فالدولة التي تحتاج إلى 500 قنبلة نووية حتى تعيش وسط جيرانها فيها شيء خطأ.
أو فينا نحن الخطأ؟
إلى حد ما؛ لأننا تركنا الاهتمام بالعلم.
هل يمكن أن نرى النشائي، كعالم في حجم البرادعي، مرشحًا للرئاسة؟
(ضاحكًا).. “,”أعوذ بالله“,”، هل ترى أني أصلح لها؟ أنا رجل قضى عمره كله خارج مصر، ويعيش طول يومه داخل معمل، وإذا لم أقضِ على الأقل 100% من حياتي داخل مصر، وإذا لم يكن لدي حاسة سياسية وصفة قيادية؛ فلن أصلح أبدًا لفكرة أن أكون رئيس دولة صغيرة، فما بالك بكرسي رئاسة دولة في حجم مصر.
المفترض أننا في بلد مؤسسات..
افترض كما يحلو لك من الافتراضات، فأنا لا أرى ذلك على الإطلاق، عن أي مؤسسات تتحدث؟ دولة بها نسبة مرتفعة من الأمية لا تمتلك مؤسسات، دولة نسبة الفقر بها وصلت إلى حد مفزع لا يوجد بها مؤسسات، هناك دول أوروبية لا تمتلك صفة المؤسسات، والحقيقة أن المفهوم الأوروبي للديمقراطية لا وجود له، ومصر في آخر سنوات عصر مبارك كانت قد بدأت في تحقيق شيء من الديمقراطية “,”تاتا تاتا خطي العتبة“,”، وهذه هي الحقيقة التي لا يريد أحد أن يفهمها، ولكنهم يعيشون في شعارات ماتت من نصف قرن، ولا تصلح لهذا الزمان؛ لذلك نرى مصر تعيش حالة من الفوضى منذ الانتخابات الرئاسية.
وهذا معناه في النهاية أن هذه الفوضى ستظل موجودة في الشارع؟
هذا صحيح.. وهذه الفوضى ستظل مرشحة بقوة طالما لا يوجد سيناريو معروض وواضح وصريح و معروف للشارع السياسي.
الجميع في مصر سيكون خاسرًا من جراء هذه الفوضى؟
بالطبع.. فالمجهول جدًّا شر أكثر من كل ما هو معلوم، والحكومة يجب أن تتعلم هذا المثل الشعبي أثناء تعاملها للشارع المصري، ولكن هذا لا يمنعنا من الاجتهاد في الرؤية المستقبلية، ومحاولة تقديم شخصيات لها وزن سياسي وفكر نموذجي؛ حتى ينتشلوا الاقتصاد المصري من عثراته، وللأسف الشديد حكومة قنديل لم تستطع أن تلعب هذا الدور وأثبتت فشلها.
ولكن تاريخنا الطويل لم يشهد على الإطلاق أي فوضى أثناء انتقال الحكم، فلماذا الآن نعيش هذه الفوضى؟
لأن الدنيا تغيرت كثيرًا، كما أن المحيط الذي نعيش فيه ملتهب للغاية، والصراعات الدولية وصلت إلى أشدها، والجارة إسرائيل تستغل أي ثغرة لفرض هيمنتها على المحيطين العربي والإقليمي، ويكفي التخريب الذي قامت به في حوض النيل ، وفي الداخل أثبتت الجماعة أنها غير جديرة بالصعود إلى سدة الحكم، وتفرغت لعملية التمكين وأخونة الدولة على حساب تقديم أي حلول تعيد لمصر مكانتها الإقليمية والعالمية.
تقدمتَ بخطة بحثية للنهوض بمصر وتطوير أدائها الاقتصادي بمناسبة عيد العلم، على ماذا تعتمد؟
خطتي لتطوير مصر تعتمد في المقام الأول على الاستفادة من الموارد البشرية المتاحة، والإمكانات المالية التي يمكن توفيرها، ومدى إمكانية تحقيق تقدم فعلي، سواء في المجال البحثي أو بعض المجالات الصناعية، وما يمكن أن يمثله ذلك من فائدة للاقتصاد القومي، وقد بنيت الخطة على أربعة محاور رئيسية، يتم تنفيذها في فترة من 5 إلى 10 سنوات، ويتم تمويل المشروعات في إطار مجموعة برامج ذات أولوية خلال المرحلة الأولى للخطة، تتمثل في مجال الطاقة، وتشمل الأبحاث في خلايا الوقود والخلايا الشمسية ومجال مواد النانو والمواد الحيوية، واستخدام النانو في البيئة والمياه والزراعة. وتقترح الخطة إنشاء برامج دراسية متخصصة في العلوم المتعلقة بالنانو على كل من المستوى الجامعي والدراسات العليا؛ وتهدف الخطة القومية إلى تفعيل دور الصناعة المصرية، وزيادة الوعي لدى رجال الصناعة والاقتصاد والمستثمرين، وإشراكهم في هذا البرنامج، بالإضافة إلى تخصيص ميزانية قدرها 145 مليون جنيه لتمويل الأبحاث العلمية، بالإضافة إلى 200 مليون جنيه لشراء أجهزة علمية وتجهيزات عالية التقنية.
وما الفائدة التي سيجنيها الاقتصاد المصري من وراء ذلك؟

