الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

محمد الحليوي.. بين الشعر والنقد

محمد الحليوي
محمد الحليوي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إنتاج محمد الحليوي الأدبي، الذي تمر ذكرى ميلاده، غدا الجمعة، كان متنوعا في القضايا التي يتناولها، معبرا عن خصوصيته المتفردة، الضاربة في عمق الأنا، فردية وعاطفة جياشة، وشعورا بالألم والحزن والكآبة، وميلا إلى الانزواء وما خفي من المشاعر المبهمة، ونزوعا إلى التمرد على القديم، ونشدانا للتقدم والتجديد. ولكن هذه الخصوصية لم تقعده عن الالتحام بشعبه، والرجوع إلى المنابع القومية، والإيمان برسالة الشاعر والفنان إلى حد النبوة. 
تجدر الاشارة إلى أن محمد الحليوي واكب فترات عديدة من حياة الشعب التونسي سياسيا وفكريا وأدبيا. وكان دائما حساسا لما يحدث من مستجدات في جميع الميادين. لذا كان يراجع نفسه في عدة قضايا منها قضية الالتزام وخصوصا بعد استقلال البلاد. فكانت مساهماته تدل على وعي عميق بدور الأديب والناقد والشاعر.
هو محمد بن عبد السلام بن أحمد بن الشيخ علي بن الحاج قاسم الحليوي. ولد يوم الجمعة 3 اغسطس 1907م، وتوفي يوم الجمعة 3 أغسطس 1978. 
يعتقد الحليوي أن " ثقافة المستقبل بالنسبة لتونس يجب أن تكون.. قومية أي تونسية عربية اللغة، إسلامية الروح، لكنها متسعة الأفق، شامخة، تمقت الانزواء والانطواء، وتتطلع إلى ما عند الأمم من ثروات روحية وفكرية.. ونحن ننعت الثّقافة بالقومية وإن كان من طبعها الاتساع والشمول والإطلاق، لكي نحمي المثقف التونسي من أن تكون ثقافته ضربا من التلفيق والترف العقلي الذي لا يصلح نفسا، ولا يكيف فكرا، ولا يهذب سلوكا".
وكان الحليوي مثل البشروش والشابي يدافع مستميتا عن الأدب التونسي سواء في الثّلاثينات أو بعد الاستقلال عندما عاد ليتحدث عن اتجاهات الشعر التونسي. يقول:" إن واجب الوفاء لأدبنا التونسي يحتم علينا أن نجند أقلامنا كل في ناحية اختصاصه لخدمة هذا الأدب وإبراز شخصيته وخصائصه، والبحث عن اتجاهاته.. ثم التفكير الجدي في مسألة تيسير النشر. فنبدأ بنشر ما هو مطوي في بطون الصحف والمجلات من شعر ونثر.. ولعله إذا أصبحت لنا مجموعة من الكتب والدواوين المنشورة أمكن لمن ينكر وجود الأدب التونسي والقرائح المنتجة أن يعدل من رأيه". 
وإذا كان الحليوي معروفا في الساحة الأدبية كناقد أبدع في نثره وتميز عن غيره، فإنه كان شاعرا أيضا. ولكنه لم يكن " يعد نفسه من الشعراء. ويشبه شعره بشعر العقاد في كثير من التواضع. إلا أن كتابة الشعر ساعدته على إتقان فن النقد. إذ أن الناقد الذي لم يجرب كتابة الشعر ولم يعرف معنى المعاناة يبقى فهمه للشعر قاصرا وتذوقه له محدودا". ذلك أن تصور الحليوي للشاعر الحق ولما سماه فيما بعد بالشعر الفني صعب المنال. " فالشعر الحق هو الذي يكون في الطليعة يدل الأمة على طريق الحرية ويهيب إلى مقاومة الظلم والظالمين". والشعر الفني عنده هو " الذي تكون فيه كل كلمة قد وضعت لغرض إيحائي أو تكون محملة بشحنة شعورية صادقة تترجم عن حالة نفسية أو صورة شعرية بارعة تدل على عمق النظرة وسعة الخيال، أو تعبير جديد مبتكر يبرز شخصية الشاعر".