الجمعة 10 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

أفريقيا... جبهة جديدة للجهاد

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بوكو حرام فى نيجيريا، شباب محمد فى الصومال، القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامى فى مالي.. يقدم مارك أنطوان بيروز دى مونتكلوس تحليلًا لهذه الجماعات المتمردة ليس فقط على أساس الاعتبارات الدينية، ولكن أيضا على البيانات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. فى كتابه «L›AFRIQUE، NOUVELLE FRONTIRE DU DJIHAD?» الصادر عن دار «La découverte» فى مايو الماضى.
يقدم الكتاب نظرة عامة تنويرية حول ما يسمى بالحركات «الجهادية» من خلال التذكير بأصولها التاريخية والاجتماعية. أبعد من أن تكون مخالب «إرهابية دولية» وحشية، هذه الحركات أول جذورها من الديناميات المحلية.
ومن أهم مميزات الكتاب أن مؤلفه زار جميع الدول الأفريقية المعنية بالظاهرة، كما أنه التقى وأجرى حوارات مع أغلب الرموز الإسلامية الحركية السياسية و«الجهادية»، من قبيل الراحل حسن الترابى أو مقاتلى «حركة الشباب» الصومالية وجماعة «بوكو حرام» النيجيرية وغيرهم، ومع أن العمل يتضمن وقفات مع أداء العديد من الجماعات الإسلامية الجهادية، إلا أن المؤلف ارتأى التوقف بتفصيل أكثر مع ثلاث جماعات بالضبط: جماعة «بوكو حرام» فى نيجيريا، و«حركة الشباب» فى الصومال، و«تنظيم القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامي»، فى المنطقة المغاربية على الخصوص.
كما يوضح الكاتب أن الأغلبية المسلمة الصامتة فى أفريقيا ما زالت أغلبية غير مرئية، ولا تجد نفسها فى أغلب أنماط التدين الحركى فى الإسلام، سواء تعلق الأمر بالطرق الصوفية والجماعات السلفية «الوهابية» أو مجمل الجماعات المتشددة ذات النفس القتالي، أو الداعية إلى التطبيق الحرفى للشريعة من منظور متشدد.
كما يرى مارك أنطوان أن رحيل حسن الترابى كان إيذانا بفشل المشروع السياسى الدينى الذى روج له فى السودان، ولكن مع كارثة ذات أبعاد ثلاثة، طالت السودان السني، ويتعلق الأمر بفقدان الجنوب السوداني، ارتفاع مؤشر الفتن فى الأوساط السنية السودانية، والانخراط فى تحالفات سياسية واستراتيجية غير طبيعية مقارنة مع خصوصيات المنطقة، من قبيل التحالف السياسى مع إيران الشيعية، أو مع جبهة قتالية مسيحية فى شمال أوغندا.
كما يؤكد أن العقل الجهادى وظف بعض الأزمات المحلية أو الإقليمية، والتى لا علاقة لها بالمحدد الديني، من أجل خدمة مشروعه الجهادي، وبالنتيجة، وفى غياب معارضة ذات مصداقية، تتصدى للنخب الحاكمة فى المنطقة، والحليفة للغرب، حيث انتهى الأمر بهذه الجماعات إلى استقطاب جزء من الرأى العام، موردا لائحة من الأمثلة، نذكر منها، ما جرى مع الظاهرة «الداعشية» فى سوريا التى تحالفت فى بقايا النظام البعثى فى العراق، أو «تنظيم القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامي» الذى تحالف مع الطوارق فى شمال متالى ضد السلطة المركزية فى باماكو، أو ما قام به فصيل منشق عن «حركة موجاو» بقيادة عدنان أبو الوليد الصحراوي، والذى تزعم قبائل صحراوية تعرضت للتهميش والإقصاء من طرق دول المنطقة، أو جماعة «بوكو حرام» فى نيجيريا التى وظفت حالات الاستياء من التهميش الذى طال مناطق فى شمال نيجيريا بعد الانقلاب السياسى الذى قامت به هيئات سياسية مسيحية على السلطة المركزية.
ويستخلص، أن التجارب الإسلاموية الفاشلة فى المنطقة، أفضت إلى تغذية الانطباع العام السائد حول مآل الأنظمة الدينية فى التداول الإسلامي، سواء تعلق الأمر بالسنة أو الشيعة، حيث اعتبر أن هذه التجارب تسلط الضوء على حدود اليوتوبيات المرتبطة بالمثالية السياسية الدينية التى يتأكد للجميع أنها مستحيلة التحقق.