الكثير من الصناعات المصرية المهمة يمكن زيادة فاعليتها بتطبيق أبحاث النانو، مثل الصناعات المعدنية الثقيلة؛ من خلال تحسين خواص المواد المستخدمة فيها، مثل منتجات الحديد؛ بحيث نرفع القيمة الاقتصادية للمنتج بدرجة عالية، وأيضًا المواد السيراميكية المتقدمة، وكثير منها يتم تصنيعه في مصر، إلا أن تحديث هذه المواد باستخدام تكنولوجيا النانو سيؤدي إلى رفع القيمة الاقتصادية للمنتجات، قِس على ذلك صناعة الأدوية والتحاليل والتشخيص والإلكترونيات والمواد الممغنطة والبيئة والزراعة ومقاومة التلوث؛ ولهذا لا بد من إنشاء هيئة قومية للنانوتكنولوجي؛ لأنها ستكون صرحًا من صروح التقدم خلال المائة عام المقبلة.
في رأيك كيف يكون التعليم الجامعي أداة للنهضة؟ وكيف ترى دور الجامعة المنشود والفعلي في التنمية؟

التنمية تعني الاهتمام المباشر والسريع لتحقيق مكاسب اقتصادية، ولكنها على المدى الطويل لا تحقق الهدف البعيد الذي يجب النظر إليه، بل يجب الاهتمام في المدى البعيد بتطوير العلوم الأساسية بجانب الاهتمام بالتنمية؛ وبذلك نكون خطونا الخطوات الصحيحة، التي ستمكننا خلال ثلاثين عامًا من أن نصنع النهضة الحقيقية، ولا بد من الاهتمام بتراكم المعرفة، وأن يكون التعليم للعلم.
هل معنى ذلك أن ننفق الأموال على التعليم أولاً ثم التصنيع بعد ذلك؟

لا أستطيع أن أقول هذا أولاً، ولكن يجب تركيز الجهود في التعليم مثلاً على مراكز التميز؛ بحيث يصبح لدى مصر ولو جامعة واحدة متميزة جدًّا، وأن تكون أحسن جامعة في العالم، وهذا ما فعلته الصين حينما ركزت على نوعية التعليم وليس على عدد من يتعلمون في الجامعات.
كيف نوظف علماءنا في الخارج؟ وهل نستعين بهم ونتواصل معهم، بحيث يتم تشكيل حركة بحثية علمية في مصر، خاصة أن المشكلة الأساسية لدينا هي ضعف التواصل والتوظيف لهذه العقول؟

لكي يتحقق ذلك لا بد من التعرف على المصريين في الخارج، وأفضل من يقوم بهذا الدور هم مسئولو السفارات المصرية؛ عن طريق بذل جهد في جمع أسماء المصريين المتواجدين في بلد السفارة، وتسجيل بياناتهم على أجهزة الكمبيوتر، بجانب ضرورة إنشاء قسم في مصر يتولى هذه المهمة، فدولة مثل الصين نجدها على اتصال دائم بعلمائها في الولايات المتحدة، وتقدم لهم الدعمين المالي والمعنوي، وتقنع النابغين منهم بالعودة إلى وطنهم بعد الدراسة للاستفادة منهم؛ لذلك يجب أن يتم الاتصال من الحكومة بالعلماء المصريين، لا أن تنتظر الحكومة اتصال العلماء بها.