الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

الدوحة "مخلب إيران" لشق الصف العربي ودورها المشبوه يبدأ من "باب المندب"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم تأت علاقات قطر بجماعة «الحوثيين» من فراغ، بل فى سياق الدور الذى تحدد للدوحة كـ«رأس حربة» للمشروع الإيرانى ضد الأمن القومى العربى.
ومثَّلت منطقة مضيق «باب المندب» ميدانًا محوريا للدعم القطرى لمخططات إيران، سواء على جبهة الأزمة اليمنية، من خلال التحالف الاستراتيجى بين الدوحة والحوثيين، أو على الجبهة الصومالية من خلال الدعم القطرى للتنظيمات المتطرفة فى منطقة القرن الأفريقى، كجماعة «شباب المجاهدين» الصومالية، فضلًا عن دعم جماعات القرصنة التى احترفت اختطاف السفن ومقايضة أصحابها للحصول على فدية كمصدر لتمويلها.
ويرجع الدور القطرى فى الأزمة اليمنية إلى بدايتها من خلال دور الوساطة الذى اعتادت قطر اتخاذه كغطاء لمخططاتها -التى لم تعد سريَّة- فى سياق مساعيها لشق الصف العربى، فاستقبلت الدوحة بعض قيادات الحوثيين فى الوقت الذى زار فيه مسئولون قطريون الحوثيين فى صعدة.
دعم قطرى للحوثيين
بدأت علاقة الحوثيين بالدوحة بعد حرب صعدة التى دامت ما بين ٢٠٠٤ -٢٠٠٩ بين الحوثيين والحكومة اليمنية السابقة، حيث برز دور الدوحة كوسيط بين طرفى الصراع، كما أنه فى أعقاب مقتل حسين الحوثى مؤسس الجماعة فى ٢٠٠٦، أبرمت الدوحة صفقة بين الحوثيين والحكومة لينتقل بعدها «يحيى» شقيق مؤسس الجماعة، للإقامة فى الدوحة.
ومع اندلاع الأزمة اليمنية خلال ما عرف بـ«الربيع العربى»، وسقوط نظام على عبدالله صالح، وجدت الدوحة الميدان فسيحًا لممارسة مساعيها الرامية إلى زعزعة الاستقرار، والمتسقة مع الرؤية الإيرانية بمنطقة الخليج العربى.
فى مواجهة ذلك، تصدت الدول الخليجية للدوحة عام ٢٠١٣ حيث تم التوصل إلى إبرام «اتفاق الرياض» الذى تعهد فيه أمير قطر السابق حمد بن خليفة «كتابة»، بعدم التدخل فى الشئون اليمنية أو تقديم الدعم لأى من أطراف النزاع بما لا يضر أمن دول مجلس التعاون الخليجى، إلا أن الواقع أثبت خروج قطر على تعهداتها كالعادة، حيث توسطت الدوحة فى سبتمبر ٢٠١٤ للإفراج عن ٤٥ مختطفًا فى سوريا، ودفعت عنهم ملايين الدولارات لـ«جبهة النصرة» فيما يمثل دعمًا مباشرًا من الدوحة للجماعة الإرهابية.
ونتيجة للإصرار القطرى على ممارسة ذلك الدور، اندلعت الأزمة الخليجية حيث سحب كل من: «السعودية والإمارات ومصر والبحرين» سفراءها لدى الدوحة، وخلال تلك الأزمة جاء موقف الحوثيين كجزء من الموقف الإيرانى الداعم الأول لهم، وهو الموقف الذى سعى لتوفير السند والظهير للدوحة فى حالة تأثرها اقتصاديا لتنتفع طهران فى المقابل بمكاسب استراتيجية تمثلت فى الوجود بمنطقة الخليج العربى؛ لتمثل تهديدًا مباشرًا لأمن الدول الخليجية، بل والأمن القومى العربى كافة.
ووفرت طهران بجانب تركيا (الحليف الثالث فى محور «قطر - إيران - تركيا»)، ممرًا لتعويض الاقتصاد القطرى عن أى أضرار ناتجة عن ضغوط دول الرباعى العربى لإثناء قطر عن سياساتها الداعمة للإرهاب.
وفى هذا السياق، جاء الموقف الحوثى المُعلَن والداعم للدوحة ليزداد عمق العلاقات «القطرية الحوثية» فى مواجهة الأمن القومى العربى، وليس الخليجى فحسب.
ووفقًا لموقع «قطريليكس» تواصل النظام القطرى مع الزعيم الحوثى حسين بدر الدين، حيث تلقى تعليمات بقيادة التمرد على الرئيس اليمنى السابق على عبدالله صالح، الأمر الذى فطن إليه الأخير بعد تحالفه مع الحوثيين لعدة شهور، ليعلن راية الحرب على الحوثيين، ولكن انتهى الأمر بمقتله على يد حلفائه الذين غدروا به.
