الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

في البصرة.. ضربة موجعة لإيران على يد السعودية

إيران والسعودية
إيران والسعودية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
استمرارا للضربات المتلاحقة لنظام الملالي في طهران، كشف مسئول حكومي في بغداد مفاجأة، مفادها، أن السعودية قد تحل مكان إيران في سوق الطاقة العراقية.
ونقلت وكالة "بلومبيرج" الأمريكية عن المتحدث الرسمي باسم وزارة الكهرباء العراقية، مصعب سري، قوله الاثنين الموافق 30 يونيو، إنه يوجد عرض سعودي يتضمن بناء محطة طاقة شمسية بهدف بيع الكهرباء إلى العراق بسعر يقل كثيرا عن السعر، الذي تشتري به بغداد الكهرباء من إيران.
وأضاف سري، أن الصفقة تتضمن بناء محطة في المملكة خلال عام من توقيع الاتفاق تنتج 3000 ميجاواط لتزويد العراق فيها.
وتابع أن العراق، بموجب هذه الصفقة، سيشتري الكهرباء بسعر 21 دولارا لكل ميجاواط/ساعة، أي بربع ما يدفعه العراق مقابل إمدادات الكهرباء من إيران.
ويبدو أن العرض السعودي جاء في توقيت هام للغاية لإحباط المؤامرة الإيرانية الجديدة ضد العراق، إذ يتردد أن لطهران دور في إشعال الاحتجاجات التي اندلعت في البصرة ومحافظات جنوب ووسط العراق منذ 7 يوليو، بعدما أوقفت توريد الكهرباء إلى العراق، بزعم تراكم ديونها على بغداد، ما تسبب في زيادة ساعات قطع التيار الكهربائي في البلاد خاصة في الجنوب.
ويستورد العراق الكهرباء من إيران منذ سنوات طويلة، لتغطية جزء من نقص الطاقة في البلاد، حيث تعرضت البنى التحتية للطاقة إلى التدمير والإهمال، جراء عقود من الحروب والحصار.
وبالنظر إلى أن الولايات المتحدة حثت حلفائها الأوروبيين على وقف كل وارداتهم من النفط الإيراني، ملوحة بفرض عقوبات عليهم، في حال عدم التزامهم، فإن إيران سعت لإشعال المظاهرات في جنوب العراق، التي انطلقت شرارتها في محافظة البصرة، في 7 يوليو، على أمل أن تتراجع واشنطن عن إجراءاتها.
فانطلاق تظاهرات جنوب العراق من البصرة لم يكن محض صدفة، بالنظر إلى أن هذه المحافظة هي خزان النفط العراقي، وفي حال توقفت شركات النفط الأجنبية عن العمل فيها، فإن أسعار النفط سترتفع، ما يزيد الأعباء على الاقتصاد العالمي، بالإضافة إلى أن عدم تصدير النفط العراقي، ينسجم مع تهديد الرئيس الإيراني حسن روحاني صراحة، بعرقلة صادرات النفط في المنطقة، حال منع مبيعات النفط الإيرانية.
وقال المحلل السياسي العراقي هيثم الهيتي، لموقع "رووداو" الكردي، في 14 يوليو، إن "ما حصل في البصرة جاء نتيجة توقف إمدادات الكهرباء والماء، التي تستوردها المحافظة من إيران".
وتابع "إيران تريد أن تشعل حريقا في جنوب العراق لعرقلة تصدير النفط العراقي ودفع شركات النفط الغربية والروسية للضغط على واشنطن لفك الحصار عليها، وإيجاد اتفاق سلمي معها".
واستطرد "الإيرانيون لديهم نفوذ على الأرض، ولا يهتمون كثيرا بعلاقتهم مع العبادي لأن لديهم نفوذا على الأرض، بل إن العبادي هو من يحتاجهم أحيانا".
وكشف الهيتي أن "الإيرانيين حركوا الشارع ضد أحزاب موالية لهم في جنوب العراق، لأنهم مضطرون لأن يحرقوا الجنوب ويوقفوا تصدير النفط العراقي عن جميع الدول، كوسيلة ضغط على أمريكا والغرب".
وأضاف "إيران تتألم بسبب الحصار الاقتصادي الأمريكي ضدها، وتهديدات واشنطن لدول العالم بعدم استيراد النفط الإيراني، وهذا دفعها لاتخاذ قرار بأن تشعل مظاهرات جنوب العراق بإيقاف الكهرباء والماء، هي أوقفت الخدمات، وبالتالي قام الجمهور العراقي بهذا التحرك".
واختتم الهيتي، قائلا:"شركات النفط العالمية هي التي تحرك السياسة العالمية ولديها لوبيات في واشنطن ولندن وباريس وهي التي تضغط على أوروبا وأمريكا والتي تستطيع أن تدفع بفك الحصار عن إيران، والمتضرر مما يحدث في جنوب العراق، شركات النفط الأمريكية والروسية والأوروبية، وبالتالي هذه الشركات عندما ترى أنها ستخسر 71% من الإنتاج أي تخسر جنوب العراق وهذا المخزون النفطي الرخيص والأرباح المليارية في العالم، فإنها ستتحرك للضغط على حكومات بلادها".
