الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

مولد الهادي البشير نور ورحمة للبشرية

احتفالات مولد النبي
احتفالات مولد النبي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يحتفل المسلمون هذه الأيام بالذكرى العطرة للمولد النبوي الشريف ، حيث تعم الاحتفالات المبهرة أرجاء البلدان بهذه المناسبة التي يستقبلها المسلمون ببهجة لا توصف يتدارسون خلالها سيرة سيد الخلق ويقتدون بأخلاقه ويتأسون بهديه.
وفي مصر المحروسة مذاق خاص في الاحتفال بمولد النبي تحتل من خلاله مكان الصدارة في مظاهر الاحتفال فتنتشر بها مظاهر الاحتفال الرائعة ، بدءا من إقامة سرادقات الإنشاد الديني والابتهالات في مدح نبي الرحمة ، ومرورا بتسيير مواكب الطرق الصوفية التي تطوف الأحياء التي يشع منها عبق التاريخ مثل الحسين والسيدة زينب والقلعة ، وانتهاءً ببيع الحلوى وعروس المولد .
ورغم سحابة الكآبة التي تخيم على الأجواء السياسية وانتشار مظاهر العنف بكثير من الميادين والشوارع الرئيسية، يصر المصريون على فرحة الاحتفال بالمناسبة الكريمة، ولعل لفظة المصريون هنا دقيقة تماماً حيث يتشارك المسلمون والمسيحيون في الاحتفال بالمولد النبوي.
فيتبادل الجيران حلوى المولد التي يتلقاها المسيحيون بذات اللهفة التي ينتظر بها المسلمون "الطعمية أم السمسم" التي توزع في أعياد إخوانهم الأقباط الذين أنهوا احتفالاتهم للتو بعيد ميلاد السيد المسيح فكان هذا من دواع الفرحة والسرور أن يهل مولد محمد والمسيح في شهر واحد وهو ما يحمل دلالات عظيمة لدى المصريين ترسخ روح الوحدة الوطنية وتعلي قيم التسامح ونبذ العنف والتطرف.
فمع إطلالة شهر ربيع الأول من كل عام يحتفل المصريون بذكرى مولد النبي محمد "صلى الله عليه وسلم" ويتخذ الاحتفال طيلة هذا الشهر المبارك أشكالا عديدة كإقامة السرادقات في الميادين والشوارع وإقامة مجالس الذكر وتلاوة القران الكريم إضافة لازدهار عروض الفنون الشعبية .
وتعتبر معظم القبائل في القرى والمدن المصرية شهر ربيع الأول فرصة لتقوية الروابط الاجتماعية حيث يقبلون على التعارف والمشاركة في إحياء لياليه وإقامة الولائم وتبادل الزيارات والتهاني بالمولد النبوي الشريف وتتباين مظاهر احتفالات المصريين بذكرى المولد النبوي الشريف في المدن والقرى .
وتقام على هامش الاحتفالات بالمولد في المحافظات المصرية شعائر غاية في الطرافة تبدأ بالوفاء بالنذور لدى "العتبات المقدسة" لدى المصريين ويقصد بها أضرحة الأولياء مثل السيد البدوي بمحافظة الغربية دلتا مصر وسيدي الدسوقي بمحافظة كقر الشيخ وغيرها من المزارات الدينية التي يقصدها البسطاء وتضم أيضا عقد الزواج الجماعي في هذه الموالد ، بخلاف إقامة مهرجانات "الختان" الجماعية التي تتم في مشهد قلما وجد سوى في مصر .