زعزعة الشرق الأوسط
تنوع الدعم القطرى للحوثيين ما بين المالى والسياسى والإعلامى والعسكرى، فلم يغلب جانب على الآخر، إذ توازت أشكال الدعم القطرى للجماعة الخارجة على الشرعية فيما يتسق مع سياسة الدوحة الرامية إلى زعزعة الاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط، وهو ما أثبته مسار الأحداث خلال «الربيع العربى».
واتسم الدعم المالى القطرى للحوثيين بالسخاء المفرط، فتعهدت السفارة القطرية لدى صنعاء بتحويل مبالغ شهرية وصلت إلى ٥٠ ألف دولار شهريا من خلال المعهد الدينى الشيعى التابع لـ«بدرالدين الحوثى» كغطاء لتمرير هذه المبالغ، فضلًا عن الكثير من الإمدادات اللوجستية التى قدمتها الدوحة، ومنها ٥ سيارات مدرعة وعدد من أجهزة الاتصال التى تعمل من خلال الأقمار الصناعية، والخارجة عن نطاق المراقبة «الثريا»، إضافة إلى المساعدة فى نقل خبراء عسكريين من «حزب الله» إلى صعدة؛ للمشاركة فى تدريب المتمردين على الأعمال القتالية وحفر الكهوف والتعامل معها.
لكن الدعم المالى لم يقتصر على التدفقات المنتظمة سالفة الذكر، فمع تعمق الأزمة اليمنية ونشوب الأزمة الخليجية التقت رغبة الدوحة مع الحوثيين فى زعزعة أمن واستقرار الدول لمواجهة الإرهاب، خاصة المملكة العربية السعودية، فرصدت الدوحة مبلغ ٥٠٠ مليون دولار شهريا لجماعة الحوثى، مقابل أن تُكثف الأخيرة عملياتها وتخترق الأراضى السعودية، ثم الزحف لاحقًا إلى الأراضى المقدسة.
بجانب ذلك لعبت قناة «الجزيرة» (الذراع الإعلامية للسياسة القطرية)، دورًا فى دعم الحوثيين، حيث كثفت المعالجات الإعلامية التى تصور الحوثيين فى موقف صاحب الحق والرسالة، بل واستضافت بشكل متكرر عبدالملك الحوثى، الذى اعتاد توجيه خطاباته من خلالها، وصولًا إلى احتفاله بمقتل الرئيس اليمنى الأسبق على عبدالله صالح.
القرن الأفريقى
لم يقتصر التنسيق القطرى الإيرانى على العبث بأمن مضيق «باب المندب» على الجبهة اليمنية؛ حيث مثلت الساحة الصومالية ميدانًا آخر لتحرك الدوحة فى إطار محور «إيرانى - تركى» فى منطقة القرن الأفريقى، فعمدت -بمساعدة إيران- إلى توسيع نفوذها فى منطقة البحر الأحمر، من خلال دعم جماعات القراصنة بمنطقة «باب المندب» والتى احترفت خطف السفن للحصول على فدية مالية للإفراج عنها، كما هو الحال بالنسبة للدعم الواضح لحركة «شباب المجاهدين» الصومالية التى مثلت «إسفينًا» فى قلب أمن البحر الأحمر.
ووفقًا لوثيقة مسربة عن موقع «ويكيليكس»، طلبت السفيرة الأمريكية السابقة لدى الأمم المتحدة سوزان رايس، عام ٢٠٠٩، من تركيا الضغط على قطر لكى تكف عن تمويل حركة الشباب، حيث كان الدعم المالى يصل عبر إريتريا، والأمر الذى اعترف به رئيس الحكومة الانتقالية آنذاك شيخ شريف شيخ أحمد.
ولم يقتصر الدور القطرى على دعم الجماعات القائمة كـ«حركة الشباب، وحركة الإصلاح» الصوماليتين، بل اتسع ليشمل محاولات قامت بها الدوحة لخلق جماعة جديدة يقودها فهد ياسين، المدير العام السابق للقصر الرئاسى فى الصومال.
بالنظر إلى الدور القطرى كعراب للمشاريع الأجنبية التى تطوق الأمن القومى العربى، ما بين إيرانى وتركى، فإن كل المؤشرات السابقة لم تكن على عمق وأبعاد ذلك الدور الذى تلعبه الدوحة، كما أنه غير متوقع أن تكتفى مساعى أنقرة على قاعدتها العسكرية فى الصومال، أو التنسيق مع السودان على مقربة من الحدود المصرية.
وتلك الأمور تفرض على دول «الرباعى العربى» المناهض للإرهاب، ضرورة تعزيز الضغوط الإقليمية بكل أشكالها على الدوحة؛ بغرض حماية المداخل الاستراتيجية، والتى ليس بآخرها مضيق باب المندب.