ورغم أن الاحتجاجات لم تتوقف في جنوب العراق، وتحولت إلى اعتصامات، إلا أن مؤامرة إيران أجهضت مبكرا، عبر الصفقة السعودية.
ويبدو أن الأسوأ لا يزال بانتظار نظام الملالي، إذ واصلت العملة الإيرانية وتيرة انهيارها السريع، وكسر الدولار حاجز مائة ألف ريال للمرة الأولى في السوق السوداء، وذلك قبل أيام من حزمة عقوبات أولى ستفرضها واشنطن على طهران في 7 أغسطس المقبل، تليها حزمة ثانية في 4 نوفمبر، وذلك بعدما انسحبت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاق النووي المبرم بين إيران والدول الست الكبرى عام 2015. 
وذكرت "رويترز" في 30 يوليو أن سعر صرف الريال الإيراني تراجع إلى 112 ألفا في مقابل الدولار في السوق السوداء، بعد أن 98 ألفا السبت الموافق 28 يوليو، علمًا أن سعر الصرف الرسمي للعملة الإيرانية بلغ 44 ألفا في مقابل الدولار، وكان 35 ألفا مطلع 2018.
وبدورها، ذكرت "الحياة" اللندنية في 30 يوليو أن حكومة الرئيس الإيراني حسن روحاني كانت ثبتت سعر الريال عند 42 ألفا في إبريل الماضي، مهددة بملاحقة تجار السوق السوداء، لكن تلك التجارة تواصلت، بسبب تصاعد قلق الإيرانيين من الوضع المعيشي الصعب، والعقوبات الأمريكية الوشيكة، وقيامهم بتحويل مدخراتهم من العملة المحلية إلى الدولار.
ولعل إلقاء نظرة على الاتفاق النووي، يكشف أيضا أن إيران لن تفلت من تداعيات إلغائه، مهما فعلت، لأنه وفقا للاتفاق الموقع 2015، وافقت طهران على الحد من أنشطتها النووية، مقابل رفع العقوبات المفروضة عليها من الأمم المتحدة، والولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، لكن إعلان ترامب الانسحاب من الاتفاق يعني عودة واشنطن لتشديد العقوبات على إيران.
وقالت وزارة الخزانة الأمريكية في بيان في 9 مايو الماضي، إن الأمر يستغرق فترة 90 و180 يوما قبل استئناف عقوبات متنوعة على إيران، ويحل الموعد الأول لإعادة العقوبات في 7 أغسطس المقبل، ويشهد تفعيل عقوبات تؤثر على قدرة إيران على شراء الدولار الأمريكي، والتجارة في الذهب وغيره من المعادن، بجانب قيود على الطيران وصناعة السيارات.
أما الموعد الثاني، فيأتي في 4 نوفمبر، ويتضمن إجراءات تتعلق بالمؤسسات المالية والنفطية الإيرانية، وفي نهاية الفترة المحددة بـ 180 يوما، تُفعل العقوبات على الأفراد الذين كانوا على قائمة عقوبات الخزانة الأمريكية قبل الاتفاق النووي.
وإيران من أكبر منتجي النفط في العالم، إذ تصل قيمة صادراتها من النفط والغاز مليارات الدولارات سنويا، ورغم أن الولايات المتحدة ليست من مستودري النفط الإيراني، ستتعرض شركات ودول أخرى من أصحاب التعاملات النفطية مع إيران للعقوبات الأمريكية حال رفضها أو فشلها في إنهاء تعاملاتها مع إيران.
وستطال العقوبات شركات النفط الأوروبية على وجه الخصوص، حيث وقعت شركة توتال الفرنسية عقدا بقيمة خمسة مليارات دولار مع إيران بعد الاتفاق النووي، ويوجد أيضا لشركة "بريتش بتروليم" البريطانية شراكة مع الشركة الحكومية الإيرانية للتنقيب في حقل روم الإيراني للغاز.
ورغم محاولات إيران المستميتة إقناع الشركات الأوروبية بعدم مغادرة السوق الإيراني، إلا أنها فشلت في ذلك، إذ أعلنت مجموعة "سي إم آ سي جي إم" الفرنسية، ثالث أكبر شركات الشحن النفطي على مستوى العالم، السبت الموافق 7 يوليو، اعتزامها الانسحاب من السوق الإيراني، فيما يضيق الخناق على نظام الملالي، بدليل الاحتجاجات، التي تجددت في البلاد في 25 يونيو الماضي، احتجاجا على تردي الأوضاع الاقتصادية.

وكانت انفردت "البوابة نيوز" بنشر تفاصيل مؤامرة إيران في مظاهرات البصرة يوم 15 يوليه الماضي.