الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

بعد ضبط 58 قطعة أثرية بالجيزة.. ما الحل لمنع التنقيب والاتجار في الآثار؟.. خبراء: تغليظ العقوبة والمحاكمة العاجلة للمتورطين.. ويجب تكاتف الجهات الرقابية والمواطنين

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تمكنت الإدارة العامة لشرطة السياحة والآثار، أول أمس، من ضبط أربعة أشخاص بالجيزة بحوزتهم 58 قطعة أثرية عبارة عن تمثال من الجرانيت الوردى بارتفاع 120 سم، وتمثال من المرمر للملك رمسيس الثانى بالوضع الملكى منفصل الرأس، وذلك بقصد الاتجار.

وكان من بين القطع الأثرية المضبوطة أيضًا؛ مائدة من الفيانس وتابوت من الخشب صغير الحجم بداخله مومياء لطفل صغير طوله 80 سم، و10 كاسات من الفيانس متوسطة الحجم، و51 فنجان من الفيانس صغيرة الحجم، وشمعدان على هيئة معبد مكون من 14 قطعة من الألباستر، و4 رقائق تمثل الألهة الخاصة بالمومياء، و3 خواتم من العاج، و3 تمائم مختلفة الأشكال والأحجام.
وجاءت عملية الضبط الأخيرة في إطار جهود شرطة السياحة والآثار للحفاظ على ثروات البلاد وضبط تجار وحائزي القطع الأثرية ومرتكبي جرائم الحفر بقصد البحث والتنقيب عن الآثار، وبعد عدة أشهر من الحادثة التي شغلت وسائل الإعلام المحلية والعالمية، نهاية مايو الماضي، حينما أبلغت شرطة الآثار والسياحة الإيطالية، السفارة المصرية في روما، عثورها على 23 ألفًا و700 قطعة أثرية في حاوية دبلوماسية.
وخلال السنوات الأخيرة، أضحى كثير من الناس "مهوسون" باستخراج تاريخ مصر المدفون في باطن الأرض لجني المكاسب المادية الطائلة من وراء بيعها وتهريبها للخارج وبالرغم من التعديلات التي أُدخلت على قانون 117 لسنة 1983 برقم 3 لسنة 2011 لتغليظ عقوبة تهريب الآثار إلى خارج البلاد، لتصل للسجن المؤبد "25 عامًا" وغرامة لا تقل عن مليون جنيها ولا تزيد على 10 ملايين، إلا أن عمليات البحث والتنقيب والاتجار وتهريب الآثار للخارج ما زالت مُستمرة.

ووفقًا لدراسة بحثية صادرة عن المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، فإن ما يُقارب 3 آلاف قضية تنقيب وإتجار في الآثار تُسجل كُل عام، بإجمالي 15 ألف قضية خلال عامي 2009 و2003. كما أعلنت وزارة الداخلية، وفى مُنتصف 2012، عن ضبط 15 ألف و697 حالة حفر وتنقيب غير شرعية عن الآثار مُنذ ثورة يناير 2011 وحتى تاريخة. فيما نشرت صحيفة وول استريت جورنال تقريرًا، في العام نفسه، أكدت فيه تضاعف عمليات الحفر والتنقيب، خِلسة، عن الآثار، خلال الـ16 شهرًا الأولى التي عقبت ثورة يناير.
وقال أحمد عامر، الباحث الأثري: "إن تجارة الآثار المصرية أصبحت موردًا ثابتًا للتجار والمغامرين، وهناك صفقات بمئات الملايين، بل وأصبح سوق الآثار المصرية فى الخارج من أهم مصادر الثروة وللأسف الشديد أن الجميع يعلم ذلك وأن تجارة وتهريب الآثار كان مجالًا واسعًا تورطت فيه أسماء كبيرة ما بين التجار والمهربين والمسئولين".
وأضاف عامر لـ"البوابة نيوز": "آثار مصر أصبحت الآن مشاعًا بيعًا وشراءً، ومع الأسف توقفت مؤسسات الدولة عن متابعة هذا الملف الخطير الذى أصبح موردًا للمهربين والتجار وهو يُعتبر من أهم مصادر الثروة فى مصر الآن هى تجارة الآثار، وأصبح لصوص الآثار يستغلون مواقع التواصل الاجتماعي لتجنيد علماء الآثار المتخصصين في علم المصريات".
وأشار الباحث الأثري، إلى أنه لاستعادة القطع الأثرية التي تتواجد بالمزادات العالمية، لا بد من إظهار سند ملكية لتلك القطع، أما في حين عدم توافر السند نُلزم صالات المزادات التي بها القطع الأثرية، إظهار ما لديها من سند، منوهًا بأن عملية بيع الآثار كانت مباحة في مصر من عهد محمد علي وحتى بعد ثورة 1952، فضلًا عن تواجد نظام القسمة، والتي عن طريقها يتم اقتسام ما يُكتشف من الآثار من خلال البعثات الأجنبية والمصرية، ولكن تم تجريم بيعها من خلال قانون 117 لعام 1983، مضيفًا "على الرغم من ذلك كان للآثار التي تخرج من مصر في ذلك الوقت، سند ملكية".
وتابع عامر: "لا بد من قانون يُغلظ فيه عقوبات تجار الآثار ومن يقف ورائهم وتقديمهم للمحاكمة العاجلة مع وضع في الاعتبار السجن ما لا يقل عن 25 عامًا بالإضافة إلى مصادرة أي أموال لدى الشخص الذي يقدم علي هذا العمل.

وأكد الدكتور سيد حسن، خبير الآثار الفرعونية، أن النبش عن الآثار خِلسة وبيعها لـ"مافيا التاريخ" لتهريبها للخارج لا يمنح الفرصة للباحثين المصريين لدراستها، وبالتالي تفقد الدولة معلومات عن تاريخها القديم، خاصة أنه يتم تهريب تلك الآثار بطريقة غير شرعية خارج البلاد مما يُصعب على وزارة الآثار والخارجية إمكانية استعادتها لعدم وجود مكتوب بها؛ فضلًا عن التقليل من قيمتها المادية، حيث إنها تباع بأبخث الأثمان في حين أنها لا تُقدر بثمن.
وأشار حسن لـ"البوابة نيوز"، إلى أن تشديد الرقابة وتكاتف الجهات المعنية والمواطنين جنبًا إلى جنب، يحول بين بيع وتهريب تاريخ مصر إلى الخارج. منوهًا بأن اعتقاد الكثيرين بأن الثراء السريع لا يأتي إلا عن طريق نبش القبور والتنقيب في الجبال والحفر في الأماكن القريبة من المعابد دفع عشرات الآلاف من المواطنين لسلك هذا الطريق الذي يضُر بالمصلحة العامة، لذا لا بد من اهتمام الجهات المعنية برفع الثقافة التاريخية لدى جموع الشعب المصري لمعرفة أهمية آثار أجداده وخطورة الاتجار فيها، فضلًا عن تفعيل القانون مع المتورطين.