مشاركة المصريين في الاحتفال بمولد النبي
ولعل من ابرز مظاهر احتفالات المولد النبوي في المدن هو ازدحام الشوارع والميادين بباعة "حلوى المولد"وعروس المولد التي تصنع من قوالب الحلوى في صورة عروسة وحصان ويرجع بعض المؤرخين تاريخ ظهور عروسه المولد في مصر ألي العصر الفاطمي أما البعض فيؤكد أنها عادة مصرية خالصة رابطين بينها وبين معرفة المصريين بعروس النيل منذ العصور الفرعونية بجانب إقامة الندوات الدينية في المساجد واقامة أمسية دينية كبرى يحضرها المحافظون ورؤساء المدن وتتخذ طابعا رسميا في تنظيمها .
أما القرى التى تنتشر فيها الطرق الصوفية وأضرحة الأولياء والعارفين فتخرج "دورة المولد " في صبيحة يوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول في صورة كرنفالات شعبية ينظمها رجال الطرق الصوفية ويتقدمها الخيالة وراكبو الإبل المزدانة بقطع القماش المزركشة يليها اتباع الطرق الصوفية حاملين الدفوف والسيوف يتبعهم أصحاب الحرف المختلفة فيطوفون أرجاء القرى ويصلون إلى المدن أحيانا ويبداون من أمام أضرحة العارفين وينتهون عندها في حركة دائرية حول القرية .
وفى الطريق تلقى عليهم النساء من شبابيك وشرفات المنازل الحلوى " وترش " عليهم الروائح العطرية وتصدح بالزغاريد والدعاء بان تعود تلك المناسبة والجميع في خير وسلام . وكعادة المصريين في الاحتفالات بالمناسبات المختلفة للخروج من عوالم حياتهم الضيقة ألي عوالم اكثر بهجة ورحابة فتقام ولائم الطعام في الدواوين وينشد الفنانون الشعبيون الأشعار والابتهالات وتقام حلقات الذكر .
وفى مناسبة المولد الشريف لابد من قيام كل آسرة بار سال حلوى المولد والعشاء أي اللحوم والخضراوات لكل بناتها المتزوجات وتتلق كل فتاة مخطوبة حلوى المولد والعشاء من خطيبها أيضا .يذكر أن قرى مصر وخاصة في الصعيد تتميز الحياة الدينية فيها بانتشار الطرق الصوفية فيها بصورة واسعة فلا تخلو قرية مصرية من وجود طريقة صوفية بها منذ مئات السنين .

الزحام الشديد أكثر ما يميز الموالد
ويقال أن عدد الطرق الصوفية بلغ في مصر العثمانية 80 فرقة لكل منها فروع في القرى والمدن وكان لكل طريقة ومازال شعارها وأورادها الخاصة بها ..ويحرص اتباع كل طريقة على ترديد الأوراد الخاصة بهم ويتلونها بشكل جماعي في وقت يحدده شيخ الطريقة وقد ساعد ارتباط تلك الطرق بأسماء بعض المشايخ والأولياء في انتشارها في الريف وانتشارا واسعا وذلك مثل الطريقة الشاذلي نسبة للشيخ أبو الحسن الشاذلي والطريقة الأحمدية نسبة للسيد احمد البدوي والطريقة الرفاعية نسبة ألي احمد الرفاعى .
ولا يقتصر احتفال الطرق الصوفية بالمولد النبوي الشريف بل تحتفل بمولد الأولياء الصالحين في المحافظات والمدن والقرى ومن الموالد التي تشهد جمهورا كبيرا من الزوار والمريدين مولد سيدى عبد الرحيم القنائى في قنا ومولد سيدى أبو الحجاج الأقصري في الأقصر ومولد سيدى إبراهيم السوقي في دسوق ومولد سيدى جلال الدين في منفلوط وغيرها من الموالد التي لا حصر لها كما يقول الدكتور نبيل السيد الحوفى أستاذ التاريخ الحديث في جامعة المنيا بصعيد مصر والتي تقام في القرى والمدن التي تنتشر فبها الأضرحة الخاصة بالمشايخ والأولياء والعارفين والذي يعتقد الناس في كراماتهم وبركاتهم فيزورون أضرحتهم للدعاء أملا في أن يتقبل الله الدعاء ببركة هؤلاء المشايخ والأولياء.